تسير العلاقات بين الأردن وإسرائيل نحو الأسوأ، إذ ترك السفير الإسرائيلي عمّان متوجّهًا إلى تل أبيب وحاملًا رسالة احتجاج من الحكومة الأردنية على الانتهاكات المنظمة بحق المسجد الأقصى، إلا أن تل أبيب قالت إنه عائد إلى عمّان بعد دفن أبيه.


أيمن الزامل من عمّان: يبدو أن العلاقات الأردنية الإسرائيلية أخذت منعطفًا جديدًا، بعد التوتر الذي حدث، نتيجة مُطالبة مجلس النواب الأردني منذ أسبوعين الحكومة بطرد السفير الإسرائيلي في عمّان، وسحب سفيرها من تل أبيب، احتجاجًا على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة بحق المسجد الأقصى والقدس، إذ استدعت الخارجية الأردنية السفير الإسرائيلي في عمّان دانيال نييفو، وسلمته رسالة احتجاج على ما يقترفه المستوطنون اليهود من تدنيس لباحات الأقصى.

ووفق الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية الدكتور محمد المومني، فإن نييفو غادر عمّان، بعد تسلمه رسالة الاحتجاج من الحكومة الأردنية، إلا أن المصادر الصحافية العبرية قالت إن مغادرة سفير بلادها جاءت بسبب وفاة والده، مؤكدة عودته خلال الأيام المقبلة إلى عمّان لمزاوالة مهامه.

عقاب إسرائيلي
من جهته، قال المحلل السياسي ماهر أبو طير: quot;لقد بدأت سفارة إسرائيل في عمّان سلسلة من الإجراءات العقابية ضد كل من يطلب تأشيرة سفر من جانب الفعاليات السياسية والنقابية، التي تريد زيارة الفلسطينيين في الضفة الغربية، وهذه الإجراءات جاءت على خلفية الهجمة الأردنية على إسرائيل وسفيرهاquot;.

أضاف: quot;قبل يومين، تم رفض عشرات الطلبات لأردنيين ينتمون إلى إحدى النقابات المهنية، كانوا سيشاركون في نشاط في الضفة الغربية، ولا يمكن الوصول إلى الضفة الغربية إلا بتأشيرة إسرائيلية، وفي حالات محددة عبر التنسيق مع السلطة الوطنية الفلسطينية، التي تنسّق مع تل أبيبquot;.

يشار إلى أن صحيفة هارتس الإسرائيلية نقلت قبل يومين قول مسؤول في حكومة بنيامين نتايناهو إن نوابًا أردنيين يشتمون إسرائيل، لكنهم يطلبون تأشيرات لزيارتها.

الرد الأردني
رأى أبو طير أن ما تم تداوله في الإعلام الإسرائيلي هو بمثابة تهديد مبطّن بوقف الحصول على تأشيرات من أجل السفر إلى الأراضي الفلسطينية، ودعا الأردنيين إلى شنّ حملة مقابلة لمنع دخول الإسرائيليين إلى المملكة، ليس من باب المعاملة بالمثل، لأن المعاملة بالمثل تعني هنا التصرّف من باب الثأر، وكأن الأردنيين يتوسّلون المزيد من التأشيرات، والمفترض هنا أن يستقر المبدأ، لا أن يتقلب وفقًا لتصرفات الجانب الإسرائيلي.

وأشار أبو طير إلى أن دخول الإسرائيليين إلى الأردن هو مشكلة كبيرة، quot;وسياحتهم تتطلب جهدًا أمنيًا، وتجوالهم توطئة دينية لادّعاء ملكيتهم للمكان، واقتصادهم مسموم وغير آمن في منتجاته ولا غاياته، وإنفاقهم بخيل جدًا، لأنهم يأتون معهم حتى بزجاجة الماء، فلماذا نسمح لهم بالدخول، فوق ذلك فهم غاصبون ومحتلون، ويعتبرون الأردن جزءًا مؤجّلًا من إسرائيل الكبرىquot;.

شعارات الشارع
يلاحظ متابع المشهد السياسي الأردني على المستوى الشعبي أن القدس ومقدساتها تصدرت شعارات المسيرات الأسبوعية في مختلف المدن الأردنية.

فقد خرجت المسيرات بشعارات أكدت رفض أية مبادرة تهدف إلى التنازل عن الثوابت الفلسطينية، وفي مقدمها حق العودة، والتنديد بأية إجراءات تهدف إلى توطين الفلسطينيين في دول الشتات، وباستمرار الانتهاكات الإسرائيلية للمسجد الأقصى، واستنكار نهج الحكومة في التعاطي مع اتفاقية وادي عربة للسلام بين الأردن وإسرائيل، مطالبين رئيس الوزراء عبدالله النسور ومجلسي النواب والأعيان باتخاذ موقف حازم من الممارسات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى وكل المقدسات فيها، وفي كامل الأراضي الفلسطينية، مؤكدين على ضرورة إغلاق السفارة الإسرائيلية في عمّان، وطرد السفير وإلغاء معاهدة وادي عربة.

وأكد المشاركون في المسيرات الشعبية أن التمسّك بنهج المقاومة هو الطريق الوحيد لتحرير فلسطين وعودة اللاجئين إلى ديارهم وأراضيهم التي انتزعوا منها، منددين بالتجاهل الرسمي لقضيّة الأسرى الأردنيين، الذين يخوضون معركة الأمعاء الخاوية في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية شهر أيار (مايو) الجاري.

تحذيرات إسرائيلية
على الضفة الغربية لنهر الأردن، أكدت جمعية عير عاميم (مدينة الشعوب) الإسرائيلية في تقرير أصدرته، ووصلت إلى quot;إيلافquot; نسخة منه، أن أعمال العنف والاستفزازات المنطلقة من خلفية قومية متطرفة وأيديولوجية عنصرية ضد الفلسطينيين في القدس تحوّلت في الآونة الأخيرة إلى ظاهرة خطيرة، تتطلب موقفًا ومعالجة جادين من جانب الحكومة الإسرائيلية، خصوصًا بعدما وصلت المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال والمستوطنين من الضفة الغربية إلى شوارع القدس.

وقال التقرير: quot;إذا كانت حوادث تدنيس المساجد وكتابة الشعارات المشينة وإتلاف وتخريب الممتلكات الفلسطينية والاعتداءات الجسدية على مواطنين فلسطينيين قد وقعت بشكل رئيس في ما مضى في القرى القريبة من المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، فقد سجل خلال الأعوام 2011- 2013 عدد كبير من الأعمال والاعتداءات المشابهة داخل إسرائيل، ولا سيما في مدينة القدسquot;.

يضيف التقرير أن هناك مجموعات متطرفة لديها نظرية منظمة تدمج بين عقيدة تبرر إيذاء الفلسطينيين، وبين أساليب وخطط عمل تقوم على العنف، مشيرًا إلى أن معهد عود يوسيف حايالديني، الذي يترأسه الحاخام المتطرف إسحق غينزبورغ في مستوطنة يتسهار القريبة من نابلس، يشكل أحد المراكز الرئيسة التي تبث هذه النظرية.

وكان حاخامو هذا المعهد قد أصدروا كتابًا بعنوان quot;توراة الملكquot;، تضمن فتاوى ومبررات تبيح قتل العرب. ونشر الحاخام يوسف أليتسور، أحد المشاركين في تأليف الكتاب، مقالًا فصّل فيه التكتيكات والأساليب التي ينبغي إتباعها.