بعد طرده من فريق بلدته لكرة القدم في إحدى القرى البلجيكية، انتقل الشاب بريان دي مولدر للقتال في سوريا ضد نظام الأسد، وذلك بعد اعتناقه الاسلام وتأثره بتنظيمات سلفية، إلا أن عائلته مازالت تعيش على أمل عودته.


بيروت: مثل العديد من الفتيان في أنتويرب - بلجيكا، كان بريان دي مولدر يريد أن يصبح لاعب كرة قدم محترفاً، وكان يسعى دائمًا للانضمام إلى فريقه المفضل quot;برشلونةquot;.
قبل عامين، كان براين (17 عاماً) من بين عدة شبان طردوا من فريق كرة القدم المحلي في بلدتهم الذي يعاني من ضائقة مالية. وقالت أسرته إن هذا الأمر كان بمثابة صدمة لابنهم الذي شعر أن حلمه انتهى. لكن ما حدث بعدها لم يكن متوقعاً.
بريان شاب كاثوليكي هادئ طويل القامة، كان يعرب دائماً عن اعتزازه بتراثه المختلط، فوالدته برازيلية وكان غالباً ما يرتدي صليباً أبيض حول رقبته، وهو هدية من والدته قدمته إليه عندما كان طفلاً.

إعتناق الاسلام
لكن بعد فترة قصيرة، تلقى بريان دعوة من مجموعة من المراهقين المغاربة للعب في فريقهم، فاغتنم الفرصة وصار يتسكع معهم يومياً إلى أن بدأ بمرافقتهم إلى المسجد، فسموه إبراهيم، وفقاً لما تقوله شقيقته الأكبر سناً، برونا رودريغيز لصحيفة الـ quot;تايمquot; الأميركية.
في وقت لاحق، قالت برونا إن شقيقها اعتنق الاسلام وغيّر اسمه إلى أبو قاسم البرازيلي، وفاجأ والديه بالتحول المفاجئ، لكن الأسرة الليبرالية قررت ألا تعترض على خياره.
quot;ظنت والدتي أنها كانت مرحلة مراهقةquot;، قالت رودريجيز (25 عاماً) نقلاً عن والدتها التي رفضت التحدث في الموضوع، مشيرة إلى أنها كانت تأمل في أن يعود إلى سابق عهده مع التقدم في السن معتبرة أنها مرحلة وسوف تمر.
كان بريان طالباً جيداً، لكن التوترات اندلعت في المدرسة عندما بدأ الشاب باتهام غيره من المسلمين بأنهم quot;غير أتقياء بما فيه الكفايةquot;، فغادر قبل ثلاثة أشهر من تحصيل شهادته.
عندما بلغ سن الثامنة عشرة، كان بريان قد تعلم اساسيات اللغة العربية وأصبح يصلي خمس مرات في اليوم، وفقاً للتعاليم الإسلامية، لكنه لم يكن متطرفاً على الإطلاق وفقاً لعمته انغريد دي مولدر التي اعتبرت أن اعتناقه الإسلام كان فلسفياً ومن أجل التعلم.

لا أصدقاء من خارج الاسلام
في منتصف عام 2011، بدأ بريان بإقصاء أصدقائه من غير المسلمين، حتى أنه حذفهم من صفحته الخاصة على موقع الفايسبوك، مفضلاً أن يصادق المسلمين المؤمنين في بلدتهم، من بينهم فؤاد بلقاسم، وهو زعيم تنظيم سلفي محلي يدعى quot;الشريعة لبلجيكاquot;.
بعد ان استعرت الحرب الأهلية في سوريا على مدى 26 شهراً، وسقوط آلاف القتلى وتشريد الملايين، عملت الشبكات السنية المتطرفة مثل تنظيم بلقاسم على تحويل الشباب إلى نهج أكثر تطرفاً وإرسالهم إلى ساحة الصراع الطائفية للمشاركة في القتال ضد قوات الرئيس السوري بشار الأسد.
وتصر عائلة بريان على أن بلقاسم quot;غسل دماغ بريان وحوّله من مراهق طبيعي إلى روبوت مبرمج في أشهر فقطquot;.

انضمامه إلى القتال في سوريا
في ليلة في منتصف كانون الثاني (يناير)، هرب بريان تاركاً لشقيقته رسالة يقول فيها: quot;أنا أحبك، ولكنك لن تريني مرة أخرى أبداًquot;. قامت العائلة بالابلاغ عن شخص مفقود، لكن بريان لم يكن قاصراً، كما تم إخطارهم في وقت لاحق بأنه كان على متن الرحلة الجوية ليلة 23 (يناير) كانون الثاني من دوسلدورف الى اسطنبول.
في أواخر شباط (فبراير)، كانت شقيقة بريان قد غاصت في أعماق يوتيوب، تحاول أن تبحث عن أثر لأي مقاتل فلمنكي في لقطات الفيديو التي تتسرب من سوريا، إلى أن وجدت شريطاً مصوراً يظهر فيه عدد من المقاتلين الأجانب الذين وضعوا بنادقهم جانباً من أجل تأدية الصلاة، وكان شقيقها بريان من ضمنهم.
كان شريط الفيديو دليلاً على أنه كان على قيد الحياة، لكنه أيضاً تذكير رهيب بأنه قد يجتمع مع الموت في أي لحظة.

تأثير الانترنت
quot;شبكة الإنترنت هي عامل مؤثر في جذب الشباب إلى الحرب في سوريا لأنهم يتابعون مشاهد مؤذية وتصلهم دعوات للجهاد من مجموعات متطرفة، وهذا تأثير قوي للغاية على المراهقينquot;، يقول كلينت واتس، باحث في الامن الداخلي في جامعة جورج واشنطن، مشيراً إلى أن هذا ما حدث مع الشاب دي مولدر وصديقه جيجون بونتيك (18 عاماً) الذي انضم للقتال في سوريا ايضاً، وسافر والده إلى حلب للبحث عنه من دون أن يحالفه الحظ.

الأمل بالعودة
عائلة بريان توقفت عن مشاهدة نشرات الأخبار المسائية لأنها لا تريد أن تشاهد تقريراً يعلن عن وفاة ابنها، وتأمل والدته في أن يعود إليها. لكن هذا الامل ليس مشتركاً فالعديد من مسؤولي مكافحة الارهابفي الاتحادالأوروبي يقولون إن المقاتلين الذين يرغبون في العودة يشكلون تهديداً للأمن القومي وأن عودتهم غير مرحب بها.
سمعت العائلة عن بريان للمرةالاولىفي أواخر نيسان (أبريل) عندما بعث لشقيقته برسالة عبر فايسبوك، رداً على عشرات الرسائل التي طلبت فيها منه أن يعود إلى البيت والعائلة، لكنه أجابها أنه لن يعترف بعائلته بعد الآن ما لم تتحوّل إلى الإسلام وتنضم إليهquot;.
يوم 18 أيار (مايو)، اجتمعت الأسرة للاحتفال بعيد ميلاد بريان العشرين في غيابه. وتقول شقيقته إنهم يحاولون الحفاظ على معنويات عالية، منتظرين رسالة منه، لكنها ليست متفائلة.