يستغل السلفيون الجهاديون في سيناء المصرية، حالة الفقر والغضب المتنامي تجاه حكومة الاخوان المسلمين بسبب تفصّيها من تعهداتها تجاه تلك المنطقة المضطربة. ويقول بدو سيناء إنّ مرسي لم يفِ بالتزاماته وأنّه بات مجرّدًا من السلطات.


لميس فرحات من بيروت: بعد أسبوع من اختطاف الجنود السبعة المختطفين على أيدي المتشددين في سيناء، احتفل الرئيس محمد مرسي بعودتهم في القاعدة الجوية بالقاهرة، حيث نسب الفضل في إنقاذهم للتعاون بين الحكومة والجيش.

لكن قادة القبائل البدوية شمال سيناء قالوا إن حكومة مرسي عاجزة ولم تفعل الكثير لإنقاذ الجنود، مشيرين إلى أنهم هم من قادوا المفاوضات لحل أزمة الرهائن خوفاً من تأثير ذلك على علاقتهم مع الجيش الذي يتجاهل عمليات التهريب ونشاط المتشددين في سيناء طالما لا يتخطون حدودهم مع الجنود.

لا سلطة لمرسي

حادث اختطاف الجنود أبرز اتساع تواجد المتشددين في سيناء - المنطقة الممتدة على طول الحدود المصرية المشتركة مع إسرائيل وقطاع غزة - كما سلط الضوء على عجز مرسي عن وقف العنف المتزايد في المنطقة التي تعاني من انفلات أمني كبير وانعدام القانون بعد عامين من اندلاع الثورة.

غضب البدو

نتيجة لتقليص وجود الجيش في سيناء وفقاً لاتفاقية كامب ديفيد عام 1979، تولت وزارة الداخلية المهام الأمنية في سيناء، ما أدى إلى آلاف الاعتقالات التعسفية بين أبناء سيناء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك.

وكرد فعل انتقامي، هاجم المسلحون مراكز الشرطة وقواتها في معظم أنحاء سيناء بعد الثورة.

ومنذ ذلك الحين، كان للجيش دور ملموس في سيناء، وإن كان تواجده محدوداً إذ أنه لم يستطع إخماد العنف والهجوم على مراكز الشرطة وتفجير خط أنابيب الغاز الذي يمد إسرائيل والأردن.

في هذا السياق، قال حسن منيعي زعيم قبيلة السواركة، الذي توسط للإفراج عن الجنود المختطفين بين الجيش والسلفية الجهادية، إن استمرار عجز مرسي في السيطرة على سيناء أدى إلى زيادة العنف والأحداث الخارجة عن القانون، والتي كانت أيام حكم مبارك من اختصاص الجيش والمخابرات.

وأضاف في حديث مع صحيفة الـ quot;واشنطن بوستquot; أنه وفقاً لاتفاقية السلام، كان محظورًا تواجد الأسلحة ومعدات الجيش في سيناء، وكانت وزارة الداخلية والمخابرات تقوم بالقبض التعسفي على الكثيرين في سيناء، لكن خلال ثورة 2011 طارد رجال القبائل الشرطة في كل سيناء، ومنذ ذلك الحين لم يكن هناك وجود ملموس سوى للجيش وإن كان محدوداً بعض الشيءquot;.

عنف متزايد

خلال تلك المرحلة، ارتفعت معدلات العنف والهجمات على مراكز الشرطة وخطف السيّاح وإطلاق الصواريخ على إسرائيل، الأمر الذي يعبر عن غضب المتشددين في القبائل البدوية من الدولة المصرية.

في ظل هذا الوضع المشتعل، يسعى الرئيس مرسي وجماعة الإخوان إلى تهدئة غضب أهل سيناء نتيجة معاناتهم من الإهمال والتمييز والاضطهاد، فقدموا الوعود بتطوير سيناء للمساواة بين البدو وباقي الشعب المصري وتحقيق التنمية وتنفيذ المشاريع الواعدة.

مرسي يتودّد إلى سيناء

منذ توليه منصبه، زار مرسي سيناء ثلاث مرات، واستضاف العديد من زعماء القبائل البدوية في القاهرة، وهي مبادرات لم تشهدها البلاد بهذه الكثافة طيلة العهد السابق.

ومع ذلك، يرى زعماء القبائل أن مرسي لم يفعل سوى القليل لتنمية سيناء كما أنه لم يستجب حتى الآن لدعواتهم لإطلاق سراح أبنائهم القابعين في المعتقلات.

يقول المنيعي إن مرسي لم ينفذ شيئاً من وعوده، وأنه غير قادر على فعل أي شيء، وأن وجود الجيش أقوى بكثير من وجود مرسي في سيناء.

وأشار إلى أنه اجتمع باثنين من قادة الجيش واثنين من الخاطفين التابعين للسلفية الجهادية في بيته، وتكلم على انفراد مع الخاطفين وأقنعهم بتسليم الجنود لأن quot;اضرار هذا الحادث أكثر من فوائدهquot;.

quot;مرسي لا يصلح حتى لبيع البطاطا فى السوق. القوات المسلحة أقوى منه، وأنا لم أتوسط في عملية إطلاق سراح الجنود بسببه ولا حتى بسبب تعاطفي مع الجنود. قمت بذلك لأسباب شخصية لأن هذه الحادثة قد تدمر العلاقة بيننا وبين القوات المسلحةquot;، بحسب المنيعي.

مطالب الحكم الذاتي

من جهته، قال أبو أشرف وهو أحد القادة بقبيلة السواركة، إنه لا بد للحكومة المصرية quot;أن تسيطر على سيناء بيد من حديد أو تتركها للفراغ الأمنيquot;، مضيفاً أن quot;عمليات الخطف والهجوم على مواقع الجيش ستستمر حتى تسلم الحكومة الحكم الذاتي للبدوquot;.

وأضاف: quot;مرسى لم يقم بالكثير للوفاء بوعود التنمية أو دمج البدو في المجتمع المصري، ولم يوافق على طلباتهم بالعفو عن آلاف البدو المعتقلين أو الهاربين منذ عهد مباركquot;.

السلفية تسدّ الفراغ

ويقول قادة القبائل إن الشباب الفقير والمحبط في المنطقة يتأثر بشكل متزايد بنداءات المتشددين للجهاد الذين يديرون الآن سيناء مع تدخلات ضئيلة من الدولة.

ويبدو ذلك واضحاً في التقارير التي تشير إلى أن السلفية الجهادية قد كثفت عمليات تجنيد الشباب مؤخراً.

وعلى الرغم من اعتماد سيناء على الجيش في تحقيق الاستقرار، إلا أن الجيش لم يستطع تقديم أي شيء لتنمية سيناء ورفع الروح المعنوية بين أبنائها، كما فشل في التصدي للنفوذ المتنامي للجماعات المتشددة في شبه الجزيرة.