يعيش الغزيون حالة من الخوف بسبب تكرار حوادث العنف الأسري،وغياب الوازع الديني وتفكك الروابط الاجتماعية. وكان الشهر الحالي شهد عشرين حالة قتل منها المتعمد ومنها الناجم عن ظواهر انتحار مختلفة.


غزة: رحلت المواطنة نوال قديح على يد حماتها وابنتها، ورحل الإعلامي معتز أبو صفية وعمه المحامي بيد أشقائهم، ولم تشفع سنوات العمل الطويلة للحاج أمين شراب فدفع حياته على يد أحد السارقين. حوادث قتلٍ متنوعة شهدتها غزة في الآونة الأخيرة، والجميع يطالب بأخذ القصاص من الجناة الذين نفذوا حوادث القتل عن سابق إصرار وترصد.
عبرت الحكومة في غزة، على لسان الناطق باسمها أيوب أبو شعر، عن أسفها لجرائم القتل، وقال: quot;حالات عديدة شهدتها غزة، منها القتل المتعمد ومنها حالات الانتحار، وهذه الجرائم جنائية، وتم القبض على بعض الجناة، فيما نبحث بشكل متواصل عن قاتل مواطن يعمل في الصرافة بإحدى محافظات غزةquot;.
أضاف: quot;بالرغم من حالات القتل المؤسفة التي شهدتها غزة خلال هذا الشهر، إلا أن حالة الأمن والأمانما زالت مستقرة، وسنقتص من كل جناة بحسب القانون، بعيدًا عن حالات الثأر التي قد تتحول إلى جرائم موسعة ويذهب ضحيتها الأبرياءquot;.
وأكد أن تلك الجرائم حالات فردية، وليست ظاهرة نهائيًا، ومع ذلك لن نتهاون في تنفيذ أحكام الإعدام الصادرة عن المحاكم، لتحقيق الردع العام، لا سيما بعد مقتل صرّاف في خان يونسquot;.
حوادث مؤسفة
يعتبر المواطن علاء قديح أن جرائم القتل ليست جديدة على الشارع الغزي، quot;فثقافة القتل منتشرة منذ القدم، لكن الجديد أن هذه الظاهرة قد انتشرت بطريقة أثارت خوفنا، ما جعلنا نعيش أجواء الترقب بعد مقتل قريبتنا نوال قديح على يد حماتها وابنتها، فقد استيقظنا على جرائم مروعة قام بها أشخاص غاب عن ثقافتهم الوازع الديني، ذهبت من قلوبهم الرحمة، فقتلوا المغدورة نوال قديح الحامل في الشهر السابع من دون سبب واضحquot;.
اضاف: quot;مهما كان هناك أمن وأمان في غزة، فهذه الجرائم بدأت تثير القلق، وأصبحنا نخشى على أنفسنا من دائرة العنف الأسري التي تمتد إلى حالات ثأر غاضبةquot;.
العنف الأسري في غزة ناتج من غياب الرقابة الأسرية، ما يُعطي المجال أمام الضعفاء ليرتكبوا العديد من الجرائم من دون محاسبة حقيقية من قبل الداخلية في غزة.
ويختم قديح قائلًا: quot;يجب أن تمتد يد القانون إلى الجميع، فلا تقف عند حدود العائلات الكبيرة فيتجمد القصاصquot;.
قانون بلا تنفيذ
يخشى مواطنو غزة أن يصير القتل شيئًا عاديًا، يتعامل به الناس وكأنه روتين يومي في حياتهم. تقول المواطنة الفلسطينية ابتسام: quot;عشنا أيامًا طويلة من الخوف، فأصبحنا نلازم بيوتنا بسبب المشاكل التي تفشت بيننا وبين عائلة أخرى، ما أوقع قتيلًا شابًا، وانتشرت هذه الجرائم لأننا ابتعدنا عن ديننا الإسلامي الذي يحرم القتل بكل أشكاله، كما غابت عنّا ثقافة الحب، وأصبح كل إنسان يريد أن يتخلص من مشاكله يفتعل المشاكل، ومن ثم تتحول القضية إلى تهجير للعائلات ومطالبة بالقصاص والقانون غائب عن التنفيذquot;.
تضيف: quot;العنف ضد المرأة موضوع قديم حديث، ولا يمكن أن نربطه فقط بمدينة معينة من العالم، وغزة كحال أي مدينة متعددة الثقافات، وبالتالي العنف الذي تشهده المدينة ليس جديدًا، لكنه يزرع الخوف في داخلنا كنساء أكثر من غيرناquot;.
الحلقة الأضعف
يعلق الدكتور فضل أبو هين على هذه الجرائم قائلًا إن غياب الوازع الديني هو السبب الرئيسي لأية جريمة يشهدها أي مجتمع، فإذا ما توفرت أسباب وأدوات الجريمة، وغاب الخوف من القتل سيقوم القاتل بالجريمة.
يضيف: quot;ما يجب أن نؤكده هنا أن جرائم القتل في غزة ليست منظمة، ولا يُنظر إليها على أنها جرائم منظمة، وإنما هي عشوائية تأتي من باب السرقة، والمشاجرات العائلية وكذلك العنف الأسري، وضحايا هذا العنف غالبًا ما يكونون من كبار السن ومن النساء، وهنّ مستهدفات لأنهن الحلقة الضعيفة في المجتمع الغزيquot;.
وتابع: quot;القانون موجود ولا يحتاج إلا للتطبيق، وهذا التطبيق لا يأتي كلامًا إنما يجب أن يكون على أرض الواقع بتنفيذ أحكام الإعدام في من تدينه المحكمةquot;.
أما عن ازدياد حالات الانتحار فيقول: quot;ما يمكن أن نسميه قتلًا للنفس هي حالات انتحار يخطط صاحبها للموت، وتكون النتائج إما الموت أو الإصابة بجروح متفاوتة، بالإضافة إلى الحالة النفسية السيئة التي تلحق بالشاب المنتحر، وأبرز الأسباب غياب الدين والوضع الاقتصادي المترديquot;.
ومن الجدير بالذكر أن الشهر الحالي قد شهد حالات قتل غريبة أربكت الساحة الغزية، فيما أجمعت شرائح المجتمع على أن هذه الجرائم إن مرت من دون قصاص فإنها ستهيّئ المجتمع لجرائم قادمة.