يشكل كل من أحمد سيار والمدون الزيادي حالتين أساسيتين داعمتين لتحركات المعارضة في الكويت. إذ يشعل الأول (سيار) التجمعات بقصائده الحماسية التي تسبب صداعًا للسلطة، في حين اختار الآخر (الزيادي) أن يكون قلم المعارضة عبر مدونته المواكبة للحراك.


منى الشمري: إذا كان للحراك الشعبي المناهض للحكومة في الكويت جناحان يحلقان بمطالب الشعب وأحلام المعارضة بمختلف تياراتها فلا شك أن أحدهما هو الشاعر أحمد سيار، الذي يشعل المسيرات والتجمعات المعارضة بأهازيج وقصائد وطنية تبث الحماسة في قلب كل المشاركين وتسبب ازعاج للسلطة، وأما الجناح الثاني فهو المدون الزيادي الذي تعتبر مدونته قناة مرئية تنقل بالصورة والصوت مباشرة أحداث الحراك والمسيرات وندوات المعارضة وبرناجها اليومي أولًا بأول متفوقًا على الإعلام التقليدي الذي يحابي الحكومة، ويتجاهل تغطية أنشطة الحراك، وقد حقق أرقامًا خيالية في نسبة المشاهدة من المتابعين، وصلت إلى 21 مليون مشاهد لمدونة الزيادي.

يشار إلى أن أحمد سيار شاعر شعبي بسيط وعفوي، لم تفسد الشهرة تواضعه، ولم تنل من نبل أخلاقه النجومية، بعدما تحوّل إلى شاعر الحراك الشعبي والصهيل المدوّي في كل مسيرات quot;كرامة وطنquot;، التي خرجت في الشوارع تردد وراءه القصائد الوطنية متحديًا السلطة بكل قوة، متمردًا في حق الوطن، شاب في الثلاثين من العمر هو لا يساوم، تنتظره 35 قضية في المحاكم، وبسبب نشاطه السياسي فقد وظيفته منذ عام ونصف عام، وهو أب لستة أبناء، وظل محتفظًا بابتسامته التي تشع تفاؤلًا بالمستقبل.

توزيع أدوار
يتحدث سيار عن سبب وسر انضمامه إلى احراك الشعبي قائلًا quot;اتجهت نحو القصيدة السياسية حين انتشر الفساد أو بمعنى آخر فاحت روائحه، وكنت أخرج مع مجاميع شبابية إلى ساحة الإرادة وساحة الصفاة لنرفع أصواتنا عالية ضد كل فاسد، لنحشد الناس إلى مكتسبات وطن تسرق، وإلى أموال الشعب التي تنهب، وإلى دستور أمة يغتال إن لم نتحرك جميعًا، وحقيقة هذا هو هدف الشباب منذ اللحظة الأولى لوقف كل الانتهاكات الدستورية وغيرها، وأسسنا روابط مشتركة بيننا وكوننا مجموعات، وزّعنا الأدوار في ما بينها ما بين مصورين ومدونين وموثقين وقانونين ومغردين وغيرهم، إلى أن وصلنا إلى المرحلة الأخيرة بأعداد كبيرة ومنظور شامل لعملنا السياسي ولدورنا الوطني.

وعن علاقته برموز المعارضة بشكل عام، ومسلم البراك خاصة، ومن كتب فيهم قصائد، قال quot;يجمعني بهم جميعًا وطن ورؤية موضوعية للوطن والمواطن من حيث الحقوق والواجبات. أما علاقتي بالنائب السابق مسلم البراك فلا تختلف عن علاقتي بأي مواطن يسعى إلى خدمة قضايا وطنه المنتهكة على أكثر من صعيد، وما يميز البراك هو جرأة الطرح وقوة الصبر ونظافة اليد، وبالتالي هي علاقة وطن وحب ومرجلة وكرامة، وقد كتبت القصيدة للبراك ولغيره من رموز المعارضة، ولن أتوقف عن دعم الحراك الشعبي وكل فرد يقف مع الكويتquot;.

35 قضية
أمام أحمد سيار ما يقارب 35 قضية مرفوعة ضده من أجهزة الدولة، وينظر القضاء فيها، أهمها التعدي على الذات الأميرية والإستهزاء بالذات الأميرية، والتقويض على قلب نظام الحكم، وغيرها الكثير.

وكشف أنه خسر وظيفته بسبب نشاطه السياسي قائلًا quot;خسرت وظيفتي بسبب نشاطي السياسي منذ سنة ونصف سنة، رغم أنني أب لستة أبناء، لكن كل شيء من أجل الوطن يهونquot;.

يرفض سيار ما يطرحه البعض عنه وبأنه يؤيّد الحراك من أجل الغالبية في ما يسمى quot;بالفزعة القبليةquot;، مؤكدًا quot;أنا ابن الحراك كله لا أنتسب إلى تيار على حساب آخر، ولا إلى كتلة دون غيرها، لأنني مؤمن بأن الدور الذي أقوم به بتجرد هو دور وطني خال من القبلية والطائفية، وأنني quot;عود في حزمةquot; تخدم الكويت.

ويضحك ساخرًا ممن يردد أن مسلم البراك يدفع له، بقوله quot;لا ألتفت إلى قضايا هامشية مثل هذه، فما يدفعني لأطوّع ملكة الشعر للحراك ورموزه هو الإحساس بالمسؤولية، وأفرغ ما بقلبي على الورق بكل حب وصدق، لهذا يتلقفه الناس، لأنه من قلب موجوع ومحب لوطنه، وقد نالت قصيدة quot;وطن أهواكquot; شهرة واسعة لهذا السبب.

المدون الأشهر
من جانب آخر يقول الزيادي صاحب المدوّنة المرئية الأشهر quot;إن البداية كانت العام 2009 عبر قناة على يوتيوب وصفحة على فايسبوك لتغطية الأحداث المحلية التي كانت محدودة جدًا، حتى حادثة ديوان الحربش، التي شهدت إقبالًا كبيرًا من مستخدمي يوتيوب لمشاهدة واقعة ضرب نواب مجلس الأمة، وهو الحدث الأبرز الذي تجاهلته وسائل الإعلام التقليدية، فجاءت فكرة إنشاء مدونة تعنى بالحدث، وتقدمه بالصوت والصورة، لتغطي النقص.

فعليًا انطلقت مدونة الزيادي في أغسطس/آب 2012 من قبل فريق عمل شبابي يتابع الأحداث، ويتولى الاهتمام بأقسام المدونة المتعددة، وتصنيفاتها 17 بابًا، وأهمها السياسي، وكل حسب اهتماماته ومهاراته الفردية التي تخدم المدونةquot;.

قبل تويتر وبعده
ولعب تويتر دورًا في استقطاب المتابعين للمدونة، حيث كانت مشاهدات مقاطع الفيديو قبل تويتر في أفضل الحالات تصل إلى مليونين، وبعد تويتر تضخم العدد ليصل إلى 21 مليون مشاهد.

يعترف الزيادي أنه حين بدأ العمل لم يخطر في باله أن يكون أحد الاجنحة التي تحلق بالحراك الشعبي وتزيد التفاعل معه، قائلًا quot; في برلمان 2012 ومع نجاح المعارضة الساحق ظهر تفاعل كبير مع المدونة، لكن للأمانة لم أتوقع نهائيًا الوصول إلى هذا الموقع من الشهرة كجناح إعلامي للحراك الشعبي، وبهذه القوة من الانتشار، ففي البداية لم يكن هذا من الأهداف التي أسعى إليهاquot;.

عن علاقة المدونة بالمعارضة ككل، والغالبية تحديدًا، يقولquot; لا توجد علاقة بين المدونة وبين أي من القوى السياسية سوى أنها عملت بمهنية عالية على تغطية أنشطتهم وفعالياتهم التي تتجاهلها الصحف والقنوات الرسمية وإيصال صوت من كان بالكاد صوته يصل عبر تقارير ومقاطع فيديو تتابع الحدث لحظة بلحظة فيشاهدها مئات الآلافquot;.

تنسيق مع المعارضة
لكنه يعترف أن التنسيق بين المدونة والمعارضة أمر لا بد منه لمواكبة الأحداث أولًا بأول، والتركيز لا يكون على حدث بعينه، ولكن على متابعة الأحداث ومساحتها، وهذا ما يحدده الحدث نفسه، مثل أن تكون قضية رأي عام، كمحاكمة النائب السابق مسلم البراك، بسبب خطابه لسمو الأمير، حيث كان هو الحدث الأول لأيام متتالية عدة، واستقطب زوارًا للمدونة ومشاهدين بأعداد خيالية من الكويت ومن دول عدة، أبرزها السعودية، التي دائمًا تأتي في المركز الثاني في إحصائيات مشاهدي تقارير الحراك الشعبي في الكويت.

وحول أكثر المقاطع التي شهدت متابعة غير مسبوقة، قال quot;كثرة مشاهدة المقاطع تكون حسب قوة الحدث، وكان أبرزها مقطع لقصيدة للشاعر أحمدسيار العنزي في ليلة الحكم على مسلم البراك quot;طز بشنب رجال ما يفتخر فيكquot;، التي ألقاها في تجمع quot;لا للمحاكمات السياسيةquot; عشية الحكم على البراك بالسجن خمس سنوات، حيث حصدت هذه القصيدة أكثر من 3 مليون ونصف مليون خلال أيام معدودة، وأيضًا فيديو خطاب البراك لسمو الأمير، الذي قارب مليون مشاهدة، رغم أن مدته لا تتجاوز 40 دقيقةquot;.

هاجسها الوطن
وينفي الزيادي أن تكون واجهته أية ملاحقات قضائية، كما ينفي في الوقت نفسه أن تكون مدونته تنتمي إلى المدونات التي تدعم الغالبية من باب الفزعة القبيلة، فيقول quot;غير صحيح، فالغالبية بشكل خاص، والمعارضة بشكل عام، مكونة من أطياف متنوعة عدة، لا يربطها أي رابط قبلي أو طائفي، بل هاجسها الوطنquot;.