أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أن بلاده ستواصل العمل مع جميع الجهات إقليميا ودوليا لإيجاد حل انتقالي شامل للازمة السورية، ينهي معاناة الشعب السوري ويضع حدا لتفاقم الأزمة، التي ينذر استمرارها بتفجر الأوضاع في المنطقة.


لندن: حذر الملك عبدالله الثاني الذي يواصل زيارة بدأها الثلاثاء لبريطانيا من التداعيات الخطيرة للأزمة السورية على دول الجوار والمنطقة ككل في ظل التدهور المستمر وتصاعد حدة العنف والاقتتال، ما فاقم من معاناة الشعب السوري.

وأكد ان الأردن يعمل بكل طاقاته وبالتعاون والتنسيق مع دوائر صنع القرار المؤثرة في العالم للتعامل مع هذه التحديات بهدف حماية المصالح الأردنية، وترسيخ أمن واستقرار المنطقة.

خلال لقاء مع مجموعة من القيادات السياسية والفكرية والأكاديمية البريطانية في لندن الخميس شرح العاهل الأردني موقف بلاده من مختلف القضايا والتحديات غير المسبوقة التي تواجه منطقة الشرق الأوسط في المرحلة الراهنة.

وأكد ان الأردن، وفي الوقت الذي يبذل فيه جهودا كبيرة لتقديم خدمات الإغاثة للاجئين السوريين الذين زاد عددهم عن نصف مليون، سيواصل مساعيه وبالتعاون والتنسيق مع المجتمع الدولي لإنهاء الأزمة ووقف تداعياتها وبما يحافظ على وحدة سوريا وتماسك شعبها.

انهاء الصراع

وفيما يتعلق بجهود تحقيق السلام وإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أكد العاهل الأردني مجددا على مركزية القضية الفلسطينية، بالرغم من الظروف السائدة في المنطقة، وضرورة دعم ومساندة كل الجهود لحلها بشكل عادل ودائم يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة ويلبي تطلعاته في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وفق حل الدولتين.

ولفت في هذا الاطار إلى الجهود التي تبذلها الإدارة الأميركية والتي يقودها وزير الخارجية جون كيري لكسر الجمود في عملية السلام ومساعدة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لاستئناف المفاوضات التي تعالج جميع قضايا الوضع النهائي.

وطالب العاهل الأردني إسرائيل خلال اللقاء بوقف سياساتها الأحادية، بما يساعد على تهيئة الظروف المناسبة لتحقيق دفع في العملية السلمية، محذرا من ان الاستمرار في هذه السياسات يقوض مساعي وفرص تحقيق السلام، ما سيكون له عواقب ومضاعفات خطيرة على دول المنطقة وشعوبها.

واستعرض الملك عبدالله الثاني خلال اللقاء مسيرة الإصلاح في الأردن، والمراحل التي قطعتها بدءا من التعديلات الدستورية التي شملت نحو ثلث الدستور، وتطوير القوانين الناظمة للحياة السياسية، وتشكيل هيئة مستقلة للانتخاب، وإنشاء المحكمة الدستورية، وما تبع ذلك من انتخابات نيابية جرت بكل شفافية ونزاهة مطلع العام الحالي، تعزيزا للنهج الديمقراطي والتعددية.

ولفت إلى ان الأوراق النقاشية التي طرحها مؤخرا تمثل محاولة لطرح مختلف القضايا على الساحة المحلية على طاولة النقاش والحوار، وتشجيع مختلف قوى المجتمع على الانخراط في مسيرة الإصلاح وصولا إلى توافقات تحظى بالأغلبية.

كلية الدرسات الدفاعية

إلى ذلك، أكد الملك عبدالله الثاني خلال محاضرة ألقاها الخميس في الكلية الملكية البريطانية للدراسات الدفاعية في لندن ان الأردن سيستمر بالعمل مع جميع الجهات إقليميا ودوليا لإيجاد حل انتقالي شامل للازمة السورية، ينهي معاناة الشعب السوري ويضع حدا لتفاقم الأزمة، التي ينذر استمرارها بتفجر الأوضاع في المنطقة.

وشدد الملك الأردني أمام نخبة من أساتذة وطلبة الكلية التي تحظى بسمعة عالمية كونها تعنى بإعداد قادة المستقبل وتزويدهم بقدرات معرفية وتحليلية عالية في مجالات الدفاع والأمن الدولي والتخطيط العسكري الاستراتيجي، على ان الأردن لن يدخر جهدا لوضع حد لمعاناة الشعب السوري، وبما يحفظ وحدة وتماسك سوريا ويجنبها خطر الانقسام والتفكك.

كما تناول الأعباء المتزايدة، والتي فاقت كل التوقعات، مما يتحمله الأردن نتيجة استمرار تدفق اللاجئين السوريين، داعيا المجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته، وعدم ترك الأردن وحيدا في التعامل مع تبعات هذا الأمر.

وطالب الملك عبدالله الثاني المجتمع الدولي والقوى الإقليمية المؤثرة بتغليب صوت الحكمة والعقل والمنطق على صوت الحرب والقتل والدمار، مؤكدا ان مستقبل شعوب المنطقة يجب ان لا يكون رهينة للمصالح الضيقة.

وتناول العاهل الأردني جهود تحقيق السلام في الشرق الأوسط، مشيدا في هذا السياق بالمساعي التي يبذلها وزير الخارجية الأميركي جون كيري والرئيس الأميركي باراك أوباما في ولايته الثانية، ومؤكدا ضرورة عدم إضاعة فرص تقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتعزيز إجراءات بناء الثقة بينهما وصولا إلى إحياء حقيقي لعملية السلام.

وأوضح ان إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني هو حق مشروع للشعب الفلسطيني، والأردن لن يدخر جهدا في مساندة الأشقاء الفلسطينيين لتحقيق ذلك.

وقال ان حل الدولتين سيبقى الحل الأمثل لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الذي يشكل حله مفتاحا لمختلف النزاعات في المنطقة، فيما سيؤدي استمراره بدون حل إلى تفاقم التوتر وتوسع دوامة العنف فيها.

وأشار الملك عبدالله الثاني في الختام، إلى ان القدس وحماية عروبتها ومقدساتها ستبقى أولوية هاشمية، سيبذل الأردن كل جهد ممكن للدفاع عنها.