تصف جهات أردنية محاولة إيران التقرب من الأردن بالفهلوة السياسية، وبمحاولة من الجمهورية الإسلامية لاستخدام عمّان في سوريا، على غرار ما تستخدم حزب الله لتنفيذ مآربها.


عمّان: جاءت أخبار الانتخابات الإيرانية ونتائجها عابرة في الإعلام الأردني، وذلك فيما يبدو إشارة إلى نهج رسمي يفضّل الابتعاد عن الشأن الإيراني، فلم تشهد الصحافة الأردنية زخمًا بالتحليلات لنتائج الانتخابات الإيرانية وأثرها على العلاقة بين طهران وعمان.

ويرى جهاد الرنتيسي، المحلل السياسي الأردني المختص بالشؤون الإيرانية، أن لا مجال للحديث عن أن الإصلاحي حسن روحاني سيقدم جديدًا في أداء النظام الإيراني تجاه الغرب، مشيرًا إلى أن هناك فوارق بين تجربة الملالي في إيران والإخوان في مصر، quot;فالأخيرة فضلت مهادنة الغرب لتجاوز عدم وجود المرشح التوافقيquot;.

ويستبعد الرنتيسي أن يؤدي انتخاب روحاني رئيسًا للجهمورية الاسلامية إلى تغير جوهري في أداء النظام، quot;فمن يتحكم في السياسية الإيرانية الخارجية هي مؤسسة الدولة المكونة من المرشد الاعلى للثورة الإيرانية ورئاسة الجمهورية، لذا فإنه لن يقدم جديدًا للغرب، رغم أن الغرب قد يتعامل مع طهران بشكل مختلف في الفترة المقبلة، وهذا ما سنشهده في الصحف الغربية التي قد تتعامل مع الإسلام السياسي بصورة مختلفة عما كان في فترة الرئيس السابق محمود أحمدي نجادquot;.

جس نبض

أشار الرنتيسي إلى أن هناك شيء من الاستشراق في الصحف الغربية، عندما تتعامل مع الإسلام السياسي، قائلا:quot; لننظر كيف تتعامل الصحف الغربية مع الإسلام السياسي في مصر مثلُا، وأعتقد أن أداء هذه الصحف سيكون مختلفًا خلال الفترة المقبلةquot;.

وأكد أن الغرب يعرف جيدًا تاريخ روحاني، والمواقع التي تولاها، ويعي طبيعة النظام الإيراني وتركيبته، وبالتالي يصعب تسويق روحاني لديه، quot;وشرعية النظام باتت مخدوشة في إيران وخارجها إلى الحد الذي يصعب ترقيعها، فنظام الملالي يحاول تقديم روحاني باعتباره شخصية إصلاحية لتهدئة الداخل والخارج، لكن المحاولة مكشوفة ولا خيار أمام النظام سوى التطرف للالتفاف على صراع أجنحته، وهنا يكمن مأزقه، لأن المؤشرات تدل على أن فوز روحاني جاء نتيجة رغبة المرشد في كسب الوقت للمضي قدمًا في المشروع النووي، ومهمة الرئيس الجديد تهدئة الغرب وتطمين الجوارquot;.

التقارب الإيراني - الأردني

وصف الرنتيسي المحاولات الإيرانية للتقارب مع الأردن بالفهلوة السياسية، فهي تعتمد بالدرجة الاولى على استغلال ظروف الأردن الاقتصادية، وبحثه عن المساعدات في ظل أوضاعه الصعبة، وتتجاهل منظومة العلاقات الخارجية الأردنية مثل صداقة الأردن مع الغرب، ومتانة علاقاته مع دول الخليج العربية المهددة بالتدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية.

وقال: quot;خلال مرحلة الفرز بين معسكري ما كان يعرف بالممانعة والاعتدال ظهرت نغمة في الداخل الأردني تدعو إلى التقارب مع إيران وسوريا، على أمل الحصول على مساعدات ودور يكفيان لحل الازمات الاقتصادية في المملكة، إلا أن هذه الدعوات لم تؤثر في رؤية صانع القرار الأردني للخرائط السياسية والاصطفافات الاقليمية، واثبتت التحولات اللاحقة أن هذه الرؤية كانت صائبة، إذ ظهرت هشاشة ما كان يعرف بمحور الممانعة بعد اندلاع الاحداث الاخيرة في سوريا، وانخراط حزب الله في الازمةquot;.

موقف ثابت ومتوازن

ويرى الرنتيسي أن صانع القرار الأردني، الذي حافظ على موقفه عندما كان ما يعرف بمحور الممانعة اكثر تماسكًا، تصعب عليه المجازفة والتحول إلى طرف في معادلة متآكلة، يضاف إلى ذلك أن تركيبة النظام الأردني وطبيعته المعتدلة تبقيه بعيدًا عن امكانية الانغماس في مغامرات علاقة مع اطراف لا تشبهه.

وشدد على أن الأردن تعامل مع الازمة السورية بقدر كبير من التوازن، بدعوته إلى الحل السياسي، quot;ويسعى قدر المستطاع إلى درء مخاطر الحريق السوري على أمنه واقتصاده، فيما تعمل طهران على مصادرة القرار الأردني وتحويل المملكة إلى اداة، وان كان دور هذه الاداة مختلفًا عن الدور الذي يقوم به حزب الله في سورياquot;.

ويحتاج التجاوب الأردني مع الرغبة الإيرانية إلى تغييرات هيكلية وبنيوية تفقد النظام الأردني ملامحه ودوره، الامر الذي يصعب على صانع القرار الأردني القيام به مما يبقي محاولات التقرب الإيرانية اقرب إلى الحرث في البحر.

إعادة نظر

من جهته، قال حمزة منصور، أمين عام حزب جبهة العمل الاسلامي، لـquot;إيلافquot;: quot;وصول روحاني إلى السلطة لن يغير شيئًا في العلاقات الإيرانية الأردنية، التي ساءت خلال العقدين الماضيين، نتيجة تدخل طهران في الشؤون العربية الداخلية، خصوصًا في العراق وسورياquot;.

وتوقع منصور أن تزداد العلاقات بين عمان وطهران سوءًا اذا استمرت السياسية الخارجية لإيران تجاة الازمة السورية، مطالبًا روحاني بأن يعيد النظر في تركة سلفه نجاد، التي شوهت صورة الثورة الاسلامية في إيران.

واشار إلى أن الثورة السورية كشفت مسرحية المقاومة، التي كان تدعي إيران دعمها، متهمًا الولايات المتحدة الأميركية ودول الغرب قبل روسيا وإيران، بالتآمر على الشعب السوري ومحاولة تعطيل إرادته لنيل حريته.

ووجة منصور الاتهامات إلى إيران وحزب الله وأمينه العام حسن نصرالله بـquot;المساهمة في المجزرة التي يقودها النظام السوري بحق الشعب السوري، ودعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد بشتى الوسائل لقتل انباء شعبهquot;.

واعتبر منصور أن الاجواء السياسية في المنطقة وما تمر به من ازمات خاصة في سوريا والعراق، لا تجعل من السياحة الدينية الإيرانية في الأردن، أمرًا مرحبًا به، إلا اذا ما انتهج روحاني خطًا سياسيًا جديدًا، قائلًا: quot;إن الكرة الآن في ملعب صناع القرار الإيراني في القضيتين العراقية والسوريةquot;، مؤكدًا في الوقت نفسه على أن حزبه يحترم كافة المذاهب بما فيها مقام الصحابي جعفر بن ابي طالب، الموجود في محافظة الكرك جنوب العاصمة الأردنية عمان.