بعد سيطرة القوات النظامية السورية مدعومة من حزب الله اللبناني على منطقة القصير، تنبهت العديد من القيادات الاسلامية في العالم العربي الى ضرورة دعم للفصائل الإسلامية الرئيسية، وخاصة الجبهة الإسلامية السورية التي تدعو إلى الجهاد كواجب ضروري لجميع المسلمين.


بيروت:كان انتصار حزب الله في معركة القصير السورية دعوة لليقظة بالنسبة للعديد من الجهات الفاعلة المؤيدة للاسلاميين في العالم العربي. ورداً على هذا الفوز الاستراتيجي، انتقلت القيادات الإسلامية العربية إلى موقع الهجوم، فأعلنوا عن دعمهم للفصائل الإسلامية الرئيسية، وخاصة الجبهة الإسلامية السورية التي سطع نجمها في سوريا والتي تدعو إلى الجهاد كواجب ضروري لجميع المسلمين.

تناقضات جهات المعارضة
الجبهة الإسلامية السورية برزت بمثابة مظلة سلفية، يمكن القول إنها أفضل قوة مقاتلة في المعارضة. وتتألف هذه المجموعة من قوى رئيسية تتضمن حركة أحرار الشام الاسلامية، وتنسق على نطاق واسع مع جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة، كما تتعاون - على الرغم من تشككها ndash; مع الدولة الإسلامية في العراق والشام، وجميع الجماعات المتمردة السورية الأخرى.
وفي حين أن الجبهة الإسلامية السورية أكثر من مستعدة للقتال إلى جانب الجماعات الموالية لما يسمى الجيش السوري الحر، والائتلاف الوطني السوري، إلا أنها ترفض صراحة حقوقهم لتمثيل المعارضة السورية بأكملها. كما ان إصرار الجبهة على أن سوريا المستقبل هي دولة إسلامية تحكمها الشريعة، يتناقض مع الأهداف التي تعبر عنها المعارضة العلمانية المعتدلة على نطاق أوسع.

المجموعة الأبرز في الثورة
على الرغم من أنه لم تصدر أي تهديدات مباشرة خارج سوريا، تعارض الجبهة الإسلامية السورية أي تدخل خارجي في سوريا من قبل أي دولة غربية، كما أن زعيمها هدد بشن هجمات على أي قوة عسكرية أجنبية تدخل سوريا، سواء أكانت داعمة أو معارضة للرئيس بشار الأسد.
في الأسبوعين الماضيين، ظهر زعيم الجبهة الإسلامية السورية، حسن عبود أبو عبد الله الحموي، علناً للمرة الأولى في مقابلة على قناة الجزيرة القطرية، وحضر مؤتمرًا لرجال الدين المسلمين في القاهرة الذي يدعو إلى الجهاد، كما ظهر على قناة (الناس) السلفية المصرية.
واعتبرت صحيفة الـ quot;فورين بوليسيquot; أن اللاعبين الرئيسيين من أصحاب المصالح الخاصة في قطر والمجتمع الديني في مصر يحاولون أن يظهروا الجبهة الإسلامية السورية على أنها المجموعة الأبرز في الثورة السورية.

تأسيسها وتطورها
وأعلنت الجبهة الإسلامية السورية عن تشكيلها عبر شريط فيديو في 22 كانون الأول (ديسمبر)، 2012. وقال كبير المتحدثين باسم التنظيم أبو عبد الرحمن السوري إن المجموعة هي quot;جبهة إسلامية شاملة، تمثل الإسلام كدين وعقيدة، ومسار توجيهي وقواعد سلوكquot;.
عند تشكيلها، تألفت الجبهة الإسلامية السورية من 11 جماعة إسلامية متشددة، متوزعة على 12 من أصل 13 محافظة سورية. لكنها شهدت في وقت لاحق عمليات دمج وانضمام فصائل إسلامية جديدة إليها، فصارت تتألف من 8 فصائل.
حركة أحرار الشام الإسلامية، التي ظهرت لأول مرة في كانون الثاني (يناير) 2012، صارت بمثابة القوة المسلحة الرئيسية الأقوى في المعارضة السورية بأكملها.
ووفقا للميثاق السياسي للجبهة الإسلامية السورية الذي صدر بعد شهر من تشكيل الجبهة في 20 كانون الثاني (يناير) 2013، تسعى هذه المجموعة quot;لبناء المجتمع الإسلامي الحضاري في سوريا، الذي تحكمه شريعة اللهquot;.

ديمقراطية معقدة
واعتبرت الـ quot;فورين بوليسيquot; أن موقف الجبهة الإسلامية السورية من الديمقراطية معقد للغاية، ففي حين أنها رفضت الفكرة كمفهوم، إلا أن ميثاقها يحافظ على مبدأ استخدام نظام التصويت لانتخاب القادة السياسيين quot;طالما انه يعتمد على الشريعةquot;.
هذا يدل على أن الجبهة الإسلامية السورية لا تعارض النظام الانتخابي طالما أنه لا يؤدي إلى انتخاب قادة يضعون تشريعات تتعارض مع شريعة الله.
وترفض الجبهة الإسلامية السورية أي حل سياسي وأي شكل من أشكال التدخل الدولي.

ترحيب بالدعم الأميركي
في مؤتمر القاهرة في 13 حزيران (يونيو)، دعا عبود للجهاد قائلاً: quot;أي قوة غازية تطأ الأراضي السورية تحت أي ذريعة، سواء لدعم النظام أو لوقف العدوان، سوف تعامل كقوة احتلالquot;.
على الرغم من ذلك، تحدث عبود لاحقاً في مقابلة مع قناة (الناس) السلفية المصرية عن ترحيبه بالدعم العسكري الأميركي المحتمل، فقال: quot;نحن ننظر إلى قرار الولايات المتحدة بتسليح المعارضة بعين الشك... لكن نحن سعداء بأن يكون هناك قوة اضافية لمحاربة الأسد المجرم. ونريد أن نحذّر إخواننا بعدم السماح لأميركا في التدخل بما نريده لبلادناquot;.

نشاطات ومساعدات اجتماعية
تتألف الجبهة الإسلامية السورية من أحد عشر لواء، من بينها كتائب أحرار الشام، حركة الفجر الاسلامية، كتائب أنصار الشام، لواء الحق، جيش التوحيد، جماعة الطليعة الإسلامية، كتيبة مصعب بن عمير، كتيبة صقور الإسلام، كتائب الإيمان المقاتلة، سرايا المهام الخاصة، وكتيبة حمزة بن عبد المطلب.
يشار إلى ان نشاط الجبهة الإسلامية لا يقتصر على العمليات العسكرية، فالمجموعة ضخت أيضاً موارد واسعة في الأنشطة الاجتماعية الإنسانية وغيرها. وقد دعمت جزءا من هذا بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية التي تمولها الحكومات في تركيا وقطر.
وشملت جهود الإغاثة الإنسانية تعبيد طرقات جديدة وتنظيف أخرى قديمة وتوزيع الخبز على العائلات المحتاجة في سوريا إلى جانب تزويدها بالمواد الغذائية. وتشمل النشاطات أيضاً تنظيم مسابقات تلاوة القرآن للأطفال ومدارس مجانية في البلدات التي تسيطر عليها المعارضة مثل إدلب وحلب وحماة، كما أنها تدير أكبر محطة لضخ المياه في الرقة.

لا هجمات انتحارية
وعلى عكس جبهة النصرة، تتميز الجبهة الإسلامية السورية بتوجهها المحلي وعدم تورطها في الهجمات على المناطق المدنية، كما انها لا تتبنى الهجمات الانتحارية، ولا تنشر بياناتها وأخبارها من خلال المحافل المرتبطة بتنظيم القاعدة، إنما من خلال موقعها الالكتروني الخاص على شبكة الإنترنت، وصفحة الفايسبوك وتويتر الخاصة بها.
أما في ما يتعلق بمصادر الأسلحة، قال عبود ان الجبهة الإسلامية السورية تعتمد في المقام الأول على غنائم الجيش، لكنها تحصل أيضاً على تبرعات من الأفراد في الخارج. وتشمل الجهات المانحة الأبرز في الخارج الداعية السلفي الكويتي شافي العجمي، والشيخ عدنان العرعور في السعودية، والسياسي السلفي الكويتي وحاكم المطيري، وغيرهم من الأفراد.