ساهم انخراط حزب الله في الحرب السورية في تأجيج العواطف الطائفية ونعراتها، ما أدى إلى خروج دعوات سنية إلى الجهاد في سوريا، بالرغم من أن محللين يضعون هذه الدعوات الجهادية الصادرة من دول الربيع العربي في منزلة صرف الأنظار عن إخفاقات حكامها الجدد داخليًا.


دخول حزب الله في الحرب الأهلية السورية إلى جانب الرئيس السوري بشارالأسد زاد التوتر الذي يسود خطوط الصدع الطائفي وأجّج مشاعر التعصب الديني التي لطالما استعرت في المنطقة.

فالانتفاضات الشعبية التي أطاحت بالحكام المستبدين العلمانيين في مصر وغيرها من البلدان أثلجت قلوب المسلمين الشيعة والسنة على حد سواء. لكن استبدال الرؤساء بالأحزاب الإسلامية أثار مزاج التناحر القديم بين الطوائف، مهددًا بتحويل ساحة المعركة السورية إلىحرب دينية أوسع نطاقًا.

تورط حزب الله اللبناني في المستنقع السوري ساعد إلى حد كبير على المعركة ضدالثوار السنة الذين يسعون إلى الإطاحة بالأسد العلوي، حليف إيران.

وأثار دور الحزب اللبناني الشيعي في سوريا غضب الدول العربية السنية في الخليج، بما في ذلك السعودية. وهكذا، الحرب الطائفية واحدة من أخطر تداعيات الربيع العربي، وفقًا لصحيفة لوس أنجيليس تايمز الأميركية، التي أشارت إلى القلق المتزايد من أن الحرب الدموية المشتعلة في سوريا من شأنها أن تتسع لتشمل جميع أنحاء المنطقة.

طائفية وجهاد
تنظر الدول العربية إلى سوريا باعتبارها الساحة التي تستنفد قوة إيران، لتنصرف فيها عن القضايا الأخرى. وأدى دخول حزب الله في المعادلة إلى تعميق الخطاب الطائفي، وتحويل المعارك إلى صراع بين السنة والشيعة.

في هذا السياق، يقول مصطفى العاني، محلل بارز في مركزالخليج للأبحاث في جنيف: quot;حزب الله جزء من المؤامرة الإيرانية التي تسعى إلى تحقيق هدف استراتيجي في المنطقةquot;، مشيرًا إلى أن دخوله الحرب أدى إلى تغيير قواعد اللعبة. وتدخل حزب الله في مجريات الأزمة السورية اعتمد على المزاعم عن متطرفين يهددون وجود الحزب والدولة اللبنانية المجاورة. وقال أمين عام الحزب حسن نصرالله إن بعض المسلحين السنة المدعومين من دول الخليج تسللوا إلى سوريا وبدأوا بقيادة المعارك قبل وصول مقاتليه إلى سوريا.

وألقى شبح مقاتلي حزب الله بظلاله على الصراع في سوريا، وأدى انتصارهم الأخير في القصير الإستراتيجية إلى إعادة الحسابات في مصر والدول السنية الأخرى، إذ أعلن الرئيس المصري محمد مرسي قطع العلاقات الديبلوماسية مع دمشق، مؤيدًا دعوات رجال الدين إلى السفر والقتال في سوريا.

وقال الشيخ يوسف القرضاوي، وهو رجل دين مصري يحظى بشعبية كبيرة: quot;من واجب كل مسلم حماية إخوانه في سوريا، والأمة مستعدة للتضحية والجهاد، وعلينا أن ندعو إلى الجهاد للدفاع عن الدين وشريعة اللهquot;.

وأشارت لوس أنجيليس تايمز إلى أن السعودية وقطرعمدتا إلى تمويل وتسليح الثوار الذين يسعون إلى إسقاط الأسد، متوقعة أن تتغير موازين القوى في الأشهر المقبلة، خصوصًا بعد قرار الولايات المتحدة بتسليح المعارضة. ويشار إلى أن ما أرادته دول الخليج من الولايات المتحدة هو التنظيم والقيادة، وتوفير الدعم الاستخباراتي والأقمار الصناعية وغيرها، على غرار ما حصل في ليبيا.

صرف النظر
ثمة تحولات سياسية أخرى يمكن أن تغير المعادلة، لكن ما زال من المبكر جدًا القول ما إذا كان الرئيس الإيراني حسن روحاني المنتخب حديثًا سيعمل على تخفيف حدة التوتر مع الدول المجاورة لإيران.
وعلى الرغم من لغته الدبلوماسية، يتمتع المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي بالسلطة المطلقة في إيران. ووفقًا لبعض المحللين، تجد الدول العربية فرصة لتعميق الصراع الطائفي لصرف انتباه الرأي العام عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية فيها، إذ إن السعودية تعاني من تضخم في أعداد العاطلين عن العمل، فيما تشهد مصر مرحلة من الكساد الاقتصادي والاضطرابات السياسية، قبيل التظاهرات التي ستجري في الذكرى السنوية لإنتخاب مرسي رئيسًا للبلاد في 30 حزيران (يونيو) الجاري.

وقالت رابحة علم، الباحثة في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة، إن دخول حزب الله في الحرب الأهلية السورية أدى بالدعاة والقادة في دول الخليج إلى تبني خطاب نصرة السنة، ما يصرف اهتمام الشعوب عن قضاياه الداخلية، ويقدّم بذلك خدمة مهمة إلى دول الخليج.

أضافت: quot;القادة ورجال الدين في محاولة لسحب الأنظار عن إخفاقات حكوماتهم، لكن هناك عواقب كبيرة لحشد الشباب في المنطقة بشأن الحرب السورية، لا سيما التداعيات الدينية والطائفية الخطرةquot;.

وتساءلت علم: quot;إذا كنا في صدد إرسال أبنائنا إلى سوريا، فما هي الراية التي سوف يقاتلون تحتها؟، ما هو السبب الذي من أجله سيتم تسليحهم؟، وهل سنرسلهم للقتال فقط كي يموتواquot;؟.