بعدما سرب إدوارد سنودن معلومات عن اختراقات أميركية لوسائل اتصال لتعقب الارهابيين، سارعت المجموعات الارهابية إلى تغيير أنماط تواصلها. وقد لا يكون هذا هو الضرر الوحيد الذي ألحقه سنودن بالاستخبارات الأميركية.
سارعت جماعات إرهابية واشخاص كانوا تحت المراقبة بشبهة الارهاب إلى تغيير الطرق التي كانوا يستخدمونها في اتصالاتهم، واصبح رصدهم وتعقبهم اصعب، بعد الوثائق التي كشف عنها المتعهد السابق في وكالة الأمن القومي ادوارد سنودن، كما افاد مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون. وأكد هؤلاء أن التغييرات التي اجراها الارهابيون في طرق اتصالاتهم كلفت أجهزة الاستخبارات خسارة كميات كبيرة من المعلومات.
وأضافوا: quot;حجم الضرر ما زال غير معروف، لأن تقييم الحكومة الذي يجري بصورة سرية ما زال مستمرًاquot;. يضاف إلى ذلك أن تسريبات سنودن عن عمليات التنصت التي تمارسها أجهزة الاستخبارات الاميركية في روسيا والصين أطلعت البلدين على معلومات يُعتقد بأن كشفها أعاق قدرة وكالة الأمن القومي على اعتراض الاتصالات في البلدين، بحسب المسؤولين الاميركيين.
ومن بين الوثائق التي سربها سنودن ونُشرت في صحفية غارديان البريطانية وصحيفة واشنطن بوست الاميركية أن خدمة سكايب للاتصال على الانترنت كانت من بين المنظومات التي توفر معلومات للقاعدة البيانية السرية في وكالة الأمن القومي. ودحض كشف هذه المصدر الاعتقاد السائد سابقًا بأنه من الصعب أو المتعذر اعتراض الاتصالات التي تجري على سكايب.
خسارة معلوماتية
نقلت صحيفة لوس انجيليس تايمز عن المسؤولين الاميركيين قولهم إن بعض الارهابيين الذين كانت وكالة الأمن القومي ترصدهم لم يعودوا يستخدمون سكايب. وقال أحد المسؤولين أن الكشف عن تمكن وكالة الأمن القومي من اعتراض الاتصالات على سكايب كان سيئًا بحق. وكانت السمعة التي نالتها خدمة سكايب بشأن حصانتها الأمنية تستند إلى أسباب وجيهة، فالخدمة تقوم بإيصال المكالمات بين الكومبيوترات عن طريق الانترنت بدلًا من شبكات الهاتف، وبذلك تفادي عمليات التنصت التقليدية.
ويستخدم نظام سكايب تكنولوجيا مشفرة لمضمون الاتصالات والرسائل النصية. لكن للتشفير حدوده. وعلى سبيل المثال، تستطيع مايكروسوفت صاحبة الخدمة أن تمسح الكترونيًا محتوى الاتصالات للبحث عن إقحام رسائل غير مرغوبة واشكال اخرى من الاختراقات. كما تحفظ مايكروسوفت بيانات وسجلات خاصة بالاتصالات عملًا بالمتطلبات القانونية.
وقال مسؤول أميركي إن انعدام القدرة على استخدام منظومات الاتصالات العامة يسبب مشاكل للجماعات الارهابية، بالحد من قدرتها على تبادل الخطط والتنسيق، لكنه يكلف أجهزة الاستخبارات خسارة معلومات تجمعها من هذه الاتصالات. وكان زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن حريصًا على اتخاذ اجراءات صارمة لتفادي بث أي اشارة الكترونية. ولم تكن في مجمعه في مدينة ابوت آباد الباكستانية خدمة انترنت او خدمة هاتفية، وكان سعاته يفرغون هواتفهم الخلوية من بطارياتها قبل كيلومترات من اقترابهم من منزله.
بيد الروس؟
ونقلت صحيفة لوس انجيليس تايمز عن المسؤول الاميركي قوله إن غالبية الارهابيين والمتطرفين لا يستطيعون الاستمرار في العمل، مع ابداء مثل هذا الحذر أو انهم ببساطة لم يحاولوا، وإن كشف سنودن عن قدرة وكالة الأمن القومي على تعقب الاتصالات الهاتفية والرسائل الالكترونية أخذ يغير هذا الواقع.
وأوضح موظف كبير في الكونغرس يطلع بانتظام على القضايا المتعلقة بنشاط الأجهزة التجسسية: quot;إن هذه الأجهزة لا تستطيع أن تقول لنا ما هي النسبة التي حُجبت عنها، ولكنها تعرف حق المعرفة أن بعض الأشخاص الذين كانت تتعقبهم اختفوا عن انظارهاquot;.
وفي ما يتعلق بالتجسس على البلدان الأخرى، ما زال المسؤولون الاميركيون يحاولون أن يعرفوا على وجه التحديد حجم المعلومات التي كان سنودن مطلعًا عليها، بشأن الطرق التي تستخدمها الولايات المتحدة للتنصت على الدول الأخرى. وقال مسؤولون سابقون في اجهزة مكافحة التجسس إن ضررًا فادحًا لحق بقدرة الولايات المتحدة في هذا المجال، ويخشون أن يكون الضرر اسوأ مما يعتقدون. ورجح هؤلاء المسؤولون أن يكون ما بحوزة سنودن من معلومات، ايًا تكن اهميتها وايًا يكن حجمها، وقع بأيدي الاستخبارات الصينية أو الروسية أو الاثنين.
تسريبات قيمة
وكانت صحيفة غارديان كشفت أن سنودن اطلعها على وثيقة تبين أن وكالة الأمن القومي اعترضت اتصالات الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف خلال زيارته بريطانيا لحضور قمة مجموعة العشرين في لندن في العام 2009.
وقال جويل برينر، كبير محامي وكالة الأمن القومي سابقًا، إن الروس والصينيين لا بد أن يفترضوا اننا سرقنا شفراتهم أو تمكنا من فكها. واضاف أن اكتشافهم ذلك بجهودهم كان سيتطلب سنوات، مشيرًا إلى أن الاستخبارات الاميركية لم تعد قادرة على متابعة حركة الدبلوماسية الروسية بعد تسريبات سنودن.
كما كشف سنودن في مقابلة مع صحيفة ساوث تشاينا مورننغ بوست تواريخ محددة وعناوين كومبيوترات في هونغ كونغ والصين نفسها اخترقتها وكالة الأمن القومي على امتداد اربع سنوات. وكان احد الاهداف جامعة صينية تضم مركزًا للخوادم التي تمر عبرها حركة الانترنت بأكملها في هونغ كونغ. وقال برينر إن سنودن ابلغ الصينيين أن الاستخبارات الاميركية تستهدف مؤسسات محددة، وأطلعهم على الكثير مما يتعلق بقدرتها لم يكونوا يعرفونه.
وقال المسؤول الاميركي السابق إن ما يثير القلق هو ماذا يعرف سنودن بالاضافة إلى ما كشفه عن قدرات الاستخبارات الاميركية وكيف تتجسس على الدول الأخرى. واضاف أن روسيا والصين تعملان معًا بنشاط لمعرفة هذا النوع من المعلومات.
التعليقات