ميكتيلا: يتذكر كياو كيف امره مسلحون بعدم النظر اليهم وهم يقتلون زملاءه في الصف. لكن احداث هذا اليوم ما زالت ماثلة بقوة في ذهن هذا الفتى الصغير مع اندلاع الموجة المعادية للاسلام في مدينة ميكتيلا بوسط بورما، والتي خلفت في الشوارع اكواما من الجثث المتحللة.

وقال هذا الفتى الذي يبلغ السادسة عشرة من عمره لوكالة فرانس برس quot;لقد استخدموا السلاسل والعصي والسكاكين ... كانوا بالمئات وكانوا ينهالون بالضرب على كل من تقع عليه انظارهمquot;.

مدرسته سويت بالارض في اذار/مارس، على غرار احياء اسلامية بأكملها، عندما اندلعت في المدينة اعمال عنف بين البوذيين والمسلمين. وينتمي اكثر من نصف القتلى ال 44 الذين اعترفت بهم الحصيلة الرسمية الى المدرسة الدينية.

واضاف هذا الفتى الذي تم تغيير اسمه لتجنيبه الاعمال الانتقامية، ان quot;خمسة من طلبة صفي قد قتلواquot;.

كان 20 اذار/مارس بدأ مع ذلك بصورة طبيعية للتلامذة الذين كانوا يتبادلون الطرائف والنكات في مسجد مدرستهم.

لكن وسط المدينة شهد حالة غليان بعد الظهر في اعقاب شجار اندلع في سوق ميكتيلا بين بائع مسلم وزبائن بوذيين. ثم حملت عملية القتل الوحشية لراهب بوذي الجموع الغاضبة على شن حملة انتقامية ضد الاحياء الاسلامية.

واختبأ تلامذة المدارس وامضوا ليلتهم في الخارج، فيما كانت ألسنة اللهب تلتهم المدرسة. ولم تصل قوات الامن الا في الصباح الباكر لاجلائهم. ومر كياو ورفقاؤه وسط حشود غاضبة اعتدت عليهم بالعصي والحجارة. واراد البعض منهم الرد فعوقبوا.

الاحداث اللاحقة وصفتها منظمة quot;فيزيائيون من اجل حقوق الانسانquot; التي استندت الى شهود عيان. حيث قتلت جموع غاضبة بينهم رهبان بوذيون 20 طالبا واربعة مدرسين.

ووصف شاهد عيان طالبا مقطوع الرأس وآخرين احرقوا احياء، كما جاء في تقرير لمنظمة quot;فيزيائيون من اجل حقوق الانسانquot; صدر في ايار/مايو. وتظهر صور حصلت عليها وكالة فرانس برس سهلا شاسعا تحول ساحة للاعدام.

وفي مشهد طويل ومرعب، يخرج رجل ملاحق راكضا من الغابات قبل ان يتعرض للضرب بالعصي. وانضم رجل يرتدي ثوب راهب بوذي الى الاشخاص الذين انهالوا عليه بالضرب.

وقالت مينت مينت ايي المسؤولة السياسية المحلية من الطائفة البوذية quot;عندما وصلت رأيت اكواما من الجثث التي كانت ما تزال تحترقquot;، معربة عن اقتناعها بأن الحصيلة الحقيقية تقترب من مئة قتيل.

وتحدثت عن جموع تصفق وتهتف بحماقات، فيما كانت النيران تندلع في الاحياء المسلمة. وعلى غرار آخرين ، لا تساورها الشكوك ان اعمال العنف كانت منسقة ومدبرة. لكن من افتعلها ... هل هم بوذيون متطرفون يدفعون لمجموعات من البلطجية على غرار ما كان يفعل المجلس العسكري الحاكم حتى 2011؟

واعتبرت انه quot;اذا كان ذلك من فعل اشخاص من ميكتيلا فقط، لما كان بلغ هذه النسب العاليةquot;. واضافت quot;لقد تم تدمير كل شيء خلال يوم ونصف اليومquot;.

ولدى حل المجلس العسكري في 2011، برزت الى العلن التوترات الدينية التي كتمت عقودا، وكشفت عن خوف كامن من الاسلام في بلد يشكل البوذيون اكثريته الساحقة حيث لا تزيد نسبة المسلمين عن4%.

وفي 2012، قتل ما يفوق 200 شخص نتيجة مواجهات بين مسلمي اقلية الروهينجيا المحرومة من الهوية والبوذيين في ولاية راخين (غرب). لكن اعمال العنف ما لبثت ان امتدت في البلاد، لتشمل ايضا المسلمين البورميين.

واتهمت قوات الامن بالسلبية وحتى بالتواطؤ في عملية quot;تطهير عرقيquot; في رأي الروهينجيا.

واعتبر ثين ثان وو الحقوقي البوذي الذي دافع عن مسلمين ملاحقين بتهمة قتل راهب في ميكتيلا ان quot;القتلة واللصوص مجرمون، ومن واجب (عناصر الشرطة) توقيفهمquot;.

واضاف quot;لكنهم يقولون انهم لم يتلقوا اوامر بالتدخل. لذلك حتى الاطفال قتلوا في ميكتيلاquot;.

ورفضت الشرطة المحلية الرد على الاسئلة الكثيرة التي طرحتها وكالة فرانس برس.

وقال هولي اتكينسون الذي كتب تقرير quot;فيزيائيبون من اجل حقوق الانسانquot; ان quot;رسالة الافلات من العقاب تشكل صدمةquot;. واضاف quot;في اقل من 48 ساعة تمكنوا من طرد 30% من السكان -30 الف شخص- الى خارج ميكتيلاquot;.

وكان للرهبان البوذيين، الذين يتمتعون باحترام وافر بسبب دورهم الروحي وشجاعتهم في مواجهة المجلس العسكري، دور في اعمال الشغب.

وا ذا كان البعض قد دعا الى المصالحة والسلام، الا ان الراهب ويراتو الذي عزا اعمال العنف الى quot;المتطرفين المسلمينquot; استأثر بالاهتمام بسبب خطاباته النارية ودعواته الى التمييز في الحياة اليومية.

وقال الراهب سين ني تا الذي يشارك في اعمال الاغاثة مما وصفه بأنه quot;مجزرة منهجيةquot; quot;اذا كان رهبان قد دعوا الى العنف والحرق المتعمد والقتل، فاني اقول بصوت عال وقوي انهم مخطئونquot;.

اما كياو فيحاول ان يتعافى. فقد انضم الى عائلته في قرية بورمية اخرى حيث يتلقى علاجا نفسيا. اما مدرسته فلم يبق منها سوى كتب ممزقة وانقاض.