رأت أغلبية قرّاء إيلاف أن دول الربيع العربي ستصاب بعدوى إسقاط الإسلاميين، كما أصيبت بعدوى تسلمهم السلطة، خاصة بعد عزل الرئيس المصري المنتمي للإخوان المسلمين بعد تظاهرات طالبته بانتخابات مبكرة، حيث تدخل الجيش المصري وعزل مرسي بعد مهلة لم يستجب لها.


شهدت نهاية شهر حزيران (يونيو) الماضي خروج نحو 15 مليون مصري معظمهم من الشباب مطالبين بتصحيح مسار ثورتهم التي فجروها في الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني عام 2011 وتكللت بتنحي الرئيس المصري السابق حسني مبارك بعد أيام من المرابطة في ميدان التحرير وسط القاهرة الذي تحول الى مكان تجمع الغاضبين ضد الرئيس المعزول محمد مرسي الذي كان يستعد لتدشين العام الثاني من الحكم بمعية زملائه من الإسلاميين خاصة قادة حزب الإخوان المسلمين.

ومثلما خطط المتظاهرون لساعة الصفر السابقة التي أسقطت مبارك في الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير) الذي يصادف عيد الشرطة المصرية التي كانت تطارد وتعتقل المعترضين على الرئيس، كان التخطيط ليوم الثلاثين من حزيران (يونيو) ليتوافق مع عيد خصم اكبر لهؤلاء الملايين من المعترضين، فتكرر ذات النجاح، وإن بطريقة مغايرة وسريعة.

لقد مهد المعترضون على حكم الرئيس الإسلامي محمد مرسي لتجمعهم بفترة من تجميع التواقيع من المصريين تحت اسم حركة تمرد مطالبين بتنحيه أو بانتخابات مبكرة. غير أن الرئيس أصر على اكمال فترة حكمه التييرى أن أي معترض عليها خروج على شرعيته quot;المقدسةquot;.

وعلى مقربة كانت عيون الملايين من المعترضين على حكم الإسلاميين خاصة في تونس وليبيا مصوبة على ميدان التحرير في العاصمة المصرية القاهرة.

ففي تونس انطلقت حركة بنفس الاسم المصري لجمع تواقيع المعترضين على حكم حركة النهضة (النسخة التونسية لحزب الإخوان المسلمين). وفي ليبيا تتواصل فوضى التنافس على السلطة التي يمسك بتلابيبها إسلاميو ليبيا مع سقوط قتلى بين حين وآخر.

انزعاج خليجي

وغير بعيد عن دول الربيع العربي كانت دول الخليج تكتم انزعاجها من صعود الإسلاميين في مصر خاصة بعد إلقاء القبض على عدد من الإسلاميين في الامارات المرتبطين بالإخوان المسلمين في مصر كانوا يخططون للاستيلاء على السلطة.

وقد أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في الامارات المتحدة بتاريخ 2 تموز الجاري حكمها في قضية quot;التنظيم السريquot; التي حوكم فيها 94 من عناصر يشتبه بانتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين، القاضي بالسجن 15 عاماً لثمانية متهمين فارين، والسجن من 3 إلى 7 سنوات لـ 5 متهمين، و10 سنوات للباقين، وبالبراءة لــ25 متهماً ومتهمة.

ونص الحكم أيضاً على مصادرة جميع ممتلكات التنظيم. وكان الأعضاء الـ 94 للتنظيم اعتقلوا العام الماضي بتهمة التواصل مع التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين من أجل quot;تنظيمهم خارج الدولة لمساعدتهم في الاستيلاء على الحكمquot;.

يرى عبد الله العسكر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى السعودي أن مشكلة الإخوان المسلمين هي أن فكرهم لا يعرف الحدود. وهم لا يؤمنون بالهوية الوطنية وإنما بهوية الأمة الإسلامية وإن لديهم أصابع تمتد في دول خليجية مختلفة.

نفوذ ثم سقوط مدوٍ

هذا التوسع السريع لحركة الإخوان المسلمين لبسط نفوذها عربياً أسرع بسقوطهم المدوي في الثالث من شهر تموز (يوليو) الجاري بعد مهلة من قبل الجيش المصري يومين أعطيت للرئيس مرسي للحوار مع معارضيه والتعجيل بالاعلان عن انتخابات مبكرة كانت مطلب الملايين الذين رابطوا في ميدان التحرير منذ يوم الثلاثين من شهر حزيران يونيو الماضي.

فقد أعلن وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي تعطيل العمل بالدستور موقتًا وتكليف رئيس المحكمة الدستورية بادارة شؤون البلاد للخروج من أزمة سياسية دفعت بملايين المحتجين المصريين على الرئيس الإسلامي الى الشوارع.

وقال السيسي في بيان بعد اجتماع لقادة الجيش مع شخصيات دينية ومعارضة إنه تم الاتفاق على خارطة الطريق سيعمل الجيش على تنفيذها لا تقصي أحدًا من أبناء المجتمع وتياراته. وأضاف أن الخارطة تتضمن ايضًا تشكيل حكومة كفاءات ولجنة تضم كافة الاطياف لمراجعة التعديلات الدستورية.

لكن أنصار الإخوان المسلمين رأوا في ذلك خروجاً على الشرعية التي يمثلها الرئيس المعزول محمد مرسي معلنين عن اعتصامات في ميدان رابعة العدوية بالقاهرة حتى عودة مرسي للحكم. فيما يرى معارضوهم أن الشرعية الحقيقية في الملايين التي خرجت واعتصمت ولم يستجب لمطالبها.

خطوات بطيئة

عجلة التغيير في مصر تسير على خطى وئيدة وقد غادرها حتى من ركبها موقتًا من الإسلاميين (حزب النور السلفي) الذين يرى فيهم عدد من المراقبين معطلين لعجلة التغيير خاصة بعد اعتراضاتهم على أكثر من اسم ترشح لرئاسة الوزراء موقتًا ونائب الرئيس. فانسحبوا من العملية السياسية التي اطاحت بمرسي وحزب الإخوان المسلمين الذين يقترب منهم السلفيون اكثر مما يبتعدون خاصة في صلاحية الإسلام السياسي للحكم، ولايرون في سقوط مرسي فشلاً لمشروع الإسلام السياسي بقدر ما يرونه اجتهاداً وخطأ من شخص الرئيس المعزول.

فكان انسحاب حزب النور ايذانًا بانطلاق العملية السياسية وفق خارطة الطريق التي وضعها الجيش المصري لحل الازمة السياسية التي تنقض فصولها نهائيًا بعد.

وكانت إيلاف طرحت على قرّائها سؤال امكانية اصابة دول الربيع العربي بعدوى إسقاط الإسلاميين كما أصيبت بعدوى تسلمهم السلطة. فرأت أغلبية (3617) 83% امكانية ذلك، فيما خالفهم ما نسبتهم 17% (745) من قرّاء إيلاف الذين شاركوا في الاجابة على سؤال الاستفتاء للأسبوع الماضي وبلغوا 4362.