واشنطن: اعلن وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل الاحد ان الجيش الاميركي مستعد للقيام بتحرك ضد النظام السوري في حال تلقى الامر بذلك، الا انه اكد ان واشنطن لا تزال تقيم الادعاءات بشأن حصول هجمات بالاسلحة الكيميائية. وقال هيغل للصحافيين في العاصمة الماليزية كوالالمبور المحطة الاولى من جولة يقوم بها في جنوب شرق آسيا ان quot;الرئيس (باراك) اوباما طلب من وزارة الدفاع اعداد خيارات لكل الحالات. وهذا ما فعلناهquot;.

واضاف quot;مرة جديدة نحن مستعدون لاي خيار اذا قرر استخدام اي من هذه الخياراتquot;. وذكر وزير الدفاع الاميركي بان الولايات المتحدة وحلفاءها يقومون بتقويم المعلومات التي تفيد ان القوات السورية شنت الاربعاء هجوما باسلحة كيميائية على معقل لمقاتلي المعارضة في ريف دمشق. وقال هيغل quot;لن اضيف اي شيء حتى نحصل على مزيد من المعلومات المستندة الى وقائعquot;.

وكان هيغل يتحدث بعد لقاء مع نظيره الماليزي هشام الدين حسين، في مستهل زيارة تستمر اسبوعا الى جنوب شرق اسيا للتأكيد على تركيز الولايات المتحدة مجددًا على آسيا المحيط الهادئ. لكن الازمتين في سوريا ومصر، حيث تلاحق قوات الامن انصار الرئيس الاسلامي محمد مرسي، شغلتا هيغل.

واتصل هيغل بقائد الجيش المصري من كوالا لمبور ليدعوه الى حل سلمي للنزاعات السياسية هناك كما اجرى اتصالات مع مستشاري الامن القومي بشأن سوريا. وكرر هيغل ان العسكريين الاميركيين قدموا سلسلة من الخيارات العسكرية لاوباما بشأن ما يبدو انه هجوم كيميائي اثار استياء عالميا.

وعلى الطائرة التي اقلته الى ماليزيا، قال هيغل ان الجيش الاميركي يقوم بتحريك قوات الى اماكن حسب الضرورة وسط تكهنات بان واشنطن يمكن ان توجه ضربات صاروخية لمعاقبة نظام الاسد. وبدا ان اوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون اقرب الى الالقاء باللائمة على قوات الاسد.

وجاء في بيان لرئاسة الحكومة البريطانية ان الزعيمين الاميركي والبريطاني quot;كلاهما قلق للغاية من (...) تزايد المؤشرات إلى ان هذا كان هجوما كبيرا بأسلحة كيميائية شنه النظام السوري ضد شعبهquot;. وتبادلت الحكومة السورية ومقاتلو المعارضة الاتهامات باستخدام الاسلحة الكيميائية. وقالت منظمة quot;اطباء بلا حدودquot; ان 355 شخصا قتلوا جراء اصابتهم بعوارض quot;تسمم عصبيquot; بعد هجوم الاربعاء.

وبحسب الامم المتحدة فإن النزاع السوري المستمر منذ اذار/مارس 2011 شهد سقوط اكثر من 100 الف قتيل. ويلقي هيغل الاحد خطابا يؤكد على جهود واشنطن لاعادة التوازن الى الاستراتيجية الاميركية باتجاه منطقة آسيا المحيط الهادئ. ويتم النظر الى هذا التوجه نحو اسيا على انه نتيجة لاهمية النمو الاقتصادي المتنامي لهذه المنطقة، ويرمي ايضا الى ايجاد توازن مع التوسع العسكري الصيني. وقال هيغل انه ونظيره الماليزي اتفقا على تعزيز التعاون العسكري خلال جلسة محادثات quot;مثمرةquot;.

وعلى وقع التوترات الاقليمية بسبب الخلاف على اراض في بحر الصين الجنوبي، يعرض البنتاغون المساعدة على دول جنوب شرق اسيا على شكل معدات عسكرية وتدريبات لمساعدتها على حماية حدودها المائية بشكل افضل. ونفى مسؤول كبير في وزارة الدفاع للصحافيين المرافقين لهيغل في رحلته الاسيوية، quot;الخرافةquot; السائدة بان الاقتطاعات التي تطال ميزانية البنتاغون ستنهي quot;المحورquot; الاسيوي في السياسة الاميركية.

وقال المسؤول طالبا عدم ذكر اسمه quot;لدينا امكانات مناسبة لدعم هذه الاستراتيجية وللقيام بذلك في المستقبل المنظورquot;. واشار المسؤول الى ان الولايات المتحدة تعمل على زيادة عدد القطع البحرية في منطقة اسيا - المحيط الهادئ، وتوقع اتفاقات مع عدد من الدول للسماح للسفن والطائرات والقوات بالعمل مداورة في المرافئ الرئيسة والقواعد الجوية، مع تفادي وجود قواعد اميركية دائمة. وبعد زيارته، التي تستمر يومين الى ماليزيا، يتوجه هيغل الى اندونيسيا ثم الى بروناي للقاء وزراء الدفاع في منظمة دول جنوب شرق اسيا (اسيان) ولاعبين اخرين في المنطقة بينهم الصين والهند.

تأكيد استخدام اسلحة كيميائية في سوريا قد يدفع اوباما الى التدخل عسكريا
تزداد مؤشرات على ان فظاعات الحرب الكيميائية قد تدفع الولايات المتحدة الى التدخل عسكريا للمرة الاولى في الحرب الاهلية الدائرة في سوريا. وبدأت الالة العسكرية والدبلوماسية الاميركية تتحرك ببطء بعد نشر صور اطفال قضوا اختناقا على ما يبدو بسبب غازات سامة، اثارت صدمة في العالم. ويواجه اوباما اختبارا جديدا لعقيدة موروثة تقضي بتجنب التدخل في مستنقع الشرق الاوسط.

وملف سوريا يطرح معضلة دائمة لمعرفة ما اذا كان على الدوافع الانسانية او المصالح الوطنية ان تملي السياسة الخارجية الاميركية. وتتفاقم الازمة في حين يحاول اوباما التعامل مع quot;الانقلابquot; في مصر. وكان الرئيس الاميركي عقد السبت اجتماعا نادرا مع كبار المسؤولين في ادارته، بينهم نائبه جو بايدن ووزيرا الدفاع والخارجية وقادة الاستخبارات للبحث في الرد الاميركي على ما يحصل في سوريا. ثم اتصل اوباما برئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ما يدل على الجهود لتأليف تحالف دولي للتحرك.

ومن غير الواضح ما اذا كان اوباما يميل الى توجيه ضربة عسكرية اذا ثبت استخدام قوات الاسد الاسلحة الكيميائية ما يعتبر تجاوز quot;الخط الاحمرquot; الذي حدده في العام الماضي. ومن المحتمل ان يكون النشاط الدبلوماسي والعسكري الاميركي في الايام الاخيرة مجرد وسيلة للضغط على الرئيس السوري بشار الاسد الذي لم يرضخ للمطالب الاميركية بتنحيه.

لكن يبدو ان الادارة الاميركية تتخذ خطوات يتوقع ان تسبق القرار باستهداف الوحدات السورية المتورطة في هجوم ريف دمشق.
وينشر البنتاغون القوات وكذلك السفن الحربية المجهزة بصواريخ عابرة في المتوسط، في حين يدرس معاونو اوباما سيناريو نزاع كوسوفو للتدخل في سوريا من دون تفويض من الامم المتحدة الذي ستعرقله روسيا بالتأكيد. كما يكثف وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاتصالات مع حلفاء واشنطن في اوروبا والشرق الاوسط.

ويعتقد جوليان زيليزر مؤرخ السياسة الخارجية في جامعة برينستون ان الادارة الاميركية quot;تشعر بالضغوط للتحرك او لتظهر وكأنها تستعد للتحرك لاسباب سياسية (ولاثبات لسوريا) ان هناك حدودا لما هو مسموحquot;. واكد مساعدو اوباما ان اي قرار لم يتخذ بعد ويريدون اثباتات قاطعة بان القوات السورية استخدمت اسلحة كيميائية في ريف دمشق ما اسفر عن مقتل 1300 شخص، كما تقول المعارضة. لكن البيت الابيض اعطى مصداقية للتقارير في بيان خلال اجتماع السبت مشيرا الى quot;روايات شهود والعوارض التي ظهرت على الضحاياquot;.

وقال باري بافل المسؤول الكبير السابق في وزارة الدفاع والامن القومي في ادارات كلينتون وبوش واوباما quot;هناك شعور في واشنطن بان هذه المسألة جديدة وبانه يجب التحركquot;. واضاف انه في حال لم تتخذ الادارة تحركا حازما بعد اختبار القوة هذا فانها قد تعرض مصداقيتها للخطر. كما ان سمعة اوباما على المحك بعد ان قال العام الماضي بان استخدام اسلحة كيميائية في سوريا خط احمر بالنسبة لواشنطن.

وتترقب ايران والصين وكوريا الشمالية اعداء الولايات المتحدة، لترى ما اذا كان هناك ثمن لتحدي واشنطن. وكان اوباما رد قبلا على استخدام اسلحة كيميائية على نطاق محدود في سوريا بقطع وعد بتقديم مساعدة مباشرة للمعارضة. لكنه وصف الهجوم الكيميائي الذي وقع في الايام الماضية بانه quot;حدث كبيرquot;. واذا ما اثبتت الاستخبارات الاميركية ان الاسد مسؤول فعلا عن هذا الهجوم سيجد اوباما نفسه في موقع سياسي صعب.

وتحدث المسؤولون الاميركيون بعبارات عامة عن الخيارات العسكرية المحتملة. ويفترض ان تكون اي ضربة قوية بما فيه الكفاية لردع قوات الاسد عن الرد، ومحدودة ايضا لتفادي زج واشنطن اكثر في هذه الحرب. ويعتقد حسين ايبش المحلل في لجنة العمل الاميركية في فلسطين ان التحرك العسكري ممكن. ويضيف quot;اعتقد ان اقل تحرك يمكننا توقعه هو هجوم محدود بالصواريخ العابرة على مواقع تتعلق بالاسلحة الكيميائيةquot;. ويتابع quot;قد يشمل التحرك ضرب منشآت مفيدة للنظامquot;.

ومهما حصل يريد اوباما ان يدخل التاريخ كالرئيس الذي انهى الحروب الاميركية وليس الذي فتح جبهات جديدة. ويؤكد مسؤولون انه لا يتم التداول باقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا وهناك ايضا مؤشرات تفيد بان الادارة قلقة لضمان الاطار القانوني الصحيح لاي تحرك. ومن الخطط سيناريو الائتلاف الاوروبي الخليجي الذي وجه غارات جوية في ليبيا لحماية المدنيين.

وهذا السيناريو لن يحتاج الى قرار مجلس الامن الدولي للتدخل في ليبيا الذي لم تعرقله روسيا والتي قالت لاحقا انها خدعت لان هدفه كان تغيير النظام. وعلى اوباما ان يدرس احتمالات اخفاق التدخل العسكري بما في ذلك مخاطر وقوع ضحايا بين المدنيين. كما لا يمكن تجاهل السياسة المحلية. وسيتذرع اوباما على الارجح بان التحرك المحدود في سوريا لن يرقى الى مستوى العمليات الذي يستلزم اذنا رسميا من الكونغرس لدخول الحرب.