زيارة ولي عهد أبوظبي ونائب قائد القوات المسلحة الأمير محمد بن زايد إلى القاهرة، والاستقبال الشعبي اللافت الذي حظي به، يشيران إلى عودة الدفء الى العلاقات بين الامارات ومصر بعد عام من حكم الاخوان تخلله فتور واستياء.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: ساهمت الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي في استعادة دفء العلاقات بين مصر ودول الخليج العربي، ولاسيما الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ورغم أن العلاقات بين مصر وهذه البلدان شهدت فترة من التوتر والجمود وصلت إلى حد ما يمكن وصفه بـquot;الزمهريرquot;، على المستوى الرسمي خلال العام الذي حكم فيه الإخوان مصر، إلا أنها كانت تتمتع بالدفء شعبياً، وزاد تقاطر كبار المسؤولين الإماراتيين على القاهرة توثيق تلك العلاقات بشكل أكثر.

في هذا الإطار يزور ولي عهد أبوظبي ونائب قائد القوات المسلحة الأمير محمد بن زايد، القاهرة، وحظي الضيف الإماراتي باستقبال شعبي في مطار القاهرة الدولي، في واحدة من المرات النادرة في مصر منذ ثورة 25 يناير، 2011، وإلتقى آل نهيان كبار رجال الدولة المصرية، على رأسهم: الرئيس الموقت عدلي منصور، وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، رئيس الحكومة حازم الببلاوي.

استقبال شعبي

حظي الأمير محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي باستقبال حافل في مصر على المستويين الرسمي والشعبي، فيما يوصف بأنه أفضل تعبير عن عودة الدفء إلى العلاقات المصرية الإماراتية بعد أن شابتها الكثير من التوتر في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، لاسيما أن جماعة الإخوان المسلمين، لطالما اتهمت الإمارات بالمشاركة في ما اعتبرته quot;مؤامراتquot; لإجهاض الثورة.

في مشهد نادر الحدوث، وتعبيراً عن عمق العلاقات بين مصر والإمارات، إحتشد المئات من المصريين لاستقبال آل نهيان في مطار القاهرة، ورفعوا الأعلام المصرية والإماراتية، وباقات الورود وحملوا صوراً للشيخ زايد بن نهيان، رئيس الإمارات الراحل، ورفعوا أيضاً لافتات كتب عليها quot; quot;شكرًا للشعب الإماراتيquot;.

ورددوا هتافات: quot;الإمارات ومصر إيد واحدةquot;، quot;الإمارات والسعودية ومصر إيد واحدةquot;، quot;أهلاً بالغالي بن الغاليquot;، quot;كلنا بنحب زايدquot;

وعزف بعض المصريين على المزماز البلدي، الذي يرتبط العزف عليه في مصر بالأفراح والأعراس، أو العودة من أداء الحج أو العمرة. ورددوا الأغاني الوطنية المصرية ومنها أغنية quot;تسلم الأياديquot;، الأكثر تدوالاً حالياً.

واجب أخوي

حظي آل نهيان باستقبال حافل على المستوى الرسمي، وكان رئيس الحكومة حازم الببلاوي في استقباله بالمطار، والتقى آل نهيان بوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، وحضر رئيس الأركان صدقي صبحي اللقاء، لاسيما أن صبحي يتمتع بعلاقات قوية ومتينة مع قيادات دولة الإمارات، ويرتبط بصداقة مع محمد بن زايد، كما حضر كبار قادة القوات المسلحة والسفير الإماراتي بالقاهرة اللقاء.

وقال ولي عهد أبوظبي إن دولة الامارات العربية المتحدة ماضية في تقديم كافة أشكال الدعم لمصر، والتي من شأنها خدمة خطط وأهداف التنمية والدفع بعملية التحول والنمو الاقتصادي والمعيشي إلى الأمام وبما يمكن الأشقاء في مصر من تجاوز هذه المرحلة ومواجهة التحديات المقبلة لمواصلة مسيرتها في البناء والتنميةquot;، مشيراً إلى أن quot;وقوفنا مع الأشقاء في مصر هو واجب أخوي ويستهدف مصلحة وخير الشعب المصريquot;.

تجديد الدعم الإماراتي

قال العقيد أحمد محمد علي، المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية، إن اللقاء تناول مناقشة الوضع الداخلي على الساحتين المصرية والإقليمية.

وأضاف في بيان له عبر صفحته على فايسبوك أن اللقاء تضمن تأكيد آل نهيان على تجديد الدعم الإماراتي حكومة وشعباً ووقوفهما جنباً إلى جنب مع الشعب المصري للخروج من الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد والاستمرار بخطى ثابتة في تنفيذ خارطة المستقبل في مصر.

ولفت إلى أن آل نهيان أشاد بـquot;الدور الوطني للجيش المصري في تلك المرحلة الصعبة والمعقدة التي استطاع خلالها أن يعبر بمصر إلى بر الأمانquot;، مشيراً إلى أن quot;الشعب مدرك حجم التحديات التي تحيط بهquot;، وأعرب آل نهيان عن ثقته في تحمل أبناء مصر مسؤولياتها الوطنية والتاريخية في المرحلة المقبلة.

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير بدر عبد العاطي، quot;إن وقوف دولة الإمارات العربية المتحدة مع إرادة الشعب المصري ليس مستغربًاquot;، مشيراً إلى أن quot;دولة الإمارات الشقيقة وقفت إلى جانب مصر في كل أوقات المحن والملمات مثلما وقفت مصر مع أشقائها العرب على مر التاريخquot;، مشيراً إلى أن quot;الشعب المصري لن ينسى على الإطلاق هذا الموقف التاريخي لدولة الإمارات ودعمها لمصر وانحيازها الكامل الى إرادة الشعب المصريquot;.

مؤامرات الإخوان

من جانبه، قال السفير محمود حمدي، مساعد وزير الخارجية السابق، لـquot;إيلافquot; إن العلاقات بين مصر والإمارات تتسم بالعمق رسمياً وشعبياً، مشيراً إلى أنها شهدت ما يمكن وصفه بـquot;سحابة صيفquot;، خلال حكم الإخوان.

وأضاف أن الإخوان بحكم تربيتهم في تنظيم سري، يتبنون نظرية المؤامرة، ودائماً ما كانت تسيطر عليهم فكرة أن المؤامرة التي تحاك ضدهم تأتي من الإمارات العربية المتحدة، لاسيما بعد استضافتها لأحمد شفيق المرشح الرئاسي المنافس للرئيس المعزول محمد مرسي.

وكلاء أميركا

ولفت إلى أنّ العلاقات بين الإخوان والإمارات كانت متوترة على المستوى الرسمي، لكنها كانت تتمتع بالدفء والود على المستوى الشعبي، منوهاً إلى أن الإخوان ساهموا في عزلة مصر على المستوى العربي، بسبب تبنيهم سياسات خارجية تتسم بالسوء وتدور في فلك الوكلاء الأميركيين بالمنطقة، مثل قطر وتركيا، أو الدوران في فلك أعداء دول الخليج مثل إيران، التي لا تكف عن العمل ليل نهار لزعزعة استقرار دول الخليج العربي، بالإضافة إلى أنها تقف وراء حالة عدم الاستقرار ودوامة العنف في العراق.

وأفاد حمدي بأن مصر خسرت كثيراً على المستوى الإقليمي خلال العام الذي حكم فيه الإخوان، موضحاً أن محاولة الإخوان سلخ مصر من محيطها العربي، والارتماء في أحضان إيران وتركيا أضرت كثيراً بعلاقاتها مع الدول الخليجية.

ونبّه إلى أن وقوف الدول العربية ولاسيما الإمارات والسعودية إلى جانب مصر بعد إزاحة الإخوان عن الحكم، يؤشر على أن العلاقات بين تلك البلدان قوية ومتينة، وشدد على ضرورة العمل على توثيقها بشكل أكبر، مشيراً إلى أن قوة تلك العلاقات تمنح جميع الأطراف العربية ثقلاً سياسياً على المستوى الدولي، بما يتيح لها التأثير في صناعة القرار دولياً.