وسّعت الإدارة الأميركية مروحة أهدافها في سوريا، وقررت إشراك سلاحها الجوي، بعدما كان الحديث عن اقتصار الحرب على صواريخ توماهوك من سفن أميركية في البحرين المتوسط والأحمر.


أصدر الرئيس الأميركي باراك أوباما توجيهاته إلى البنتاغون بتوسيع قائمة الأهداف المشمولة بالضربة المتوقعة في سوريا، بعدما رصدت الاستخبارات الأميركية حركة قوات ومعدات ترتبط باستخدام الأسلحة الكيميائية. وكانت إدارة أوباما أعلنت أن هدف الضربة هو الردع وإضعاف قدرة نظام الرئيس السوري بشار الأسد على استخدام أسلحة كيميائية.

وقال مسؤولون أميركيون إن أوباما مصمم الآن على إيلاء اهتمام أكبر بالجزء المتعلق بـquot;إضعافquot; قدرات النظام، ويعني هذا توسيع قائمة الأهداف بأكثر من خمسين موقعًا أو نحو ذلك، أُدرجت على القائمة الأصلية بالتنسيق مع الفرنسيين، قبل أن يؤجّل أوباما موعد الضربة إلى حين موافقة الكونغرس.

وأخذت الإدارة الأميركية تتحدث للمرة الأولى عن استخدام طائرات أميركية وفرنسية لتنفيذ ضربات ضد أهداف محدَّدة، إضافة إلى إطلاق صواريخ توماهوك من سفن تبحر قبالة الساحل السوري. كما بدأت الإدارة تحركًا جديدًا لإشراك قوات أخرى من حلف شمال الأطلسي.

أهداف جديدة
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين عسكريين قولهم إن الضربات لن تكون موجّهة إلى ترسانات الأسلحة الكيميائية، والمخاطرة في إحداث كارثة، بل إلى وحدات عسكرية خزّنت أسلحة كيميائية وأعدّتها واستخدمتها ضد المدنيين ومقاتلي المعارضة، فضلًا عن مقار القيادة، التي تشرف على هذه العمليات، والصواريخ وبطاريات المدفعية التي شنت الهجمات.

وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي إن الأهداف الأخرى تشمل معدات يستخدمها النظام السوري لحماية المواد الكيميائية من دفاعات جوية وصواريخ بعيدة المدى، لإيصال الأسلحة الكيميائية إلى أهدافها. ويدرك كبار مسؤولي الإدارة الخيارات المتضاربة التي تواجههم، فلنيل موافقة الكونغرس عليهم أن يقبلوا بأن تكون الضربة محدودة، وما يفرضه الكونغرس من قيود لضمان ذلك، لكن عليهم توسيع نطاقها وزيادة أهدافها، كي تكون ذات معنى، لا تعقبها انتقادات للإدارة.

وقال مسؤول أجنبي مشارك في النقاشات لصحيفة نيويورك تايمز: quot;أسوأ نتيجة ستكون الخروج من هذه المعركة الشاقة مع الكونغرس بعمل عسكري ليس له تأثير يُذكرquot;.

كروز وأسلحة أخرى
وحذر مسؤولون من أن الخيارات المتاحة لتوسيع نطاق الضربة محدودة أيضًا. وقال أحد هؤلاء المسؤولين إن التفكير يتجه نحو زيادة أهداف الضربة تدريجيًا، وليس بمتوالية هندسية، لكن الهدف منها إلحاق ضرر كبير بالجيش النظامي. ويبدو بعض المسؤولين في إدارة أوباما قلقين من تأكيدات ديمبسي المتكررة بأن أي تدخل أميركي في سوريا من المستبعد أن يكون له تأثير حاسم في مجرى الحرب الأهلية المستعرة هناك، وبذلك إضعاف حجة الإدارة القائلة إن الضربة، وإن كانت ذات أهداف محددة، ستحمل الأسد على تغيير حساباته.

وبتوسيع قائمة الأهداف، تقترب الإدارة من القيام بعمل عسكري يساعد على تغيير ميزان القوى على الأرض لمصلحة قوات المعارضة، رغم إعلانات الإدارة بأن الهدف الرئيس هو معاقبة النظام على استخدامه أسلحة كيميائية. ومن المتوقع أن تنهض بالعبء الرئيس للضربة صواريخ كروز من المدمّرات الأربع، التي ترابط شرق المتوسط، على مسافة تضع الأراضي السورية ضمن مداها.

وتحمل كل سفينة منها نحو 36 صاروخ توماهوك، تتسم بدرجة عالية من الدقة في إصابة الهدف، ويمكن أن تُطلق من مسافة 1600 كلم تقريبًا. لكن المخططين العسكريين يعدّون الآن خيارات أخرى، تتضمن غارات تشنها قاذفات السلاح الجوي، كما أفادت صحيفة وول ستريت جورنال، بعدما كانت وزارة الدفاع تخطط للاعتماد حصرًا على صواريخ كروز.

القاذفات جاهزة
تستطيع قاذفات القنابل أن تحمل كمية أكبر من الذخيرة، متيحة توجيه عدد أكبر من الضربات إذا لم تدمّر الموجة الأولى أهدافها. ومن بين الخيارات المتاحة قاذفات ب ـ 52 القادرة على حمل صواريخ كروز تُطلق من الجو، و ب ـ 1 التي تتمركز في قطر وتحمل صواريخ جو ـ أرض بعيدة المدى، وطائرات ب ـ 2 أو الشبح وقاعدتها في ولاية ميسوري، وتحمل قنابل موجّهة بالأقمار الاصطناعية. ودفعت البحرية الأميركية بحاملة الطائرات نيمتس إلى البحر الأحمر، على مسافة تضع الأراضي السورية في مدى أسلحتها.

وقال الجنرال الجوي المتقاعد ديفيد ديبتولا إن قرار أوباما تأجيل الضربة بانتظار موافقة الكونغرس يعطي نظام الأسد فرصة لتعقيد المهمة على الولايات المتحدة، بنقل أفراد أو حتى عتاد كيميائي إلى المواقع المدرجة على قائمة الأهداف كي تقع خسائر بين المدنيين أو تنبعث مواد كيميائية في الجو نتيجة مباشرة للضربات. لكن الجنرال ديمبسي أكد أن أجهزة الاستخبارات الأميركية ترصد هذه التحركات، التي اشتملت على نقل سجناء، يمكن استخدامهم دروعًا بشرية، وستتخذ كل الخطوات اللازمة للحدّ قدر الإمكان من وقوع ضحايا بين المدنيين.

كما أعدّ البنتاغون خططًا لمواجهة أي هجمات تشنها قوات النظام ردًا على الضربة. وقال ديمبسي إن الأسد يمكن أن يطلق صواريخ بعيدة المدى على دول مجاورة، ويشجّع حلفاء وأعوانًا، مثل حزب الله، على استهداف سفارات أميركية، أو تنفيذ هجمات الكترونية ضد مصالح أميركية.