ربط عالم مناخي الصراعات الدموية في العالم بظاهرة الاحتباس الحراري، لكنه اعترف أن لا توافق عالمي على هذا الربط، مكتفيًا بالنهاية بالقول إن الاحتباس الحراري عامل يزيد التهديد بتداعيات أمنية عالمية.


أن يربط الصراع السوري بالاسلام المجاهد، أو بالقاعدة، أو بالارهاب الدولي، أو بالطغيان الذي برع فيه الرئيس السوري بشار الأسد، فهذا طبيعي، لكن أن يربط هذا الصراع الدامي، المستمر منذ عامين ونصف، والذي أودى بحياة أكثر من 100 ألف سوري، بالاحتباس الحراري، فهذا مدعاة للدهشة.
تغاضى العسكريون
يقول فرانشيسكو فيميا، المؤسس المشارك لمركز المناخ والأمن، إن الصراع السوري الذي تتجه إليه أنظار العالم الآن، مع التهديد الأميركي بضرب النظام السوري، أتى بعد أسوأ موجة جفاف طويلة الأجل بسبب تلف المحاصيل الزراعية منذ بدء الحضارات في الهلال الخصيب.
يضيف في تقرير لـ quot;ذا دايلي كولرquot;: quot;هذا الجفاف الشديد، بالاضافة إلى تلف واسع النطاق للمحاصيل الزراعية بسبب سوء سياسة النظام السوري الزراعية، شجعا على هجرات جماعية من الريف إلى المدن، التي كانت مزدحمة أصلًا بسبب لاجئين من العراق، لكن المحللين العسكريين تغاضوا عن هذه العوامل، وقالوا إن سوريا ستكون عصية الاضطرابات مدنية اجتاحت أنظمة استبدادية أخرى في الشرق الأوسط، لكن تحت رماد دولة بدت لجميع مستقرة، كان جمر بيئي وبشري يستعرquot;.
تداعيات أمنية
بحسب فيميا، يتجلى تغير المناخ في المقام الأول من خلال المياه، quot;لكن التجليات تختلف من مياه إلى أخرى، ويمكن أن تؤدي إلى الجفاف العام، أو إلى عاصفة هوجاء، أو إلى هطول كمية غير معتادة من الأمطار يتبعه الفيضانات، فالمسألة لا يمكن اختصارها بكلمة ندرة فقط، انها فيض وندرة بشكل غير متوقع على الإطلاقquot;.
ويتابع فيميا تحليله المناخي قائلًا: quot;لتغير المناخ تداعيات أمنية عالمية، والصراعات وجه واحد من وجوهها الكثيرةquot;.
فقد بدأ الباحثون في الآونة الأخيرة الاهتمام أكثر فأكثر بالآثار التي تتركها ظاهرة الاحتباس الحراري على العلاقات الدولية، وعلى النزاعات بين الدول المختلفة، أو ضمن الدول نفسها. وتقول إحدى الدراسات الحديثة إن التحولات في مناخ الأرض ارتبطت تاريخيًا بالصراعات العنيفة، فالاحترار العالمي قد يفاقم النزاعات في أنحاء العالم.
يضاعف التهديد
إلا أن هذا الأمر لم يحصّل بعد إجماعًا بين الخبراء العسكريين. ويقول وليام مارتل، الأستاذ المشارك في دراسات الأمن الدولي بجامعة تافتس، في هذا الاطار: quot;ليس ثمة توافق في المجتمعات العلمية أو السياسة على العوامل المساهمة، إن لم نقل المسببة، للصراعاتquot;.
وهنا لا بد من ذكر جيف كويتير، رئيس معهد مارشال، الذي ألف بحثًا بين فيها أن العوامل البيئية نادرًا ما تحرض على الصراعات، بل كثيرًا ما تولد التعاون بين الدول، مضيفًا: quot;لكي تولد العوامل البيئية صراعًا ما، ينبغي وجود عوامل أخرى، مثل القمع، والصراعات طويلة الأمد بين بلدين يتنافسان على مناطق أخرىquot;.
إزاء هذه الآراء، يعترف فيميا أنه من المبكر بعد ربط ظاهرة الاحتباس الحراري بالتسبب في حصول النزاع. يقول: quot;علينا بعد تفنيد الروابط بين التبدل المناخي والجفاف، والتشرد، وبالتالي نشوء الصراعات، ونحن نقول إن تغير المناخ يسبب الصراعات المسلحة، لكنه بالتأكيد عامل يضاعف التهديد، فهو يجعل التهديدات الأخرى لأمن الإنسان أشد سوءًاquot;.