واشنطن: مع اقتراب موعد الجمعية العامة للامم المتحدة، تبدي الولايات المتحدة وايران اهتماما متزايدا الواحدة تجاه الاخرى وان كانت الاشارات الصادرة عنهما لا تزال خجولة الا انها تبعث الامل في استئناف الحوار بعد عداء مستمر منذ ثلاثة عقود.
ويرى خبراء في العلاقات الدولية ان الحذر الذي تلزمه ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما حيال اشارات الانفتاح الصادرة عن الرئيس الايراني الجديد حسن روحاني تلقى تبريرها في تعقيدات الملفات الخلافية بين البلدين، من سوريا الى البرنامج النووي الايراني، كما في دروس التاريخ الحديث.
وقبل ايام من توجهه الى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للامم المتحدة، رحب روحاني في مقابلة اجرتها معه شبكة تلفزيونية اميركية هذا الاسبوع بلهجة اوباما quot;الايجابية والبناءةquot; مؤكدا انهما تبادلا رسائل بعد تنصيبه رئيسا.
وذهب روحاني الى حد الكلام عن امكانية عقد لقاء مع اوباما على هامش الامم المتحدة، وهو احتمال لم يكن ليرد في الاذهان قبل وقت قريب، لا سيما في ظل انقطاع العلاقات بين البلدين منذ الثورة الاسلامية عام 1979.
وشدد البيت الابيض على ان مثل هذا اللقاء غير مقرر quot;في الوقت الراهنquot; لكن بدون ان يستبعد امكانية انعقاده.
وكان اوباما اعلن الثلاثاء انه يعتزم اختبار استعداد روحاني الذي تسلم مهام الرئاسة الشهر الماضي، للتحاور حول البرنامج النووي الايراني، الملف الذي يقع في صلب خلاف كبير بين ايران والغرب.
وقال quot;هناك فرصة للدبلوماسية. آمل ان ينتهزها الايرانيونquot;.
كما اعلن البيت الابيض انه اخذ علما بquot;الكثير من الامور المهمة جداquot; الصادرة عن ايران.
وابدى روحاني حتى quot;استعداده .. لتسهيل الحوارquot; بين نظام الرئيس السوري بشار الاسد حليف ايران الرئيسي في المنطقة، والمعارضة.
غير ان المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني حذر من ان quot;الافعال اكثر اهمية من الاقوالquot; من قبل بلد خاضع لعقوبات اقتصادية دولية صارمة بسبب برنامجه النووي الذي تشتبه الدول الغربية بانه يخفي شقا عسكريا.
وبعدما حذر روحاني مؤخرا بان بلاده quot;لن تتراجع قيد انملةquot; عن حقوقها النووية، عاد واكد الخميس متحدثا لشبكة ان بي سي quot;لم نسع يوما لحيازة قنبلة نووية ولن نسعى الى ذلك ابداquot;.
واكتفى البلدان حتى الان باصدار تصريحات ورأى تريستا بارسي من مجموعة quot;ناشونال سيكيوريتي نتووركquot; للدراسات ان الافراج الاربعاء عن 12 معتقلا سياسيا هو بمثابة مبادرة من قبل الجمهورية الاسلامية تجاه الغرب quot;بدون ان تضطر الى تقديم شيء هامquot; له.
وذكر كارني بان اوباما سبق ان ابدى استعداده خلال حملته الاولى للانتخابات الرئاسية عام 2008 للتفاوض مباشرة مع الايرانيين quot;ان ارادوا جديا التخلص من برنامجهم للاسلحة النوويةquot;، معتبرا ان حكومة سلف روحاني المتشدد محمود احمدي نجاد لم تبد مثل هذه quot;الجديةquot;.
وعلق الاميركي كارل اندرفيرث الدبلوماسي الاميركي السابق الذي عمل في الامم المتحدة والعضو في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في واشنطن ان تصريحات روحاني الاخيرة تظهر quot;بوضوح ان (الايرانيين) يريدون الدخول في مناقشات بشكل مختلف عن احمدي نجادquot;.
غير ان بارسي حذر من ان نافذة الفرص قد تنغلق بسرعة موضحا ان quot;المحافظين تلقوا امرا بالسماح لروحاني بالمحاولة لبعض الوقت. وفي حال لم يتمكن من الاثبات بان نهجه الدبلوماسي اكثر فائدة لايران من مزايدات احمدي نجاد المسرحية، فان المحافظين سوف يستعيدون زمام الامورquot;.
ولفت آرون ميلر خبير الشرق الاوسط في مركز ويلسون quot;سبق ان رأينا هذا النوع من الحملات الايجابيةquot; في اشارة الى عهد الرئيس الاصلاحي الاسبق محمد خاتمي (1997-2005) الذي لم يفض الى تحقيق اختراق دائم.
وحذر اندرفيرث بانه يجدر بادارة اوباما التحلي باكبر قدر ممكن من المهارة والحذر quot;حتى لا تعقد الامور اكثر على الرئيس روحاني في طهرانquot;، في اشارة الى المرشد الاعلى علي خامنئي، المرجع الحقيقي والاخير في اللعبة السياسية في ايران.
كما لفت بارسي الى ان الرئيس الاميركي يواجه من جانبه ايضا معارضة في الكونغرس لرفع العقوبات عن حكومة تعتبر اسرائيل ان برنامجها النووي يشكل تهديدا لوجودها نفسه.
وتساءل الخبير quot;ما هو قدر المرونة المتاح لواشنطن حتى تقدم تنازلات ضرورية لحمل ايران على ابرام اتفاق؟quot;