ندد تقرير نشر في لندن بحملات إعدام المعارضين السياسيين والمثقفين في إيران، ونبّه التقرير إلى أن هذه الإعدامات تمت في عهد صديق الغرب، الرئيس حسن روحاني.

قال تقرير لصحيفة (إندبندنت) اللندنية، الخميس إن الرئيس الإيراني الجديد، حسن روحاني، وصديق الغرب الجديد في إيران هو الذي صادق على الحكم بالإعدام الذي صدر في عهد سلفه، محمود أحمدي نجاد، بعدما زار الأحواز الشهر الماضي.
ويضيف أن معارضين يؤكدون أن عشرات الفنانين والكتّاب والأكاديميين كانوا قتلوا في عهد الرئيس محمد خاتمي، الذي يعتبر غاية في الاعتدال، على الرغم من اعتراضه على قتلهم.
وفي تقريره للصحيفة، يقول الكاتب فيسك الذي تناول فيه إعدام المعارضين السياسيين في إيران: quot;لابد أن تكون في إيران جمعية للشعراء القتلى، الشعراء الذين قتلهم النظام، ولعل آخرهم العربي الإيراني الأحوازي، في أقصى جنوب غربي البلاد على الحدود مع العراقquot;.
فقد أعدم الشاعر هاشم شعباني شنقاً بتهمة quot;نشر الفساد في الأرضquot;، وهو واحد من بين مئات أعدمتهم الثورة الإسلامية منذ 1979.
ويواصل فيسك في تقريره بأن كل شيء عن شعباني يفضح عار من أعدموه. فهو شاعر يدعو إلى السلام، وله ثقافة عالية، ويرعى والده المريض، وهو جندي مقعد أصيب في حرب 1980- 1988 ضد العراق، كما له زوجة وولد وحيد.
رسالة من السجن
وينقل التقرير عن شعباني قوله في رسالة من السجن إنه لم يستطع أن يصمت أمام الجرائم البشعة التي تقترفها السلطات الإيرانية ضد الأحوازيين، خاصة الإعدامات بلا محاكمة، وإنه حاول الدفاع عن حقوق الشعب الأحوازي المشروعة.
ويضيف صاحب التقرير أن القلم في إيران أصبح أقوى من السيف، أمام تزايد جنون أجهزة الأمن بشأن خطر الانفصال، ليس في الأحواز فحسب، وإنما في بلوتشستان، وكردستان إيران، وبين أقليات أخرى.
ويشار الى أن هاشم شعباني ليس الشاعر الأول الذي تعدمه السلطات الإيرانية، فقد سبق لها أن خطفت الشاعر اليساري سعيد سلطان في يوم زواجه، ثم صفّته لاحقاً في سجن بطهران.
وكانت السلطات الإيرانية تركت الشاعر رحمن هاتفي، الذي يكتب تحت الاسم المستعار حيدر مهريغان، ينزف حتى الموت في سجن إيفان بعد أن قطعوا أوردته.
عهد رفسنجاني وخاتمي
ويتحدث تقرير (إندبندانت) عن محاولةفاشلة لتصفية عدة شعراء كانوا متجهين لحضور مهرجان في أرمينيا في عهد الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني. وكان النظام في عهده قد قتل عدة شعراء وكتّاب.
لكن التقرير يشير الى أن أسوأ حالات القتل حصلت في عهد خاتمي، حيث قتل أكثر من 80 مثقفاً، بينهم محمد مختاري، وجعفر بوياندا، اللذان قتلهما عملاء الحكومة.
يذكر أن هاشم شعباني وعمره 32 عامًا معروف بصفة خاصة في الدوائر الثقافية بسبب الشعر الذي نشره باللغتين الفارسية والعربية، وهو أيضاً مؤسس معهد الحوار الذي يهدف إلى نشر فهم أفضل للأدب العربي والثقافة العربية وسط الإيرانيين.
ويقدم المعهد دروسًا في اللغة العربية برسوم رمزية ويساعد في ترجمة القصائد الفارسية المعاصرة إلى اللغة العربية والعكس.
ويشير تقرير (اندبندانت) إلى أن المواضيع السياسية بدأت تظهر بصورة أوضح في قصائد شعباني بعد عام 2010 عندما أمر المرشد العام علي خامنئي بالقيام بحملة ضد الأقليات العرقية وجميع من يشكك في ادعائه بـquot; تمثيل مشيئة الله في الأرضquot;.
تعذيب
وكان شعباني اعتقل في شباط (فبراير) 2011، وبحسب رسائل هُربت من سجنه، فقد تعرض لتعذيب شديد. وفي كانون الأول (ديسمبر) 2011 ظهر على محطة التلفزيون الإيرانية الدولية (برس تي في) التي تديرها كتائب الحرس الثوري الإيراني وأرغم على الاعتراف بتورطه في laquo;إرهاب انفصاليraquo;، ودعم حزب البعث والتشكيك في شرعية laquo;ولاية الفقيهraquo;.
وادعى ما أُطلق عليه laquo;برنامج وثائقيraquo; أن شعباني كان على اتصال بحزب البعث وبالزعيم المصري السابق حسني مبارك ورجل ليبيا القوي في حينه معمر القذافي.
وورد اسما رئيس الخدمة العالمية لتلفزيون الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتلفزيون الصحافة محمد سرفراز ومدير غرفة الأخبار بتلفزيون الصحافة حامد رضا عمادي بوصفهما منتجي ذلك البرنامج الوثائقي المزيف.
ومنذ ذلك الوقت، فرض الاتحاد الأوروبي حظرًا على المحطتين، وكذلك على القاضي آية الله موسافي. ويقول شعباني في إحدى رسائله من سجنه، التي نشرتها عائلته، إنه لم يعد بمقدوره أن يظل صامتاً ضد quot;الجرائم البشعة ضد سكان الأحواز والتي ارتكبتها السلطات الإيرانية، لا سيما الإعدامات التعسفية والظالمةquot;.
وأضاف: quot;حاولت أن أدافع عن الحق الشرعي الذي يجب أن يتمتع به كل الناس في هذا العالم، وهو حق العيش بحرية مع الحقوق المدنية الكاملة. ومع كل البؤس والمآسي، لم أستخدم سلاحاً أبدًا لمكافحة هذه الجرائم الفظيعة سوى قلميquot;.
وبعد أن طلب إعادة محاكمته أمام محكمة محايدة، اختتم شعباني رسالته بقوله: quot;لم أشارك أبدًا في عمل مسلح مهما كانت دوافعه. لا أتفق مع العمل المسلح إن كانت هناك قنوات سلمية أخرى لتحقيق المطالب والتعبير عن أمانيناquot;.
قائد طلابي
ولد شعباني وترعرع في الأحواز ودرس بجامعتها، حيث حصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية. واشتهر بصفته قائدًا طلابيًا، إذ قاد عددًا من الاحتجاجات والمسيرات احتجاجًا على الاعتقالات التعسفية وطرد الأساتذة عامي 2008 و2009. وكتب شعباني مدونة دعا فيها إلى المزيد من حرية التعبير وlaquo;الانفتاح السياسيraquo;.
وفي عام 2010 انتقل شعباني إلى خلف آباد للاعتناء بوالديه المسنين. وكان والده، خلف شعباني، معاقًا بعد إصابته في الحرب الإيرانية العراقية ما بين 1980 - 1988 عندما قاد إحدى الوحدات التطوعية لمقاومة غزو صدام حسين. وباعتباره بطلاً محليًا انتخب خلف شعباني رئيسًا لمجلس بلدية المدينة.
وفي الختام، فإن آخر ما كتبه الشاعر والمعلم الأحوازي هاشم شعباني قبل إعدامه قبل ثلاثة أيام، بعد ما اتهموه بمحاربة الله ونظام ولي الفقيه، الآتي:
quot;ماذا يمكن أن يكتب الشاعر قبل موته بساعات؟!.. سبعة أسباب تكفي لأموت لسبعة أيام وهم يصرخون بي: أنت تشن حرباً على الإله! في السبت قالوا: لأنك عربي في الأحد: حسنًا، إنك من الأحواز في الاثنين: تذكر أنك إيراني، في الثلاثاء: أنت سخرت من الثورة المقدسة. في الأربعاء: ألم ترفع صوتك على الآخرين؟ في الخميس: أنت شاعر ومغنٍ. في الجمعة: أنت رجل، ألا يكفي كل هذا لتموت؟.