مثلما توقعنا ان جريمة الأحتلال الإيراني للحقل النفطي العراقي كانت عبارة عن سيناريو متفق عليه بين بعض الأطراف الفاعلة في الحكومة العراقية والبرلمان وبين ايران، القصد منها تحريك الأجواء وتهيئة الرأي العام لقبول فكرة اجراء مفاوضات حول مايسمى المشاكل الحدودية والحقول النفطية المشتركة وضرورة معالجتها وحلها بسرعة.
خطورة هذا السيناريو تكمن في عدم وجود قوى سياسية رسمية يطمئن لها المواطن العراقي على مصالح بلده، وان العراق لايملك من القوة السياسية والعسكرية بحيث يجعله في موقف تفاوضي يقف ندا قويا بوجه الأطماع الإيرانية في أراضيه وثرواته، وعندما تكون أوضاع البلد بهذا المستوى الضعيف فمن الخطأ القاتل القيام بأي مفاوضات مصيرية تتعلق بثروات وسيادة البلد.
الشيء الخطير جدا هو ان الحكومة العراقية مسبقاً قبل المفاوضات تبرعت بالحديث عن وجود حقوق ايرانية مشروعة في الحقول النفطية المشتركة وان القضية بحاجة الى الحوار لمعالجتها، علما أننا في ذروة الحرب والعداء بين العراق وايران لم نكن نسمع عن وجود حقول نفطية مشتركة، وهذا موقف عجيب جدا في الدبلوماسية، فبدلا من مبادرة الحكومة العراقية بالدفاع عن مصالح بلدها واتخاذ مواقف وطنية حازمة تطالب بأنسحاب الجيش الإيراني، وتنفي وجود حقوق ايرانية في الأراضي العراقية بشدة.. نجدها تتطوع بسرعة الى تقديم حقول نفط العراق هدية مجانية الى ايران، وكأن الحكومة العراقية محامي موكل للدفاع عن الأطماع الإيرانية وإيجاد المبررات السياسية والقانونية لها!
ما يجعلنا نشعر بالخوف والذعر أكثر على مصالح العراق هو ان الأطراف التابعة الى ايران في الحكومة والبرلمان العراقي والتي بيدها اتخاذ القرار السياسي.. أن هذه الأطراف بنائها الأيديولوجي يرفض بشدة مفهموم (الوطن ) ويعتبره كفراً وتفريقا لجمع الشيعة ووحدتهم وهو نفس مفهوم كافة الأحزاب الأسلامية السنية ايضا، بل هو المفهوم الأسلامي العام الشيعي والسني الذي يرفض فكرة الوطن ويؤمن (بالأمة الأسلامية ) فقط، وهذه الخلفية العقائدية تجعل هذه الأطراف لاتشعر بالحرج الأخلاقي والوطني والسياسي في حال قررت التنازل الى ايران عن الحقول النفطية وغيرها، ولهذا رأينا كيف قامت هذه الجماعات بعد عملية إسقاط نظام صدام بتسليم العراق وثرواته الى ايران بسرعة كبيرة واندفاع واخلاص لافت للمصالح الإيرانية على حساب العراق، وكيف حملت السلاح في الماضي وقاتلت الى جانب الجيش الإيراني ضد الشعب العراقي وجيشه!
وأمام هذه المؤامرات الكبيرة والخطيرة على مصير العراق.. يجب على القوى السياسية العراقية الوطنية الشريفة أعلان رفضها لأي شكل من أشكال الحوار مع ايران، والطلب منها الأنسحاب الفوري من الأراضي المحتلة، فالعراق حاليا في موقف سياسي وعسكري ضعيف وشبه منهار، ولايوجد من نطئمن له لحفظ مصالح وطننا من الساسة الحاليين، وبعكسه فنحن مقبلون على كارثة رهيبة وسرقة علنية في وضح النهار للأراضي والثروة النفطية العراقية!!
- آخر تحديث :
التعليقات