تحية طيبة

بالرغم كل غيوم اليأس وهموم الأمن المفتقد فان العراقيين يملكون بعد فرصة للوصول الى تسوية مقبولة تخرجهم من جهنم الحالي الذي يثقل صدورهم حتى يكاد يخنقهم.
وعلى هذه التسوية لكي تتحول الى تسوية دائمة من نضال مرير ضد الوحش القومي والطائفي الذي عاش فينا جميعا وبلا استثناء، ممارسات القوى المتحكمة بالصراع والمزورة لطبيعته تمهيدا للوصول الى النتائج التي تريدها هي والتي لا يريدها الناس عامة، لأية قومية أو طائفة أنتسبوا.

فبدلا من أن يطرح المأزق الذي نعيشه الان بطبيعته وعلى حقيقته كمأزق وطني تزور الحقائق والوقائع ثم تهيج الغرائز القومية والطائفية بما يمنع محاسبة المسؤولين الحقيقيين عن الكارثة ويضمن من ثم أستمراهم ودوام عزهم ولو بأستمرارها.

ولسوف ترتكب حكومة دولة الرئيس برهم صالح في إقليم كردستان الخطيئة المميتة أذا ما أرتضت أن تسجن نفسها في التصور المغلوط للأزمة، وأنهمكت كسابقاتها من الحكومات في تلفيق حل قومي او طائفي لها.

فتزوير طبيعة المأزق الوطني حتى في إقليم كردستان وجعله يبدو مأزقا قوميا يفترض أن ياتي الحل الملفق من طبيعة قومية، وهذا يعني اضعاف، بل الغاء، الصراع السياسي ونسف اي توجه نحو الديمقراطية واحترام أنسانية الانسان وحقه في الحياة.

صحيح أن هذه الحكومة تحمل في الوقت الحاضر دمغة الواقع القومي المقيت بسبب تعين القاضي رؤوف رشيد الذي حكم على والدكم الرئيس العربي الراحل صدام حسين بالأعدام وزيرا للعدل في الحكومة الجديدة، ولكن لا ننسى الوحوش القومية التي تحكمت بولادتها العسيرة ثم بمجلسها الوزاري ولكنها تملك فرصة جدية لأن تعيد الاعتبار الى العمل السياسي الصحيح لكي يصحح ما يمكن تصحيحه أو انقاذه من طبيعة الماذق عبر منهجها في أدارة الصراع.

ان هذه الحكومة مرشحة لأن تكون أحدى أثنتين أما حكومة تؤسس لمشروع حكومة تشكل العمود الفقري لمشروع وطن، وأما تكون حكومة قومية في العراق.
ولكي تكون حكومة فلابد أن تعيد الاعتبار الى الصراع السياسي، وبادئ ذي بدء بين أعضائها ذاتهم، بالرغم أنهم أتوا كممثلين لقومياتهم وطوائفهم أو حتى للأتجاهات ألاكثر عصبية ضمن قومياتهم أو طوائفهم.

والتالي اقالة القاضي رؤوف رشيد من منصبه كوزير للعدل في حكومة برهم صالح ضرورية لتحسين صورة هذه الحكومة الصغيرة أمام العالم و الشعوب العربية وهو مطلب من مطالب الاصلاح السياسي وهو ليس تعديا من قومية أو طائفة على اخرى بل هو حق للمواطنين جميعا بمختلف أديانهم وطوائفهم ومذاهبهم.

وفي ظل غياب مثل هذا المفهوم تستحيل المحاسبة ويتعذر التصحيح اذا لايعود اللص لصا أوالقاتل قاتلا بل يصير بقدرة قادر رمزا لأمتياز من أمتيازات القومية أو الطائفة المعينة وتصبح محاسبته على جرمه أدانة للحزب اوالقومية أو الطائفة ومسا بكرامتها، وفي ظل تغييب الصراع السياسي لحساب الوحش القومي أو الطائفي تصبح المطالبة بتغيير القاضي رؤوف رشيد مثلا دعوة الى الفتنة، وخلع هذا الوزير أو ذاك تفجيرا متعمدا للوضع الداخلي وأستفزازا للحزب أوالقومية أو الطائفة التي يصدف أنه ينتمي اليها.
وبالطبع فلم يحدث مرة ولايمكن ان يحدث ان تستخدم القومية و الطائفية لتزكية موظف كفوء ونزيه وأمين، فمثل هذا لا يحتاج الى تزكية مشينة تلغيه كأنسان وتتعامل معه كشيء أي كخانة في جدول احصاء لا أكثر.

أسوأ من ذلك في ظل تغييب طبيعة المأزق الوطني الذي نعيشه لا يعود ممكنا الوصول الى حل لمشكلة القضاء دوره ومهمته وبالتالي واجباته ومنطلقاته، فأذا كانت مهمته حماية الأمتيازات الحزبية أو القومية او الطائفية فلا بد ان تكون بنيته حزبية، قومية، طائفية ومفاهيمه حزبية قومية طائفية وقياداته احتكارا لحزب او لقومية او لطائفة.

لقد تعودنا بأستمرار أن يلجأ هؤلاء الأمراء الى تهييج الغرائز القومية والطائفية وأعطاء المهمة للوحوش القومية المكلفة بحراسة تخلف النظام كلما أشتد الصراع السياسي في البلاد ولامس المشكلات الجوهرية والاساسية التي يعاني منها الناس، وأبرزها الخلل الموجود في النظام القضائي العراقي المعاق وعجزه عم مواكبة قدرة الفرد العراقي على التطور واستيعاب روح العصرومجافاته لطبيعة الأشياء وحقائق الحياة التي تشكل هوية العراق وتحدد انتماءه ودوره ورسالته وموقعه في هذه الدنيا.


ولا مجال لمواجهة جدية مع ألاحتلال الاجنبي الا بفضح التزوير المتعمد في تصوير مأزقنا الوطني وكأنه مأزق قومي وطائفي بحيث يصبح الجنوب مسألة شيعية والمنطقة الغربية مسألة سنية واقليم كردستان مسألة كردية ولا شأن لأي مواطن من غير أبناء القومية أو الطائفة أن يتعاطى أو يهتم بقضايا الوطن.
ومن أجل اعادة الاعتبار الى العمل السياسي، الى الصراع السياسي لا بد أن يلقي الموطن العادي، الانسان بثقله في الميزان موظفا طموحه للحياة وحقه فيها.
فلنتدخل لنكسر الحلقة المفرغة
فلنهزم الوحوش القومية و الطائفية
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


[email protected]