السيد الفاضل مفتي الديار المصرية الموقر، بدون مقدمات، وعفواً بدون تحيات. فكيفَ يَصحْ أن الق على حضرتك تحية بالعام الجديد السعيد ومِصر فقدت السعادة قبل نهاية أول أسبوع مِن هذا العام الجديد؟ وهل يصح أن القْ على معالي حضرتك السلام والبلد تغلي مِن الحرب المستعرة تحت الرماد؟
أما بعد،
يا سيادة مفتي الديار المصرية، حين طرحت سويسرا على شعبها بطريقة ديمقراطية مدى موافقتهم على السماح ببناء مآذن للمساجد في سويسرا، اعترض 57% من الشعب الكريم المضياف للمختلفين عنهم مِن ذوي الديانات الأخرى والأعراق التي لا تمت لهم بصلة دم ولا أي صلة.
مجرد جماعة مِن المسلمين ذوي ثقافات مختلفة ذهبوا إلى هذا البلد الآمن سويسرا طالبين العيش الرغد والسلام والسعادة لهم ولأبنائهم وأحفادهم، وعندما طلبوا بناء مساجد وافقت لهم الحكومة، وأقاموا المساجد، لكن نظرا لطبيعة المنظر الحضاري لشوارعهم وميادينهم وحفاظهم على مستوىٍ راقٍ مِن التحضر رفض نسبة ليست قليلة مِن الشعب طبقا لاستفتاء بناء مآذن.
هم لم يعترضوا على ممارسة شعائر المسلمين. في سويسرا لم يرفضوا المهاجرين إليهم مِن بيئات أقل منهم تحضراً. لكن السويسريين في كرمهم ورقيهم تقبلوا المختلفين عنهم في السلوك والثقافة ومظاهر الحضارة.
على أية حال، بعد هذا القرار الديمقراطي الذي جاء بناء على هوى نسبة ليست قليلة من هذا الشعب المحترم، عَبَرّتْ سيادتكم عن هذا القرار بأنه إهانة للإسلام ولمشاعر المسلمين.
middot; مَن السبب في إهانة الإسلام؟
مَن كان السبب الذي جعل هذه النسبة مِن الشعب السويسري يعرف هذا التطرف مِن الإسلاميين؟؟ ألم تكن هي أفعال الكثير مِن الإرهابيين المنتمين إلى الإسلام في شتى بقاع العالم؟ لقد وضعوا المهاجرين إليهم في نفس سلة الإرهابيين المتشحين بعباءة الدين.
أسئلة كثيرة قالها غيري عن الأسباب الحقيقية في إهانة الإسلام؟
لكن السؤال الأهم:
middot; أين صوتك الكريم فيما يحدث مِن أفعال متوالية في صعيد مصر؟
أي حجة تُقال قبل التحقيق مع مجموعة مِن الإرهابيين بأنهم يقتلون عشوائياً مجموعة مِن المصلين الخارجين من دار لعبادة الإله الواحد؟؟
لو لم تخرج عن صمتك هذا سيتهمك التاريخ باتهامات لا ترضاها لتاريخك وللإسلام.
إنني لا أطالبك بالخروج من صمتك وسلبيتك تجاه ما حدث ليلة عيد الميلاد وقبلها من أحداث دامية.
إنني أطالبك باتخاذ موقف إيجابي عملي تدافع به عن الإسلام الذي شوهه مجموعة مِن الإرهابيين في صعيد مِصر. إن صمتك وتقوقعك في القاهرة يعطي رسالة واضحة بأنك شريك، ولو فكري لهذه الفئة الضالة عن الحق.
إن المسيحيين في صعيد مِصر هم جزء مِن هذا الوطن وهذه الديار التي ترأس أنت موقع المفتي الأكبر. وخروجك عن الصمت وتصريحك في بداية أحداث سويسرا وتصريحك بأن هذا إهانة للإسلام دون أن يكون لكَ تواجد عملي، وأكرر عملي، مع أبناء بلدك في الصعيد لهو أكبر دليل على تَغَيُبك بعيداً عن الشعب وتغييبك للمستمعين لك مِن للشعب.
middot; كفاية قبلات وزيارات رياء بين المسؤولين.
البسطاء قبل المُدركين يضحكون استهزاء مِن quot;جلسات البوسquot; وquot;قعدات المصاطبquot; والكلمات المكررة الراكدة. الجميع يعرف كمْ هي غاشة قبلات وأحضان الرياء. الوطن في حاجة إلى مواقف عملية. الكلام لا يقدم فائدة، حتى لو كان مِن كبار المسئولين.
middot; الإنسان أم مظاهر العبادة؟؟
مَن الأهم الإنسان أم مظاهر العبادة مِن مآذن وأشكال تعبر عن التدين؟
أيهما أفضل الإنسان الراقي الناضج الذي يمارس تدينه في تحضر وعمل صالح مع قبول أخيه في الإنسانية، أم ذلك المرائي الكذّاب الذي يغش الآخرين بعبادة تختلف عن أفعاله؟؟
سيادة مفتي الديار المصرية، لن أُذَكِرَكْ بالآيات القرآنية التي تحض على قبول الآخر، لن أُذَكِرَكْ بالأحاديث النبوية التي تدعو لمعاملة المسيحيين بالحسنى، إنني فقط أطالبك بموقف عملي تجاه ما يحدث في صعيد مَصر.
دافع عن الإسلام الذي شوهه الإرهابيين والمتطرفين في صعيد مِصر.
- آخر تحديث :
التعليقات