مضي عام تقريباً علي رحيل الكاتب العملاق الطيب صالح..
وها هي الاستعدادات تتكامل لأقامة حفل تأبين يليق به في العاصمة السودانية..
حفل ربما يشهد تدشين مركز ثقافي يليق بقامته العملاقة من ناحية وبحرص الشعب السوداني علي تخليد ذكراه بما يتناسب وعطاءه من ناحية ثانية..

بودي لو يأتي أمر هذا المركز المرتقب في مجمله متوافقاً مع أفكار وأطروحات الطيب الواقعية الملتصقة أشد الألتصاق بحياة البشر اليومية في الريف والمدينة، والتى شكلت اطار حياته منذ ترك بلدته النائية متجهاً إلي الشمال بهدف التعلم ومنه انتقل إلي مشرق العالم ومغربه وفرش راحتيه الروحية والجمالية في كل بقعة حط رحاله بها وترك لنا من الأعمال الأدبية ما قد لا يتوافر للأجيال القادمة..

وأن يأتي متوائماً مع رؤيته الفطرية لواقع المجتمع السوداني قديمه وحديثه وفرص التطور والتنمية العريضة التى أكد أديبنا في معظم أعماله أنه علي ثقة من أنها متاحة وجاهزة لإحداث نقلة موضوعية في أفق التنوير والنهضة والتحديث..

وأن يكون مفرخة للأدب والعلم والثقافة، كما نشاهد ونعايش ضمن مشاركتنا في نشاطات بعض المراكز الأوربية والأمريكية التي اقيمت خصيصا لتخليد ذكري عمالقة الأداب والفنون الذين لا يقل اديبنا الكبير عنهم شأناً، مثل اوسكار ويلد وتينسي ويليامز وشكسبير وموليير.. الخ..

كافة هذه المراكز أقيمت منذ وضع حجر أساس كل منها، وفق مجموعة من الاهداف القادرة علي العطاء والتجديد والتى تتولي تحديدها ووضعها في اطارها الصحيح مجموعة الامناء التى ستتولي الإشراف علي إدارة المركز..

ماذا نقصد بالمفرخة؟؟؟؟..
نقصد ان تكون مصدراً لتربية النماذج الابداعية عن طريق رعاية المواهب وتقديم الخبرات اللازمة لها واحتضانها وتسهيل تَعرُف المجتمع السوداني والعربي عليها، ثم وضع الخطط لنشر انتاجها..

ولا نعني هنا ان يقتصر الأمر علي أصحاب القلم من روائين وشعراء وكتاب مسرح وقصة، ولكن لكل من لدية موهبة في مجالات الآداب والفنون والثقافة والبيئة والحضارة بكل أشكالها والونها..
ليس من الصعب أن يكون لكل مجموعة متجانسة من ميقفي وفناني السودان رواق داخل المركز يلتقون فيه معا ومع البراعم الواعدة يتبادلون معهم الافكار ويساعدونهم علي ترسم الطريق وفهم عقباته وتبعاته.. ويأخذون بيدهم إلي المستقبل او بالقرب منه..

أن يكون المركز تجمعاً واطاراً يتعايش داخله المثقفون السودانيون والعرب بلا ضغينة ولا حسد ولا إقصاء، ويزداد التعارف بينهم وأن يترعرع التطوير والتحديث من بين نقاشاتهم وحوارتهم التي شعارها الدائم quot; المحبة والسلام والبحث عن الأفضل quot; فيما يتعلق بنهضة المجتمع ورعاية حقوق مواطنيه واحترام الآخر..

وأن يكون بيتا لكل التراث السوداني المتاح للنشر والتدقيق والمراجعة والنشر، ومنبراً لكل دعاوي ومطالب وإحتياجات التنمية الثقافية والسكانية التى تبلورها تطلعات المجتمع السوداني والعربي، ونافذة علي ثقافة العالم من حولنا يرصد المهتمون من خلالها الجديد والحديث بحثا عما يناسب عالمنا منه..

وحلم باليوم الذي يقدم فيه المركز الجوائز لصغار المبدعين في كافة مجالات الفنون والآداب والثقافية..

اذكر اليوم الكثير من الوعود التى قيلت في شهر يولية الماضي عندما تجمعنا بوسط لتأبين فقيدنا الراحل..
وأذكر أنها بذلت بمصداقية غير مبالغ فيها..
وأذكر ايضا أنها لم تأت من فراغ..

لكن الاهم من هذا التذكر الذي أتي علي الخاطر بمناسبة قرب مرور ذكري عام علي رحيل الطيب صالح، أن المُستحق للتكريم ينتظر منا ما هو اكثر من الوعود..
يستحق منا ان نعمل، فهل نحن جادون؟؟..

bull;استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا [email protected]