ليس للإرهاب دين مقولة كثيرا ما رددها السياسيون وفي بعض الأحيان المثقفون ليجردوا الإرهاب من صفته العقائدية حتى يكون بالإمكان التعامل معه وحصره في ساحة الجريمة المنظمة لكن مثل هذا الأمر لا ينفي تلك الحقيقة التي تشير إلى أن معظم الذين يمارسون الإرهاب هم من المسلمين وان هؤلاء ومن اجل أن يعطوا لإعمالهم تسويغا شرعيا ربطوه ببعض النصوص الإسلامية والأحكام التي ارتبطت بفجر الدعوة الإسلامية.

وبالتالي أصبح لدينا جهتان كل منهما تعارض الأخرى في النظر إلى مصدر الإرهاب الأولى وهي في الغالب الجهة المستهدفة من الإرهاب والتي قد تشمل أتباع والديانات الأخرى ومن لف لفهم تحاول بشدة أن تجرد الدين من صفته الإسلامية حتى يمكنها أن تتعامل معه بشعارات اقل حساسية أما الثانية وهي الجهة الممارسة للإرهاب فتجاهد بقوة من اجل أن ترسخ هذه الصفة وتضعها كركن أساسي من أركان الصراع مع الآخر.

ولو نظرنا إلى هاتين الجهتين لوجدنا أن رأيهما عن مصدر الإرهاب يكاد يكون اقرب إلى الاصطناع منه إلى الحقيقة لان الإرهاب الذي ينظر له على انه بلا دين من جهة ما وعلى انه من صميم الدين من جهة أخرى اخذ يتحول إلى ظاهرة دينية خاصة أي أصبح ينظر له على انه دين بذاته.
وبالتالي لم تعد الجهتان قادرتين على التعاطي مع وجهة النظر التي يتبنيانها إلا من خلال تلك الزاوية الفكرية التي وجدا ضالتهما بها مع أنها قد لا تمنح الصراع بعدا طبيعيا لأنها تتجاوز المنحى المنطقي إلى ما هو غير منطقي.

فالإرهاب الذي يراد له أن يكون ظاهرة بذاتها يبقى مرتبطا بالنسق الذي خرج منه وسيكون الصراع معه كالصراع مع شبح أو كالركض نحو السراب لا يؤتي بأي نتيجة لان الصراع سيكون خارج ساحته في الأعم الأغلب.

فالإرهاب أن كان له دين أو لم يكن يبقى مرتبطا بالدين سواء من حيث الأسباب أو النتائج وليس هناك جدلا في أن الذين يمارسونه أو الذين يواجهونه يتجاهلون تلك الحقيقة التي تجعل كل منهم يضر نفسه من خلال التعاكس في النظر إلى الإرهاب أو ربما في النظر إلى أنفسهم من خلاله.