و الأيام تقترب نحو العيد الذهبي لإستقلال دولة الكويت في 25 فبراير 1961 و العيد العشرين لتحرير الكويت من ربقة أبشع إحتلال عسكري عراقي في 26 فبراير1991.

وهي أيام خالدة في تاريخ الكويت الحديثة تضاف لسلسلة الخوالد من الأيام اللواتي طرزن تاريخ الكويت المعاصرة و أنتجت هذا الكيان الصغير بحجمه الكبير بعطائه و حضوره على المشهدين الإقليمي و الدولي، نقول مع إقتراب تلك اللحظات الخالدة من زمن الصراع والتحدي و البناء الوطني تعيش الكويت على سطح صفيح ملتهب و ليس ساخن فقط، فحالات الإحتقان و التوتر السياسي و تبادل الإتهامات و حملات التهديد و الوعيد وحتى الشتائم المتبادلة بين الفرقاء السياسيين لا تعكس وضعا حركيا سياسيا تميزت به الكويت الحديثة، بل تعكس أوضاع متأزمة لا ضرورة لها و الوضع الإقليمي و الدولي في أقصى درجاته توترا وحساسية و تأزما، و مع حادث الإعتداء المرفوض و البشع على السيد محمد الجويهل في ديوانية النائب المخضرم ( أحمد السعدون ) مؤخرا تنذر الأمور بتطورات لا تنسجم على الإطلاق مع الطبيعة الهادئة و المسالمة للمجتمع الكويتي و أخلاقه السمحة التي تعرف الخصومة ولكن وفق شروط و مباديء و أخلاقيات الفرسان و الكرام وليس وفقا لتصنيفات و مناهج و أساليب الرعاع و القتلة و الدهماء الذين يبدو أن عدواهم وتأثيراتهم قد وصلت للكويت و بشكل يدعو للقلق و التوجس و الريبة خصوصا و أن الكويت هي اليوم ومنذ سنوات أمام مخططات خبيثة تهدف لإشغالها و تخريب أمنها الداخلي و سلامها الإجتماعي و الأهلي وتمزيق عرى الترابط الإجتماعي و الأخلاقي و القيمي و بما ينعكس على مستوى الأداء السياسي و التنموي الهادف لإفراغ كل مبادرات وخطط التنمية الإنفجارية القادمة من مضامينها الحقيقية ووضع البلد و الشعب في دوائر لا تنتهي من الصراع و التناحر على ملفات و أولويات وخيارات كثير منها لا يشكل أي أهمية حقيقية لمستقبل الشعب الكويتي، ثمة حقيقة معروفة يتجاهلها الجميع للأسف و تتمثل في كون أمن الكويت مستهدف من جهات عدة و أطراف متباينة ولكنها معروفة على أية حال! كما أن أهدافها النهائية معروفة أيضا و مشخصة وتتمثل في وضع دولة الكويت على سكة الدول الفاشلة!

أو حتى المترنحة رغم أنها ومنذ إنطلاقتها الصاروخية بعد عام 1961 كانت أسرع الدول الخليجية والعربية و الإقليمية تطورا و ساهمت بدورها التاريخي المعروف في إستكمال حلقات التحرر الوطني لدول الخليج العربي و مثلت ظاهرة حضارية ملفتة للنظر في سياستها الإنفتاحية ومبادراتها القومية و قدرة الشعب و أهل الرأي و الحجا فيها على إدارة محاور الخلاف الوطنية وفق أسس و منطلقات و أساليب حضارية ليس من بينها العنف الدموي و لا التصفية الجسدية و لا الإنفعالات الدموية الفظة و رد الفعل القاسي و بالشكل الذي تكررت صيغه الكريهة والمرفوضة مؤخرا!، المعارضة الوطنية في الكويت وهي معارضة عريقة ومحترمة كثيرا ما وقفت بوجه الحكومات و لكن رجالها وقادتها كانوا ينامون في بيوتهم و يمارسون أعمالهم و يطرحون رؤاهم بأمن تام وفي ظل سيادة القانون الذي يخضع الجميع لمظلته وفي إبتعاد تام عن صيغة زوار الفجر أو التعامل عبر كواتم الصوت!!، فالكويت دولة مؤسسات و ليست إقطاعية لأحد ما أو مزرعة إرهابية، و عقد التفاهم و المبايعة الوطنية بين الحاكم و المحكوم ظل هو سمة الحياة السياسية في الكويت منذ أن تأسست الإمارة قبل ثلاثة قرون مضت من الزمان، وقد تجددت تلك البيعة و الثقة الشعبية في أحلك لحظات التاريخ الكويتي الحديث خلال الغزو وضياع الدولة و تشتت الشعب في مؤتمر جدة في أكتوبر 1990 و الذي رسم العهد الجديد للبيعة بين الحاكم و المحكوم ورسخ من الديمقراطية و الحياة الحرة لأهل الكويت جميعا، لا مكان للفوضى و لا للعنف الأهوج في مجتمع متحضر و متسامح وفي دولة تحرص على شعبها حرصها على كيانها ووجودها، وستستمر محاولات إختراق الأمن الوطني الكويتي و إفتعال نزاعات و ملفات و صراعات بهدف معلوم وهو إستمرار أحوال التوتر و القلق ومنع حالة البناء و التطور خصوصا و إن الكويت كدولة ومجتمع هي في حالة إنفتاح وتواصل مع العالم و تعاني من التأثر و التأثير بالأجواء المحيطة في المنطقة و الإقليم وهي أجواء معتمة وملبدة بكل عناصر التطرف و الفوضى، الكويت ليست مجرد سلطة تمتلك الهراوات لتأديب مخالفيها!!

كما أنها ليست مجرد بئر نفطية... إنها أكبر من كل ذلك بكثير كونها إحدى المحطات الحضارية التي حملت رسالة التنوير و التقدم في المنطقة، فعفوا ياسادة ياكرام الكويت ليست ميدان معركة ولا ساحة لتصفية الحسابات وهي بالتالي ليست المكان الملائم لعروض الفوضويين و القتلة و تجار الدماء و الحروب..

إيماننا كبير بقدرة القيادة و الشعب في الكويت على إفشال كل المؤامرات و الخطط السرية الخبيثة وعلى إفهام من لا يفهم بأن الكويت ستظل رقما صعبا وعصيا على القسمة و الإنقسام.. تلك هي الحقيقة الوحيدة، أما من يتربص الدوائر و يعبث بملفات الشر فلامكان له تحت شمس الحرية الكويتية المحرقة...!

[email protected]