العولمة ndash; Globalization، أو quot;دمج العالمquot; في نسق واحد يشمل كل المجالات، ويجمع أطراف الكرة الأرضية في وحدة واحدة لا تتجزأ، ولد نوعا جديدا من الوعي يسميه أستاذنا السيد يسين quot;الوعي الكونيquot;، الذي يتجاوز كل أنواع الوعي السابقة: الوعي الوطني بكل تعريفاته من وعي اجتماعي، ووعي طبقي، ووعي قومي.هذا الوعي الكوني سيفرز قيما إنسانية عامة .
أضف إلي ذلك أن الأزمات الكونية المتعلقة بنقص الموارد الطبيعية وتدمير البيئة والانفجار السكاني والفجوات الاقتصادية العميقة في العالم، ستولد حلولا جماعية، إذ لا تستطيع دولة بمفردها أو مجموعة من الدول مهما عظم شأنها أن تتصدي وحدها للمشكلات العالمية اليوم .
فقد طوقتنا العولمة بآثارها وتداعياتها، بمزاياها ونقائصها، بإيجابياتها وسلبياتها، وأصبح السؤال المطروح هو: كيف نعظم فرصنا داخل العولمة ونتجنب قدر المستطاع مخاطرها؟
من هذه المخاطر الكونية quot; تغير المناخ quot;، حيث يوجد تناقض صارخ بين التنمية المستدامة واستنزاف الموارد الطبيعية، وقد لخص ستيفن هايوارد، الأستاذ في معهد أميركان إنتربرايز لأبحاث السياسة العامة في واشنطن، هذه المعضلة تلخيصا جيدا، يقول: quot; توجد مفارقتان (سيئتان) بالنسبة للسياسة المناخية العالمية. المفارقة الأولى هي أن الدول الغنية لا يمكنها وحدها تحقيق الأهداف المرجوة لتجنب حدوث تغير مناخي خطير. وحتى لو تمكنت الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الصناعية بطريقة ما من تحقيق خفض انبعاثات الغازات، (بواقع 80 في المئة)، وهي النسبة المطلوبة حاليا لاستقرار تركزات ثاني أكسيد الكربون عند 450 جزءا من المليون بحلول عام 2050، فإن ذلك بالكاد سيوفر أية منافع مناخية. وخلصت الوكالة الدولية للطاقة أن: quot;بلدان منظمة التعاون والتنمية وحدها لا تستطيع وضع العالم على الطريق المفضي إلى مسار الـ450 جزءا من المليون، حتى لو تسنى لها خفض الانبعاثات لديها إلى الصفر.quot;
وبعبارة أخرى، حتى لو اختفت الدول الثلاثون الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية من على كوكب الأرض، فإن ارتفاع انبعاثات الغازات من البلدان النامية سوف يوصلنا إلى مستويات أعلى بكثير من هدف الـ 450 جزءا من المليون.
أما إذا تمكنت الدول الغنية بطريقة ما من أن توقف اعتمادها بسرعة على الوقود الأحفوري، فإن المفارقة هي أن ذلك سيجعل الوقود الأحفوري أكثر جاذبية بالنسبة للدول النامية. ويوجد حوالي 80 في المئة من الوقود الهيدروكربوني في العالم في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية. وإذا قررت الدول الغنية التخلي عن استخدام الوقود الأحفوري، فإنه سيصبح أقل تكلفة بالنسبة للبلدان النامية الأمر الذي سيشجعها على استخدامه ! quot; .
احتفال العالم 27 مساء السبت القادم بيوم quot; ساعة الأرض quot;، يؤكد أن الحلول الجماعية (الدول الصناعية والدول النامية)، هي الطريق الثالث الذي يمكن أن يقتحم التحديات الكونية، حيث تطفئ الأنوار مدة ساعة في 92 دولة مقابل 75 العام الماضي، كنوع من المسئولية الجماعية الأخلاقية عن كوكب الأرض، ووسيلة ضغط على الدول الصناعية الكبرى لحثها على خفض انبعاث الغازات التي تؤدي إلي الاحتباس الحرارى، ومراجعة سياساتها الخاصة باستخدام الطاقة .
بدأ الاحتفال قبل عامين بمبادرة استرالية، وأنضمت 17 دولة جديدة هذا العام، منها السعودية وبروناي وكبوديا وكوسوفو والتشيك وموريشيوس ومنغوليا وسلطنة عمان وقطر وبارجواي . ومن المتوقع أن تصل عدد المدن المشاركة إلي ما يقارب من 2500 مدينة في مختلف دول العالم، و1206 من المعالم الشهيرة حول العالم، مثل: الأهرامات وأبوالهول ومعبد الأقصر ومكتبة الإسكندرية فى مصر، وقبة كنيسة القديس بطرس فى الفاتيكان، وبرج إيفل في باريس، ومبنى الأمبايرستيت فى نيويورك، ودار أوبرا سيدنى الشهيرة وجسر الميناء فى أستراليا، واستاد عش الطائر الشهير فى العاصمة الصينية بكين، وشارع فاوسان المالى الشهير بتايلاند، وبرج خليفة في الإمارات، وهي أول دولة خليجية احتفلت بquot;ساعة الأرضquot; العام الماضي، حيث انخفض استهلاك الطاقة بنسبة 46 في المائة مقارنة مع الحد الذي سجلته في العام حيث أطفئت الأنوار في أبو ظبي ودبي والشارقة والفجيرة .
أيضا سجل هذا العام، عدد من الفنادق والمطاعم والمقاهي العالمية في أمريكا وكندا وبريطانيا وبعض دول آسيا أسماءها للمشاركة في quot;ساعة الأرضquot; حيث سيقدمون الخدمات لعملائهم تحت أضواء الشموع لمدة 60 دقيقة، مؤكدين أن تلك الساعة ستجذب الآلاف من العملاء الذين سيقطعون الكهرباء عن منازلهم للجلوس تحت أضواء الشموع في تلك المطاعم والمقاهي والفنادق للمساهمة في حماية كوكب الأرض .
مشاركة 92 دولة فى مواجهة ظاهرة التغيرات المناخية، والمساهمة فى ترشيد استهلاك الطاقة مدة ساعة واحدة، تعيد صياغة السؤال التقليدي، هل: نحن مع العولمة أم ضدها؟ .. ليصبح: هل نحن داخل العولمة أم خارجها؟ ...
- آخر تحديث :
التعليقات