في خطاب تسلمه جائزة السلام التي تمنحها الجمعية الألمانية لتجارة الكتب، بمعرض الكتاب الدولي في فرانكفورت، حذر الأديب الإيطالي quot;كلاوديو ماجريسquot; 70 عاما: من: quot; تنامي تيار عنصري جديد في أوروبا، ومن حواجز أوروبية مستحدثة، من شأنها أن تخلف ديمقراطية منزوعة الديمقراطية، أو قل ديموقراطية شكلية بلا مضمون حقيقيquot;.
وندد صراحة بـ quot;الحواجز اللامرئيةquot; القائمة في المدن الأوروبية الكبري بين السكان الأصليين والمهاجرين. وهاجم سياسة quot;سيلفيو برلسكونيquot; رئيس وزراء إيطاليا دون ان يذكر اسمه، قائلا quot; إنني آمل، بوصفي إيطالياً وطنياً، ألا يصير بلدي من جديد طليعيا في منحي سلبي، ذلك أننا نحن من ابتكرنا الفاشية الأوروبيةquot;.
ماجريس فيلسوف وسياسي (معارض) وكاتب عمود في صحيفة كوريرا ديلاسيرا الإيطالية المعروفة، يعبر عن مواقفه بجرأة في قضايا المواطنة والأقليات والإندماج في أوروبا، فضلا عن أنه أكاديمي بارز متخصص في شؤون أوروبا الوسطي . وحصوله علي جائزة السلام من ألمانيا تحديدا هذا العام، يحمل رسالة معينة من المثقفين الألمان إلي العالم أجمع وهي quot;رفضهم القاطع للأفكار النازية الجديدةquot;.
فالجدل الدائر اليوم حول سياسة الإندماج في ألمانيا، خاصة الأتراك والعرب والمسلمين، دفعهم إلي الوقوف بحزم في وجه النعرات الشعوبية والعنصرية، كما أن إشارة quot;ماجريسquot; الذكية إلي أن quot;الفاشيةquot; هي ابتكار إيطالي محض، فضلا عن أن quot;النازيةquot; هي اختراع ألماني بإمتياز، تلقي الضوء علي العديد من الروابط التاريخية بين البلدين، كما أنها صرخة ضمير حي من ضياع المستقبل حين يتحكم الماضي فيه.
(2)
quot;سيلفيو برلسكونيquot; رئيس وزراء ايطاليا 73 عاما، الذي تعمد quot;ماجريسquot; عدم ذكره اسمه، هو محور هجوم مكثف في أوروبا اليوم، ليس بسبب أفكلره العنصرية وإنما بسبب فضائحه الجنسية. فقد اختارت الطبعة الايطالية من مجلة رولنج ستون في عددها للشهر الحالي رئيس وزراء ايطاليا ليكون نجم الروك لهذا العام، حسب وكالة رويترز.
وخرج برلسكوني من صيف حافل بالفضائح خاصة علاقته بعارضة ملابس داخلية (18 عاما)، ومزاعم عن مرافقته لفتاة ليل شهيرة بعد حفل صاخب، وكلها عناصر عززت فيما يبدو تصويت هيئة تحرير المجلة لصالح منحه لقب quot;نجم الروكquot;.
وحسب كارلو أنتونيلي رئيس تحرير الطبعة الايطالية من المجلة: quot;فإن الظهور على غلاف رولنج ستون لم يعد مدعاة للفخر... نحن نهتم بالغموض والأمورالمثيرة للجدل، ونتعامل في الواقع مع التعريف السلبي لنجم الروكquot;.
كما صدر قبل أيام كتاب بعنوان quot; سيدي الرئيس احصل علي المتعة معي quot; تحكي فيه quot; باتريسيا داداريو quot; 42 سنة، تفاصيل اللقاءين الحميمين مع برلسكوني في مسكنه بروما، وذكرت صحيفة quot;الباييسquot; الأسبانية أن quot; داداريو quot; لم تخف شيئا حتي أدق التفاصيل، خاصة قوله لها: إنها كفتاة ليل quot; لابد من أن تدخل موسوعة جينيس العالمية quot;.
ورغم أن برلسكوني لم ولن يخضع للتحقيق في هذه الأمور الشخصية، وأن هذا الهجوم المكثف ضده، ربما كان وراءه أطراف عديدة، منها خصومه السياسيين ورجال أعمال منافسين وأعداء محتملين، فإن نموذج برلسكوني يكشف عن أمر جديد هو: أن العنصرية ضد الآخر، لا ترتبط بالدين أو العرق أو المذهب فقط، كما أنها ليست لها علاقة بالهوس الديني والتعصب الأعمي فحسب، وإنما تتواشج أيضا والانحدار الأخلاقي والقيمي، فكلاهما وجهان لعملة واحدة.
وحتي لا يتسرع أحد في عالمنا العربي والإسلامي، و يسارع بالحديث عن خصوصيتنا وقيمنا الأخلاقية، فيسقط في هوة quot;العنصريةquot; نفسها، بإعتبارنا quot;خير أمةquot; وquot;ملحالأرضquot; وquot;شعب اللهquot;، أرجو من القارئ الكريم أن يتأمل هذه العبارة جيدا، للمفكر والأديب والصحافي اللبناني الكبير quot;أمين معلوفquot;.
يقول معلوف: quot;العلمانية المثلومة والديمقراطية المبتورة والعقلانية الأداتية تتجلّى كلّها في ما يسمّى quot;احترام الخصوصياتquot;. quot; فإنّ ما يسمّى احترام الخصوصيات الإثنية أو الدينية أو المذهبية، أكثر من احترام الإنسان الفرد لإنسانيته وفرديته، موقف يضمر quot;عنصريةquot; مقيتة.
التعليقات