ولنبدأ من quot;الويبةquot; لأنها لفظة دارجة في العامية المصرية وليست من مفردات لغة (الضاد)، أما quot;الخيبةquot; فإننا نعرفها جيدا ونعيشها من المحيط إلي الخليج. وتعني quot;الويبةquot; في اللغة المصرية القديمة (وعاء للكيل) وتقال quot; إبتquot;، ومنها تسربت الكلمة للغة القبطية - oipe، وتنطق quot; ويبة quot; حتي اليوم، وتعني أيضا (وعاء للكيل)، ولكن هذا المكيال يكافئ كيلتين، فيكون معنى عبارة (خيبة بالويبة) أي خيبة مضاعفة أو كبيرة، أو أزيد من اللآزم.
في كرواتيا منع صحافي، قبل أيام من مزاولة عمله بسبب قميصه، حيث أوقفت السلطات مصور قناة quot; إرتل quot; ndash; RTL، لأن الوزيرة الأولى quot; جدرانكا كوسور quot;لم تستحسن عبارة كتبت على قميصه باللغة الانجليزية - أثناء المؤتمر الصحافي - تعبر عن احتجاجه على الآداء الحكومي، فقد كتب: quot;لا أحتاج لممارسة الجنس، الحكومة تنكحني يومياquot;!
جمعية الصحفيين الكرواتيين احتجت بشدة، يوم الجمعة 31 يوليو الماضي 2009، على ما أسمته quot; فصلا تعسفيا quot; للمصور من القناة. بررت الوزيرة الأولى، التي كانت هي نفسها صحافية في السابق، موقفها بالقول: إن: quot;هذا التهجم لا يمثل حرية الصحافةquot;.
فما كان من الصحافة المحلية إلا أن استطلعت آراء الشارع الكرواتي فيما فعله quot; الصحافي المسيء quot;، وجاءت النتيجة مخيبة للقناة التي فصلته وللوزيرة وحكومتها، لأن هذا الصحافي الشجاع نقل رأي غالبية الكروات، الذين يعانون من فرض ضرائب إضافية علي رواتبهم للمرة الثالثة هذا العام.
زميلتنا الصحافية السودانية quot; لبني أحمد الحسن quot; لم تكتب شيئا علي قميصها، هي تكتب فقط في جريدة quot; الصحافة quot; ولديها عمود ثابت عنوانه quot; كلام رجال quot;، وهي إحدي زهرات الصحافة التقدمية السودانية الواعدة، لكنها في نظر محاكم التفتيش السودانية مدانة بتهمة غريبة، لم ترد في تاريخ سجلات محاكم التفتيش الأسبانية في العصور الوسطي، ولا في عهد رئيسها الدموي quot; توركودياما quot;، هذه التهمة هي: quot; ارتداء البنطلون quot;!
فقد أصبح ارتداء البنطلون في السودان في مطلع الألفية الثالثة، خطرا على المجتمع وقيمه السمحة، ناهيك عن أنه quot; يخدش الحياء العام quot;، وهى تهمة عقوبتها quot; الجلد quot; أربعين جلدة بشكل علنى وفقاً لنص المادة 152 من القانون الجنائى السودانى لعام 1991.
زميلتنا quot; لبني quot; رفضت حصانة الأمم المتحدة التى تعفيها من المحاكمة، وأيضا صفقة الدكتور محيى الدين تيتاوى رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين لشطب البلاغ مقابل تعهدها بعدم تكرار ارتداء ملابس مماثلة، والأهم من ذلك أنها رفضت عفوا رئاسيا يرفع الحرج الدولى عن النظام ويبقى القوانين الشاذة..... لماذا؟
لأنها تصر على أنه لا حل سوى إلغاء القوانين المقيدة للحريات ووقف التعدي على خصوصيات الناس، وإرهابهم عبر القانون باسم الدين والشريعة، وهى مستعدة للمضى إلى نهاية الشوط ولو تعرضت للجلد مثلما حدث لآلاف السودانيات في ظل هذه الفاشية الدينية ndash; العسكرية، القبائلية ndash; الذكورية.
ربما لو كتبت quot; لبني quot; علي قميصها ماكتبه الصحافي الكرواتي علي قميصه، ما تعرضت لهذا الأتهام الخطير والمسئ لأمة بكاملها، تدعي التدين والأخلاق وأفضليتها علي الأمم الأخري، ليس لأن أنظمتنا الفاشية لا تقرأ.. حاشا وكلا، وإنما لأنها مشغولة بالنصف الأسفل من جسد المرأة فقط.
ان مفاهيمنا عن الخطأ والخطيئة والحلال والحرام والشرف والكرامة، مرتبطة بشكل أساسي بجسد المرأة، وإن شئت الدقة، مرتبطة بما بين ساقي المرأة تحديدا، حيث كانت تئد البنات في الجاهلية مخافة ان يتلوث شرف القبيلة ان هي هزمت وسبيت نساؤها واعتدى على شرفهن.
ولا يوجد شرف عند الرجل الجاهلي (في الألفية الثالثة والرابعة أيضا) إلا عند نسائه، وكأن شرف الرجل خارجه دائما ومعزولا عنه أبدا، فهو لا يمتلك هذا الشرف وبالتالي لا يتحكم فيه، وذلك يفسر جزئيا، أن القتل بدافع الشرف ليس جريمة في مجتمعاتنا المريضة، إنما هو رفعا للعار الذى لحق بالرجل وبالقبيلة.
لكن من يرفع العار عن أمة بكملها في عصر ثورة الاتصالات والميديا، أصبحت أضحوكة ومادة للتندر والسخرية في العالم بسبب quot; بنطلون quot;؟... ألم أقل لكم: quot; خيبة بالويبة quot;!
التعليقات