التصريحات الاخيرة لوزير الخارجية السعودي بخصوص الدور السعودي في لبنان، بينت بوضوح من أن الامور قد وصلت الى مفترق الازمة وهذا مايعني تحديدا من ان الغيوم الداکنة قد باتت تنسحب رويدا رويدا على الاجواء الصافية المشمسة فتعرکها و تلبدها و تحجب الرؤية بشکل او بآخر.

هذا التصريح، الذي يبدو انه قد جاء في وقت حساس و مرحلة خطيرة جدا تمر بها المنطقة، لايدل على quot;إحباطquot; سعودي کما ستسعى العديد من الاطراف لتفسيره او تصويره، وانما يدل في حقيقة الامر على واقعية الدور السعودي و عدم إعتماده على أبجديات و رکائز خيالية او غير واقعية لإرساء معادلة سياسية تخدم جميع الفرقاء اللبنانيين و قبل هؤلاء تصب في خدمة لبنان و شعب لبنان.

لقد أثبتت الوقائع و الاحداث و مسارات الامور و الوثائق الرسمية هنا وهناك، بأن المملکة العربية السعودية قد سعت منذ عقد السبعينات وبعد إتفاق الطائف بشکل خاص، من أجل إرساء أوضاع مستقرة و آمنة في ربوع لبنان، وهي کدأبها و سعيها المشکور من أجل الامتين العربية بشکل خاص و الاسلامية بشکل عام، وظفت و توظف مساعيها و حکمتها و علاقاتها و نفوذها الاقليمي و الدولي من أجل القضايا العربية و الاسلامية، وقطعا ليس هنالك من أي خلاف على جدية و خلوص نية هذا الدور من أجل مصالح الامة العربية في الاقطار المختلفة التي شملتها و تشملها المساعي السعودية، وقد کان الدور السعودي على مختلف الاصعدة العربية و الاقليمية و الدولية يميل للإعتدال و لمسك العصا من الوسط و المحاولة المستميتة من أجل حفظ حقوق و تحقيق طموحات الدول الحربية بما يتلائم و الوضع الدولي بل واحيانا کان الدور السعودي يطمح الى أبعد من ذلك، وهو أمر تشهد له مختلف الاوساط السياسية المطلعة، لکن اليوم في لبنان، لايبدو ان معظم الايادي باتت تمتد للأشقاء السعوديين بنفسquot;النية الخالصةquot;وquot;الصادقةquot;، وان اولئك الذين يوقعون شيئا على الورق و يعملون خلافه على أرض الواقع، يجب أن لاينتظروا من المملکة العربية السعودية ان تحقق المستحيل او مايمکن تشبيهه بالمعجزة، لأن جهد و مساعي الاشقاء السعوديين تتبلور نتائجها و محصلاتها النهائية من حاصل تحصيل نوايا و مساعي جميع الفرقاء اللبنانيين و کذلك الادوار المساعدة الاخرى، وان جهدا يعتمد على مجموعة من الاطراف لايمکن أن يکتمل من دون مساهمة الجميع في صناعة النتيجة النهائية لذلك الجهد.

اننا کمرجعية اسلامية للشيعة العرب، في الوقت الذي کناquot;وسنبقىquot; من المرحبين و المعتمدين و الواثقين بالدور السعودي الصادق في لبنان، فإننا نعتقد بأن وصول مساعي الاشقاء السعوديين الى طريق مسدود هو الذي حتم على وزير الخارجية سمو الامير سعود الفيصل ان يضع النقاط على الحروف و يعلن الحقيقة للملأ من دون لف او دوران، واننا نؤمن بأن الدور الاخوي الايجابي للمملکة حيال لبنان و الذي تجلى في أسمى معانيه في إبرام إتفاق الطائف الذي کان نعمة إلهية من السماء للشعب اللبناني الذي کان قد أنهکته الحرب الداخلية المقيتة و عطلت الکثير من قدراته و طموحاته، من الضروري جدا عودته مجددا الى الساحة اللبنانية بنفس الزخم و القوة وان الايام قد أثبتت بجلاء من أنه ليس هنالك من أي طرف إقليمي او دولي بمقدور أن يکون في مستوى اداء و إخلاص و صدق الدور السعودي.

*المرجع الاسلامي للشيعة العرب.