هل هو إنبلاج صبح جديد تبدو بوادر إشراقاته هي تلك التي تضئ سماء تونس الخضراء؟، هل هي بشارة شمس الحرية لتعود وتسطع في سماء الأمة العربية؟ هل هي بداية يقظة الشعوب العربية من حالة السبات العميق الذي تغط فيه منذ سنوات وسنوات..حتي حسبناه موتا إكلينيكيا ً مات فيه عقل الأمة وبقي حسدها الممتد من الخليج الي المحيط حيا بلا فاعلية؟

ما حدث ويحدث في تونس الأن هو ولا شك رعشة المارد العربي العملاق التي تسبق إنتفاضته ليزيح غبار ورماد سنين الديكتاتورية التي غطت جسده وكبلته وحطمته، سيستيقظ المارد الجبار ولا شك ويعود بالأمة الي النور من جديد الي حيث كان العرب الأوائل مؤثرين فاعليين في تاريخ الأمم، وليس كما يحدث الأن يعيشون في معزل عن العالم وفي ذل وبؤس وشقاء، في ذيل قوائم الدول.

كفي لهؤلاء الذين جثموا علي انفاس الشعوب العربية وامتصوا دماء الناس وسمحوا بالفساد والإفساد وفتحوا الأبواب لعائلاتهم لأن تعيث نهشا وخرابا في جسد الأمة حتي صار مريضاً منهكاً.

أعاد التونسيون الأمل في النفوس، فثورة الشعب المطالب بالحرية أكدت علي إمكانية التغير وأن جسد الأمة حي وقادر وقوي، من كان يصدق أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي سيخرج هكذا على الملاء ليقر بمطالب الشعب كاملة، ويقولها صريحة، لا لبث فيها لا لرئاستة مدى الحياة وأنه لن يترشح لانتخابات عام 2014، إنها أرادة الشعب القادرة علي إحداث التغير.

قديما قالها ابن تونس الشاعر العظيم أبو القاسم الشابي : إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر.
وإنكسر القيد وخرجت تونس عن بكرة ابيها تردد أبيات شاعرها الكبير بحماس ملتهب حتي اقر الرئيس بعد سنوات الحكم الطويلة من الاعتراف بمطالب الشعب.

ماأطيب نسمات الديمقراطية والحرية عندما تهب على بلد عربي، رياح التجديد تشحذ الهمم، وآفاق المستقبل ترتسم من جديد في مخيلة الشباب البائس والمطحون، يجوب الشباب شوارع تونس ايديهم مرفوعة تلوح بعلامات النصر، ينطلقون بحماس متدفق دون خوف أو وجل والنتيجة رايناها الحاكم المتسلط والمتربع علي كرسي الحكم الذي يمتد بإمتداد تونس لايحد مفرا من الرضوخ ومحاولة إستمالة الشعب مرة اخري والموافقة علي طلباته، لكن يبدو ان الوقت قد فات وحلكة الظلام تتبدد الأن.

معروف في الثورات الشعبية ان الشعب عندما يثور يجبر الحاكم علي التغير أو يجبره هو نفسه علي الرحيل وعندما ينام الشعب ويغفل فإن الحاكم يتمادي في حكمه يصدر تشريعاته الفرعونية التي تبقيه حاكما مخلدا طوال حياته و في ذرية تتوارث الحكم من بعده.

إن ثورة الشعب التونسي من أجل الديمقراطية هي نهاية أحلام هؤلاء الفراعنة الجدد، فهي قد باغتت الأمة النائمة ولكن تداعياتها ستمتد وتستمر في الديكتاتوريات العربية الأخري، طال نسيم تلك الحرية التي حرمت منها الشعوب العربية طويلا لكنها البداية فهل كان احد يصدق ان يقوم زعيم من هؤلاء الذين إرتضوا ابدية الحكم وان يتنازل طواعية امام شعبه قائلا انه لن يترشح لفترة رئاسة قادمة،من كان يصدق أن يحدث ذلك في أمة أصبحت تعيش خارج نطاق المعقول.

إن عدم الإعتراف بالتغير والإستبداد بالحكم دمر الأمة العربية فالسودان يتفتت تحت نظر زعيمه الذي طمئن مواطنيه في أحد خطاباته الأخيرة قائلا هل تعتقدون أن إنفصال الجنوب هذا هو نهاية إنجاز!.. واستطرد قائلاً لا انها ستكون بداية ثورة جديدة !! ولم يحدد الرئيس البشير أي ثورة وفي إي اتجاه ستكون تلك الثورة لكنها هي لغة الحكام العرب المعروفة الذين وحدهم يفجرون الثورات المزعومة وينهبون الثروات فالثورة عندهم ليست اكثر من كلمة تقال في خطاب وخلاص.