نحن امام واحدة من أكبر الأوهام الثقافية والفنية التي تواطأ عليها الناس ومنحوها اعظم الأوصاف والأمجاد، واغدقوا عليها ملايين الدولارات، وانشأوا لها الكليات ومراكز الدراسات، والمجلات المتخصصة، ومنحت أعلى الشهادات الأكاديمية عن دراستها، هذا الوهم هو الفن التشكيلي !
فأنت أين ما ذهبت تجد الاهتمام والعشق والتفخيم له، واهدار ملايين الدولارات على المتاحف والقاعات وشراء اللوحات، ومنح الألقاب التبجيلية للرسامين لدرجو ان اهتمام العالم ببكاسو ودالي ودافنشي يفوق الاهتمام بمخترع الهاتف والتلفزيون والطائرة والكومبيوتر والانترنت، فهل الخوف من تهمة الجهل والتخلف سبب هذا التعظيم وافتعال حب الفن التشكيلي ؟
رأيي الشخصي: أن الناس تخاف ان يقال عنها جاهلة ومتخلفة وغير متحضرة... فتلجأ بطريقة (لاشعورية ) الى اقناع نفسها بأوهام أهمية الفن التشكيلي وتنفق عليه مبالغ طائلة بلا حدود، وتتباهى بإقتناء اللوحات.
وهذه نفس المشكلة مع الكتابات الغامضة بالأدب والفلسفة وغيرها، فلا أحد يجرؤ على القول ان اسلوب جاك دريدا وهيدغر ولاكان وجيمس جويس وكافكا على سبيل المثال هو اسلوب فاشل في امتاع القاريء وتوصيل مضمون العمل الأدبي والفلسفي، بل نجد على العكس التفنن بإيجاد التبريرات لغموض الاسلوب واعتباره دليلا على العمق الفكري المفعم بالرموز والإيحاءات... ولاأحد يمتلك شجاعة القول ان اسلوب هؤلاء الأدباء والفلاسفة ومن على شاكلتهم هو اسلوب فاشل فهم لايجيدون صنعة الكتابة... الجميع سكت خوفا من تهمة الجهل والتخلف!
والأمر ذاته مع جنون الاهتمام بالشعر والتواطؤ المشترك على تسويقه مابين الشعراء والنقاد والجمهور، رغم عدم اهميته للحياة، ففي الوطن العربي أبسط شاعر تجده معروفا أكثر من اعظم مخترع مثل توماس اديسون.
بفضل وجود التصوير الفوتوغرافي.. لاأعتقد توجد حاجة وأهمية للفن التشكيلي من الناحية الفنية والجمالية، فالفن التشكيلي خدعة ووهم حاله حال الكثير من الاوهام التي تسيطر على اذهان البشر كأوهام الايديولوجيات، والصرعات، وبهذه المناسبة أورد النكته الشهيرة حول الفن التشكيلي والتي تحكي عن مجموعة اشخاص حضروا افتتاح احد معارض الرسم، ووقف الناقد يشرح الدلالات الفلسفية والرمزية والأبعاد الجمالية والإيحائية، والضوء و اللون، وفيزياء الفضاء وميتافيزيقيا المعنى للنقطة السوداء الموجودة على اللوحة، واثناء شرح الناقد وتحليله لتلك النقطة.. شاهد الجمهور تحركها ثم طيرانها، واكتشفوا ان النقطة السوداء كانت عبارة عن (ذبابة ) وقفت على اللوحة!
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات