لماذا المسيحيون بالذات؟ وهل السؤال فعلا حقيقي؟ من ينظر للوحة الجرمية والارهابية التي تطال الناس في العالم العربي، بشكل لحظي، يرى أن السؤال ليس في مكانه.
في أية ثقافة في العالم وفي أي دين، هنالك بشر متزمتون، بمعنى ما الثقافة المتزمتة، يمكن للعنف أن يجد طريقا لاستخدامها، لماذا لأن معيارها لا يقبل القسمة على أحد، سوى على نفسه، بوصفه خير مطلق.
لم يمر حتى اللحظة في التاريخ البشري، حضارة اجتاحت العالم، بدون عاملين متداخلين:
الأول عن طريق امتلاك قوة عنف ضاربة والثاني أنها تحمل رسالة ما، أيا كان نوع هذه الرسالة، ربما تسجيل انتصارات لقائد عسكري أو ملك، لكن في النهاية تحمل رسالة تريد من خلالها تعميم معاييرها على العالم. وتحت الرسالة البحث عن دوافع مادية ورمزية مباشرة.
لهذا الارهاب والجرائم التي ترتكب يوميا بحق مواطن المنطقة العربية، هي جرائم ذات منبت واحد، ودافع واحد، وهو سحق أية أمكانية لمستقبل ما لهذه الشعوب غير هذا الذي هي فيه، ويجب أن تبقى فيه أبدا.
في العالم العربي، ثلاثة قوى بائسة في سلوكها الشرق أوسطي لهم مصلحة،ذلك:
قوة الغرب بما فيه إسرائيل أولا، وقوة النظم العربية والشرق أوسطية ثانيا و والثروات النفطية وغيرها الموجودة في المنطقة ثالثا، إنها ثروات نهب وأصحابها بلا حد أدنى من الضمير المواطني أو الوطني إن شئتم. والدليل كلما مات قائد خالد!! أو ملك مفدى يتحدثون وخاصة وسائل الإعلام الغربية عن أن ثروته تفوق المليارات!! من عرق جبينه أو ورثها عن أجداده!! هكذا بكل صلافة...
أما الثقافة التي تحتضن الإرهاب، فهي متنوعة وليست حكرا على الإسلام.
لنلاحظ مثال صارخ ربما لا يفكر به لا إسلاميي المنطقة ولا علمانييها، وهو مثال يختصر تجربة الغرب في رؤيته للعالم:
عندما رأى الغرب في سياق الحرب الباردة تنمية الدول المحيطة بالصين والاتحاد السوفييتي، خلق ما يمكننا تسميته بالنمور السبعة، ومنها دول إسلامية ماليزيا، وسمحت لباكستان بامتلاك النووي وكان يمكنها منع ذلك! تبعا لما تطالب به هذه الدول إيران اليوم بوقف برنامجها النووي، وهاهي تركيا أيضا تشب عن الطوق، أما أفريقيا وبقية دول آسيا وأمريكا اللاتينية، فلم تكن مطروحة تنميتها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، لهذا تجد الآن أن عملاقي أمريكا اللاتينية البرازيل والارجنتين، هنالك أكثرية مدقعة بالفقر، وأفريقيا حدث ولا حرج. أليست معظم دول أفريقيا ما خلف الصحراء تدين بالمسيحية، أليس استمرار دعم الغرب لنظام الابارتيد العنصري في جنوب أفريقيا ردحا من الزمن مؤشر آخر، لا يوجد في هذه الدولة مسلمين، بل جلهم مسيحييون، والباقي اتباع ديانات محلية مسالمة.
المكسيك جارة أمريكا وفنزويلا أيضا، لننظر إلى أحوال الشعب المكسيكي كله مسيحي أيضا وكاثوليكي غالبا. لماذا لا تزال هذه المجتمعات أكثر فقرا ربما من بعض مجتمعاتنا العربية؟
سأضرب مثالا آخر: كنا في رابطة العمل الشيوعي تنظيم سياسي سوري معارض للنظام وللسوفييت آنذاك، لولا مساعدة فصائل يسارية فلسطينية لا أريد تسميتها الآن، ماكان لنا أن نستطيع طباعة أدبياتنا التأسيسية أو ما تسمى الكراسات وهي في ذلك الوقت لا تحتاج إلى أكثر من 200 دولار ربما؟ مرة أخرى السؤال الذي يفرض نفسه، من أين لما يسمى الإرهاب الإسلامي كل هذه الأموال؟ وكل هذه القدرة على تهديد حياة الناس؟ هددوا أنهم سيضربون المسيحيين في مصر أثناء تنفيذهم لجريمتهم في كنيسة النجاة في بغداد، ومع ذلك فعلوا وبقوة ضاربة أدت لاستشهاد العشرات من القبط المصريين؟ ولنر الفارق بين الأمثلة التي ذكرتها وما نعيشه اليوم..قليل من العقل ليس أكثر هذا ما نحتاجه.
نعم المستهدف في هذه المنطقة هو أمكانية مستقبل آخر مختلف عما نحن فيه للعيش، يجب أن نبقى تحت حكم نخب فاسدة ماليا ودينيا وسياسيا وطائفيا وعائليا وأخلاقيا أنى قلبتموها. هذه المحصلة، كل يوم بؤرة توتر، وكل يوم جريمة صادمة، كان خطف الطائرات التي كان يقوم بها يساريي العالم تشكل صدمة للرأي العام الغربي، لم يكن للثقافة الإسلامية وللإسلام كدين أية علاقة بهذا الموضوع. أما الآن فالبشر الذين لهم مصلحة في استمرار ما نحن فيه، من جريمة عامة وحضارية أيضا!! هم من يريدون توجيه الدفة نحو عدو وهمي أسمه الدين الإسلامي..ساركوزي صاحبنا الأكثر تشددا، من أقرب أصدقائه الأمير الوليد بن طلال كمثال...أليس الرجل مسلما؟ لا نريد أن نجلب أمثلة من ملوك ورؤساء من أصدقاءه.
لماذا الثقافة المسيحية لم تفد أفريقيا وأمريكا اللاتينية؟ كوننا بتنا نتحدث عن ثقافات دينية حاكمة...الثقافة اليهودية وحدها محمية بحكم القانون الغربي تحت بندquot; معادة الساميةquot;
لنخرج من هذه الدائرة، السياسة، النظم الحاكمة والغرب المتكالب إسرائيليا ونفطيا، هي من تقف خلف كل هذا الهول، نحن نحاول أن نستنجد بتيارات غربية نعتقدها أكثر إنسانية وليس أقل طبقية أيضا!!
العراق خسر مليون عراقي مسلم ومئات منهم مسيحيين، والباقي مسلمون، لم تحدث لهم كل هذه الضجة، ولم يتحدث أحد!! أنهم أبناء الجارية.
لماذا لا تستهدف القاعدة مسؤوليquot; الأنظمة الكافرةquot; كما تدعي، لماذا تستهدف مواطنين أبرياء؟ لماذا لم نجد لها نشاطا واحدا داخل إسرائيل مثلا؟
هذه أسئلة لكي نفهم ما الذي يدور، أنا شخصيا لا أعرف في الواقع من أين تمول جماعات الإرهاب والجريمة المنظمة؟ هل يدلني أحد على مصادر التمويل، تابعت برامج العربية والجزيرة عن صناعة الإرهاب والموت، لم أجد جوابا ولم أجد حتى حديثا عن مصادر تمويل الإرهاب، كله حكايا على طريقة بعض الأشقاء في لبنان في تقديم ما لديهم وتسويقه..لماذا لا تعلن حكومات الغرب من أين مصادر تمويل الجماعات الإرهابية؟ ولماذا تمول؟
نحن شعوب كتب علينا أن نبقى بين نظم حاكمة تحدثنا عن مآثرها فيما تقوم به، وبين غرب لا يحمل الود أبدا لغير مصالحه.
نأتي الآن للإخوان المسلمين في العالم العربي ومصر خصوصا، باعتبار أن قائد التنظيم الدولي دوما مصري!!
هكذاquot; خبط لزقquot; عفوا منكم، ولم تطرح حتى أيام الخلافة الراشدية بات الشعار هوquot; الإسلام هو الحلquot; عجيب. شعار لا يقبل القسمة إلا على نفسه، لأنه تجسيد لمطلق رؤية للأنا، بكل ما تحمله من إقصاء للآخر.
ومع ذلك هم لا يشكلون في النهاية الغربية سوى بعبع يخيف الناس منهم من التغيير القادم، وتستخدمهم أنظمتنا خير استخدام، تتركهم تحت التأسيس أو تحت التهديد، لكن لا دور لهم في القرار السياسي في عالمنا العربي. وهم باتوا يصدقون أنفسهم أنهم قوة بحد ذاتها، وهذا هو الأغرب في الواقع.
كانت هذه القوى في السابق تلعب نفس اللعبة مع اليسار شيوعيا كان أم غير شيوعي، وذلك أثناء الحرب الباردة، الآن تحول اليسار إلى تطرف ديني من إرهاب أحمر إلى إرهاب ديني...هذا العنوان، أيضا هو لقتل أية إمكانية لمستقبل أفضل لشعوبنا، يجب أن نقبل بالجريمة والفقر والوقوف على ابواب سفاراتهم للهجرة إليهم... يجب أن نقبل بملوكنا ورؤساءنا وأمراءنا.. وكل أصحاب ثرواتنا وسارقيها، ويجب أن نقبل بحلهم للمشكلة اليهودية على حساب شعوبنا...وربما إن قبلنا أيضا بذلك لن يتغير مستقبلنا...! من يدري؟
- آخر تحديث :
التعليقات