تنسحب القوات الامريكية من العراق وعينها شاخصة على ايران خشية ملء الفراغ الاستراتيجي الذي ما برح يشكل عنصرا اساسيا للتنافس بين الدول خصوصا بعد الاحداث التي تشهدها الدول العربية من ثورات واعادة تشكيل نظم سياسية جديدة.
فقد بدأت رئيسة الدبلوماسية الامريكية حربها الناعمة من دول اسيا الوسطى المجاورة لايران لتوجه رسالة تحذيرية صارمة الى طهران بعدم التدخل في العراق بعد اعلان الرئيس الامريكي باراك اوباما انسحاب قواته من العراق في نهاية العام الحالي.
و كررت كلينتون خلال زيارة لطاجيكستان ما قاله الرئيس الاميركي باراك اوباما عن استمرار العمل مع العراق على الرغم من الانسحاب العسكري الكامل. لكنها دعت الدول المجاورة الى ان تكون بناءة.
ووجهت الوزيرة الاميركية رسالة اطمئنان الى حلفائها في المنطقة وخصوصا الى جيران العراق، تؤكد ان quot;الولايات المتحدة ستقف الى جانب حلفائها واصدقائها، بما فيهم العراق، للدفاع عن الامن والمصالح المشتركةquot;.
واضافت ان الولايات المتحدة quot;ستبقي على وجود قوي لهاquot; في المنطقة التي يجب ان quot;تبقى بعيدة عن اي تدخل خارجي في طريقها الى الديموقراطيةquot;، ملمحة بذلك الى ايران.
وتتهم واشنطن باستمرار مجموعات مدعومة من ايران بالوقوف وراء اعتداءات في العراق كما يتهم المسؤولون الاميركيون طهران بالتدخل في شؤون الحكومة العراقية.
وكان زعيم التيار الصدري الموالي لايران مقتدى الصدر قد أعطى موافقته على بقاء عسكريين أمريكيين في العراق لأغراض التدريب شرط انسحاب جميع القوات الأمريكية وابرام اتفاق جديد مع الولايات المتحدة يسبقه تقديم تعويضات للعراقيين، من دون ان يحدد طبيعة هذه التعويضات.
فالعراقيون يقاربون موضوع الانسحاب الامريكي والعلاقة مع ايران بطريقة جيواستراتيجية مختلفة، فالعلاقات الايرانية العراقية يحكمها كما تقول طهران الحرص على استتباب الامن وتجنب الصراعات وتصفية الحسابات الاقليمية.
فقد اكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في مؤتمر صحافي انه quot;لا يوجد من يفكر ان يخترق العراقquot; مشيرا الى ان quot;السياسة المعتمدة في العراق لا تعطي فرصة لاي جهة ان تنال من السيادة العراقية.
لكن الموضوع الامني يظل الهاجس الاساسي بالنسبة للعراقيين حيث اعتبر المالكي إن انسحاب القوات الامريكية من العراق نهاية العام الحالي quot;مناسبة تاريخيةquot; ستغير شكل العلاقة بين العراق والولايات المتحدة، ويسحب الذرائع من الجماعات المسلحة التي تنفذ الهجمات في العراق.
واضاف ان quot;القوات الاميركية كانت نادرا ما يطلب منها المساعدة في مجالي الاستخبارات والنقل وان القوات العراقية تشرف على الاوضاع منذ توقيع الاتفاقية الامنية في عام 2008quot;.
وفي المقابل جاء الرد الايراني على لسان الرئيس محمود احمدي نجاد متوجها الى الشعب الامريكي عبر شبكة التلفزة الامريكية quot;سي ان انquot;، حيث أثنى على قرار الرئيس اوباما الانسحاب العسكري الاميركي من العراق وان رأى ان الانسحاب كان يجب ان يحصل منذ فترة طويلة لكان سقط عدد اقل من القتلى العراقيين والجنود الأميركيينquot;. وقال إن انسحاب القوات الأميركية من العراق quot;سيؤدي إلى تغيير في العلاقات quot;بين طهران وبغداد، دون أن يحدد نوع التغيير الذي يتوقعه.
وفي كل الأحوال فإن الانسحاب الامريكي من العراق يشكل عاملا فاعلا في تحديد ملامح المرحلة المقبلة في الشرق الاوسط،ومما لا شك فيه أيضا ان ايران تعتبر نفسها الرابح الاكبر من الانسحاب وانها بذلك تسجل انتصارا استراتيجا واضحا على كافة المستويات،لكن حماية المصالح الامريكية في المنطقة ستكون العامل الرئيسي في تشديد المراقبة الأمريكية تحسبا لأي تجاوزات ايرانية في العراق.
[email protected]
- آخر تحديث :
التعليقات