قرار المكتب الدائم لإتحاد الصحفيين العرب في عقد اجتماعه المقبل في بغداد خلال ديسمبر المقبل من العام الجاري هو في الحقيقية انتصار للصبر العراقي الطويل في مجال تكرار التأجيل، بل والرفض من إقامة هكذا اجتماع في العراق بحجج ما كانت غافلة على أحد، لذلك فان هذا اللقاء العربي بقدر ما هو إنجاز حققته نقابة الصحفيين العراقيين متمثلة في نقيبها الزميل مؤيد اللامي، فإنه يمثل مرحلة متقدمة في التعامل مع منظمات تمثل المجتمع المدني في حرية الرأي عبر الصحافة، كما أنها تحمل في طياتها عودة الروح لبغداد بعد انقطاع طويل ورفض مستمر.

والمفرح في ذلك أن عقد المؤتمر المقبل للإتحاد جاء بناءا على رغبة الاتحادات والمنظمات الصحفية في quot;120quot; بلداً اقر عقد المؤتمر في بغداد تقديراً منهم لما قدمته الأسرة الصحفية العراقية من تضحيات، من أجل الكلمة الصادقة المعبرة عن ضمير الشعب العراقي ومعاناته، وللتعبير عن تضامن الأسرة الدولية مع الشعب العراقي في تطلعاته لبناء غده وإعادة إعماره، هذا الإجماع يعكس الجهد الخلاق للسيد النقيب وطريقته في الإقناع والتأثير بمن كان يرفع إصبع ( لا ) كما يعكس ذلك الاجتماع انتصاراًُ للصحافة العراقية وللمفاهيم التي عمل عليها الصحفيون العراقيون، وما تمثله بغداد من محورٍ مهم للديمقراطية والسلام والمحبة، بعد سلسلة القرارات التي صدرت، وفي مقدمتها قانون حقوق الصحفيين العراقيين، والخطوات المهمة التي اتخذتها نقابة الصحفيين العراقيين من أجل إرساء دعائم العمل الصحفي في العراق، وتقدير واعتزاز الصحفيين العرب بتضحيات وعطاءات الأسرة الصحفية العراقية بفرض ترسيخ مفاهيم الديمقراطية في المجتمع العراقي الجديد.

ويشكل حضور الصحفيين العرب إلى بغداد سلسلة من نجاحات النقابة على صعيد تحركها المحلي والعربي والدولي، تاركة بذلك مرحلة سوداء من تاريخ الصحافة العراقية التي سادت فيها إبان الحكم الدكتاتوري، والتمايز الطبقي والفصل التعسفي وغياب الحريات وسيطرة شلة من الصحفيين المستفيدين وأبواق بإصدار صحف مأجورة تتلذذ بعذابات الناس وتتحكم بمصائر العديد من الأسرة الصحفية، خاصة من الذين يرفضون سطوته وجبروت وعنف النظام، هذه الشلة التي تناثرت وهربت أو ربما اختفت تحت مسميات جديدة هيمنت على قرار النقابة تحت تأثيرات سيئ الصيت نقيبها الأسبق quot; عدي quot; الذي كان يمثل قمة الفساد الإداري والمالي، بعد أن اخضع الهيئة العامة للنقابة لقراره الوحيد حيث

يفعل ما يشاء.
اليوم نجد فارقا كبيرا، خاصة نحن الذين هجرونا من وطننا، بين نقابة صحفيين كانت محشوة برجال الأمن والمخابرات وعملائهم في مكاتبها المظلمة وقراراتها والتي ترصد كل من يحاول المس بسيدها المبجل،فكانت أقدامنا ترتعش حينما نأتي للنقابة من اجل قضاء حاجة معينة، لا خوفا منه ومن نظامه الاستبدادي، بل من تهمة جاهزة تذهب بك إلى غياهب السجون.نعم كنا نعاني كذب هؤلاء واستغلالهم للوسط الصحفي والإعلامي إنهم كانوا يسرقون المال باسم العمل الصحفي ومهنة الصحافة، ويطلقون على أنفسهم الألقاب والمناصب لتمرير احتيالهم، ولكنهم في نهاية المطاف وبما أنهم من الطارئين على هذه المهنة هاربون أذلاء، وتكشف الأيام خبث ما فعلوا ويفعلون وكل ما بني على باطل فهو باطل ويبقى الأصيل رافعا رأسه وهامته.

اليوم تتكلم بكل حرية في النقابة أو في وسائل الإعلام تنتقد وتكتب وتنتخب وتضع قرار النقابة في فعلها الوطني عبر صناديق الاختراع، هو الوطن اليوم مع إيماننا الكامل بان الصحفي العراقي تعرض لكثير من المضايقات لكنها هي مهنة المتاعب والبحث عن الحقيقية.لقد قامت نقابة الصحفيين العراقية وبجهود كبيرة ومشهودة بقيادة الزميل ابن الفقراء والقادم من مدينته السمراء quot; العمارة quot; مؤيد اللامي بعدة إنجازات للأسرة الصحفية ولعل أهمها قانون حماية الصحفيين الذي أثار ضجة كبرى في الأوساط الإعلامية العراقية والعربية، لما له من قيمة وحماية للصحفي العراقي، وكذلك المكافآت التشجيعية السنوية التي تخفف عن كاهل الصحفي وتعينه ولو بعض الشيء عن معاناة الحياة ومن ثم قرار تخصيص قطع أراضى للصحفيين الذين لا يملكون سكناً أو قطعة ارض بأسمائهم وهذا يعتبر قرارا مهما جدا لما له من تأثير في حياة كثير من الصحفيين والإعلاميين الذين لا يملكون سكناً من دون تميز أو مفاضلة، بل واستبشر الصحفيون خيرا وثمنوا جهود الحكومة والنقابة لهذا القرار، وفعلا تم توزيع قطع أراضى على الصحفيين في كثير من المحافظات العراقية. كما قامت النقابة بتقديم تسهيلات من وزارة التعليم العالي لطلبة الإعلام، وتسهيلات من وزارة النقل في السفر للصحفيين والإعلاميين والحصول على نسبة من التعيينات لخريجي الإعلام.

إن حرص الزميل مؤيد اللامي ومثابرته من اجل تحقيق المزيد من المكاسب والإنجازات لعامة زملائه الصحفيين على رغم كل المخاطر التي يتعرض لها، خاصة وان الأجواء الأمنية مازالت ملبدة بالغيوم والغبار الذي يثار من هنا وهناك، علما أنه حقق نجاحا لدورة ثانية بعد حصوله على 84.5 في المئة من نسبة الأصوات وفقا لنتائج انتخابات المجلس الجديد بعد أن حصل اللامي على 1107 أصوت من مجموع 1309.واعتقد أنها شهادة وقعها الصحفيون العراقيون بدون ضغوط أو تأثير.

لقد تأسست نقابة الصحفيين العراقيين عام 1959 في بغداد بشكل رسمي بعد أن اجتمع 45 صحفيا وكان كامل الجادرجي، وهو رئيس أول رئيس لجمعية للصحفيين العراقيين من عام 1940 ndash; 1950، فيما تولى شاعر العرب الكبير محمد مهدي ألجواهري أول نقيب للصحفيين العراقيين، حضر معه 40 صحفياً عند إجراء أول انتخابات في بغداد عام 1959 م، شغل منصب النقيب لدورتين متتاليتين وكانت الدورة سنة واحدة، الدورة الأولى 1959 والدورة الثانية 1960، محمد طه الفياض وقد انتخب نقيبا للصحفيين العراقيين عام 1961 وأعيد انتخابه للمرة الثانية عام 1962، فيصل حسون وقد انتخب نقيبا للصحفيين العراقيين لثلاث دورات متتالية عام 1964 وعام 1965 وعام 1966، عبد العزيز بركات وقد انتخب نقيباً للصحفيين العراقيين لدورتين متتاليتين عام 1967 وعام 1968، سعد قاسم حمودي وقد انتخب نقيبا للصحفيين العراقيين من 1970 إلى عام 1986، وكذلك شغل منصب رئيس اتحاد الصحفيين العرب 1978 ndash; 1996، وكان الزميل الراحل شهاب التميمي وقد انتخب نقيبا للصحفيين العراقيين بعد سقوط النظام ولدورتين متتاليتين من عام 2003 وحتى وفاته عام 2008، ثم مؤيد اللامي وقد انتخب نقيبا للصحفيين عام 2008 ولحد ألان.