يمرُّ العالم العربي بمرحلةٍ إعتدنا على نتائجها، فهي تتكرَّر من بلدٍ إلى آخر.
فتارةً نستفيق على أخبار لبنان، وإسقاط الحريري، والأعمال البربريَّة في الشَّارع، وطورًا نسمع بخبر هروب زين العابدين بن علي من البلد الذي حكمه طيلة عقود، وتفشي أعمال النهب والسرقة، وترهيب النَّاس، وحينًا نرى القاهرة تستشرس للإطاحة بحسني مبارك، وهروب المجرمين من السجون، وأعمال التَّخريب، لنسمع فجأةً إنفجارًا دوَّى في العراق يطيح بأملنا في نجاح الثورات، فنعود إلى اليمن والمظاهرات الَّتي تعمُّ الشَّوارع لتلامس أرض السودان الطامح للإنفصال، ولا ننسى الأردن الذي ما عدنا نسمع أخباره بعد قطع الإنترنت عنه، لننام على أخبار تفيد بقرب موعد التَّغيير في سوريا، والبحرين، والمغرب.
ملامح جديدة ترسم للعالم العربي، والعرب المتلهفون للحريَّة، الَّتي ما إعتادوها يومًا، تكلَّموا للمرَّة الأولى وقالوا quot;إسقط يا زين العابدينquot;، وquot;اخرج يا مباركquot;.
وكأن الأتي أفضل!!
لم نعتد سماع الصوت العربي الصادح، إعتدنا الرضوخ والقبول بالتي هي أحسن، فما الفرق بين اليوم والأمس والغد، وهل من إنسانٍ ذي عقلٍ مقتنع بأنَّ للحريَّة والديمقراطيَّة مكان في العالم العربي؟؟
لمن يموت هؤلاء؟ ولمن يتظاهرون؟ أهل يأملون بغدٍ أفضل؟ وأوضاعٍ معيشيَّةٍ أفضل؟ وضمانٍ إجتماعيٍّ؟ ولا فساد؟ ولا ديكتاتوريَّة؟
ألم يروا التَّجربة العراقيَّة وقبلها اللبنانيَّة؟
أطاحوا بأنظمة، ليكرسوا الطائفيَّة والقتل، فنهبوا الثروات.
والنتيجة، المجيء بطقمٍ جديدٍ لتتاح له فرصة النهب، والسَّرقة، والتربع على عرش السُّلطة.
فأيَّة ديمقراطيَّة يبحث عنها العرب، وهم لازالوا غارقين بين المسيح ومحمد، وبين علي وعمر.
قد تتغيَّر الأسماء والرؤوس الحاكمة، ولكن الهمجيَّة والتَّخلف والفساد والبربريَّة باقون دائمًا أبدًا، فهم سر تألقنا في الشَّرق، وجواز التَّعريف عنا، فكيف نخلع عنا هذه العباءة وننكر أصلنا، خصوصًا وأنَّ من نكر أصله لا أصل له.
كفى أحلامًا بالربيع والياسمين والخضار، نحن أدواتهم للوصول، وبعدها مصيرنا السجون الدفينة، أو المنفى، أو القبور، أو الهجرة، أو العيش مكمومي الأفواه نشحد لقمة العيش.
فإستفيقوا من الأحلام، ولا ترتدوا عباءة التَّغيير، فهي فضفاضةٌ عليكم.
التعليقات