لم تكتمل فرحتي كعراقي وانا اشاهد البرلمان في بلدي وهو يقف الى جانب الشعب البحريني وليس في جانب الحكومة هناك، وجوهر هذا الفرحة التي لم تكتمل ان البرلمان العراقي وقف بجانب المحتجين وبغض النظر عن المعادلات الطائفية والقومية التي تسود العملية السياسية في العراق. اما سر عدم اكتمال هذه الفرحة فان الصدفة وحدها شاءت ان اكون في مقر البرلمان العراقي يومها وحينما سمعت بعض الاعضاء يطالب بايقاف عمل البرلمان ساعة واحدة كنوع من الاحتجاج على مايجري في البحرين وعلى تدخل بعض الجيوش الخليجية هناك، أبديت استغرابي الصريح على هكذا نوع من الاحتجاجات البرلمانية الغير مسبوقة في العالم الديمقراطي على وجه الخصوص! لكن احد الاصدقاء اشار الى عدم الضرر الكبير بهذا quot; البريك quot; الصغير للصلاة او لتناول وجبة طعام.

ولكن المفارقة الكبيرة والطرفة المدهشة خرجت في اخبار مساء ذلك اليوم حينما تناقلت وسائل الاعلام ان البرلمان قرر ان ياخذ اجازة لمدة عشرة ايام تزامنا مع الاحتجاج على الاوضاع في البحرين، وتتضخم المفاجاءة حينما يسافر رئيس البرلمان العراقي الى الكويت في اول ايام عطلة البحرين في زيارة رسمية لمناقشة ملفات غاية في الاهمية والخطورة! ولان المفاجاءات والصدمات وخيبات الامل لم يعد لها مفعول او مكان في العملية السياسية العراقية فان الادعاء بذلك قد يكون فيه نوع من المبالغة او اعطاء حجم لايستحقونه و حيز كبير لغالبية عمال السياسة في العراق ولن اقول جميعهم لاني ليس من طلاب مدرسة الحكم المطلق والشامل في التوصيف والقذف والذم.

في كل الاحوال دخلت في روزنامة البرلمان العراقي عطلة يطلق عليها quot; عطلة البحرين quot; تضاف الى قائمة طويلة من العطل في بلد تحصد العطل الرسمية فيه نصف ايام تقوميه الميلادي والهجري على حد سواء ودون اكتراث او اهتمام من اي شخص معني حتى هذه اللحظة. فالعطل والاجازات الرسمية في العراق تصل الى حوالي نصف السنة الميلادية بما يصل الى حوالي 150 يوما بالتمام والكمال. واذا اخذنا بنظر الاعتبار ان الجلسة البرلمانية الاولى في هذه الدورة الجديدة بقيت مفتوحة ولم تعقد لعدة اشهر اضافة الى ان الجلسات بعد ذلك تحولت الى منابر للخطابات والبيانات ليس اكثر ولم يتم خلال هذه الدورة البرلمانية ومنذ عدة اشهر تشريع الا عدد محدود من القوانين، فان هذه الحقائق تشير وبوضوح تعثر وتخلف كبيرين في طريقة واليات عمل البرلمان والى حقيقة اكبر ان هذا البرلمان لايستحق ان يستحوذ على ملايين الدولارات التي تصرف له من اموال العراقيين سنويا بين رواتب ومنح وامتيازات ضخمة وغير مبررة من الاساس فكيف ستبرر مع هذا التخبط الواضح والصريح.

هل المطلوب الغاء البرلمان العراقي!؟ الاجابة وببساطة المطلوب المحافظة على هذا البرلمان ليكون في ادنى استفادة منه كصلة تذكير للعراقيين قبل غيرهم بحجم الكوارث التي يرتكبوها باختيارتهم الحرة لغالبية هولاء الاعضاء، وايضا عسى ان تكون هذه الصورة الخائبة كمصدر ذكرى وتذكير للعراقيين لتصحيح الامور في اقرب فرصة ممكنة للتصويت من خلال الممارسة الديمقراطية الصحيحة حتى لايكون بعد ذلك نوع من المعاتبة الباطلة للسماء على افعال وتصرفات غالبية هذه المجاميع التي حشرت بالبرلمان دون ان يصوت لهم الناخب العراقي بل بقانون انتخابي هو الاغرب على مستوى الكرة الارضية. وحتى ذلك الحين وفي طريقة حساب بسيطة يبقى العراقيين وليس غيرهم مطالبين بتسديد فاتورة اجازات برلمانية اخرى لثورة تونس ومثلها لثورة مصر واليمن وليبيا وغيرها من الثورات المرتقبة في عالمنا العربي. لذلك وحسابيا فان البرلمان العراقي يطلب اربعين يوما اجازات متاخرة على ضوء عدد هذه الثورات لحد الان، وماتاخر البرلمان من التمتع بهذه الاجازات الا كرم برلماني حاتمي طائي لايوصف وعلى الشعب العراقي عدم نسيانه ورد الدين في اقرب فرصة دستورية ديمقراطية ممكنة، فرد الديون من صفات الاكارم والعراقيين بطبعهم كرام ولو في طرقهم الخاصة في بعض الاحيان.


[email protected]