ندّد الرئيس الأمريكي باراك أوباما quot;بشدةquot; بما وصفها بأعمال العنف التي ارتكبتها قوات الأمن في سوريا ضد متظاهرين مسالمين والتي أوقعت، أمس الجمعة، 49 قتيلاً و75 جريحاً بين مدنيين وعناصر من الأمن السوري. واستنكر أوباما في المقابل أي استخدام للعنف من جانب المتظاهرين. وقال إنه لابد أيضاً من وقف الاعتقالات التعسفية واحتجاز وتعذيب السجناء.
هذا التصريح للرئيس الأمريكي كان غداة جمعة الصمود التي أشعلت سورية من القامشلي وحتى درعا ومن البوكمال وحتى بانياس..
مرة أخرى نقف أمام هذا التواطؤ الدولي على دماء شعوبنا المنهكة بالفساد السياسي والمالي والاستبداد والتسلط، مرة اخرى ينتظر المجتمع الدولي محظيته إسرائيل لتحدد موقفها مما يجري في سورية، والنخب الإسرائيلية ليست مربكة بالانتفاضة السورية، لكنها لاتزال تحاول أن تطيل عمر النظام، لكن دون ضجيج إعلامي هذه المرة، وإنما اختارت وسيلة أخرى من وسائلها بأنها أشعلت الحرب على غزة كما أرادها النظام السوري، لكي تشد الانتباه من جهة، وربما تريد إعادة بريق النظام في تلميع صورته كداعم للمقاومة وللقضية الفلسطينية، إنها جزء من التعاطي الإسرائيلي مع نظام الأسد منذ أن تأسس وحتى اللحظة، وللأسف نعم للأسف هنالك قيادات فلسطينية عموما ومن حركة حماس بشكل خاص تتواطأ مع هذا النظام، وكانت المفارقة الكبيرة في جمعة الصمود الجيش الإسرائيلي يقتل خمسة في غزة، بينما النظام السوري يقتل مئات من الشعب المنتفض سلميا على واقعه، في درعا وحمص واللاذقية ويعتقل الألوف ويحاصر مدنا بكاملها كما يفعل مع درعا ودوما وبانياس، الألمان والطليان والأنكليز كعادتهم آخر من يدين الاستبداد وهذا السلوك الهمجي لأنظمتنا في المنطقة، ومع ذلك استطاع الشباب السوري بسلميته وحرصه على سورية أرضا وشعبا ومؤسسات أن يغير المعادلة أقله أعلاميا حيث بدأت وسائل الإعلام في هذه البلدان بالتعاطي مع الحدث السوري وتبيان جرائم النظام.
كما دعت المفوضة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون يوم السبت 9 ابريل/نيسان السلطات السورية الي البدء فورا في تطبيق اصلاحات سياسية تضمن حرية التعبير والحقوق الأساسية للسوريين و سيادة القانون. وقالت اشتون quot;اندد بشدة بالعنف وسقوط القتلى في سوريا خلال تظاهرات مطالبة بالحرية والديموقراطيةquot;، مضيفة quot;ادعو السلطات السورية بحزم الى وضع حد للعنف فوراquot;، مشددة على quot;مسؤولية الدولة في حماية جميع مواطنيها واحترام التظاهرات السلمية وحرية التعبيرquot;. هذا الموقف الأوروبي يعبر على أنه لايزال في إطار التعاطي المرن جدا مع النظام، وهذا يؤشر إلى مسألة مهمة علينا أن نراها في طيات هذه المواقف، وهي موقف إسرائيل وفرنسا، الداعم لاستمرار النظام، حتى لو أدى ذلك إلى مقتل المزيد من أبناء شعبنا السوري. لكن في الموقف الأوروبي الأخير هذا أمر مهم وهو انه يكذب إداعاءات النظام بوجود عصابات ومسلحين تطلق النار عشوائيا. الشباب السوري المنتفض يعرف ما يجري في كواليس السياسة الدولية، وهو يوجه رسائل واضحة لقوى المجتمع الدولي، ونتيجة لإصراره على مواقفه وسلميته ونبذه للعنف والطائفية، يجعل كل القوى الدولية تتعاطى مع الأمر بأكثر مسؤولية سياسية وأخلاقية، والشباب السوري لا يريد لا النموذج العراقي ولا النموذج الليبي لكنه يريد فقط عدم إعطاء أية شرعية لهذا النظام سياسيا وإعلاميا. هذا النظام الذي وصل الأمر بأجهزته وعصاباته إلى التمثيل بجثث الشهداء السوريين، لنكتشف حقدا قل نظيره في هذا العالم، وهذا ما أظهرته تصويرات شباب الثورة السورية.
في هذا السياق لابد لنا من التوقف عند الموقف الإيراني وتوابعه في المنطقة، أنهم يدعمون النظام بشكل واضح، ولكنهم يفضلون الدعم الصامت البعيد عن الضجيج الإعلامي، رغم وجود بعض الأقلام التي تتبنى نظرية المؤامرة على سورية كونها جهة داعمة للمقاومة وهم بغالبيتهم أقلام لبنانية!! الإيرانيون لا يريدون علنيا أن يكونوا في البحرين مع الشعب كما يقولون وفي سورية ضده، إنه تناقض لا يريد الملالي الظهور به أمام شعوب المنطقة وأمام الشعب الإيراني.
شباب سورية قرروا أن لا عودة لسورية إلى ما مضى، قرروا أنهم مع سورية الجديدة، سورية المؤسسات والقانون والشفافية وحقوق الإنسان. وهذا ما يجب أن يعرفه المجتمع الدولي.
- آخر تحديث :
التعليقات