يشكل نظام الإدارة اللامركزية القاعدة الأساسية للأنظمة القائمة على الفيدرالية المتبعة في الأقاليم والمقاطعات و الولايات في المجتمعات الديمقراطية، ويتصف بميزات عديدة تساعد على إقامة حكومة وطنية أو محلية متسمة بالشفافية والإدارة الناجحة لتحقيق مطالب المجموعات السكانية الممثلة لها حسب مناطقها ووحداتها الادارية.
والنظام الدستوري العراقي أقر بنظام الدولة الاتحادي المبني على الفيدرالية والتعددية والبرلمانية، ويشكل اقليم كردستان نموذجا حيا لفيدرالية متقدمة للعراق الجديد بعد سقوط صنم الاستبداد، وهذا النموذج يشكل أول مكسب كبير للعملية الدستورية والديمقراطية في البلاد، وتأتي أهمية النظام الفيدرالي من خلال إسناد إدارة مصالح ومصير السكان الى المجالس المنتخبة من الكيانات الممثلة للمجموعة السكانية، ولهذا فإن أول ما تقترن به الفيدرالية هو اقترانها بالنهج الديمقراطي، وهو الضامن الرئيسي لتحقيق التنمية والتطور للمجتمعات البشرية.
واليوم بعد نجاح النموذج الفيدرالي الكردستاني في العراق، تنطلق أصوات عراقية عربية بقوة وبصوت عالي في محافظات عديدة لإقامة الأقاليم الفيدرالية، ومنهم أهالي محافظة صلاح الدين حيث إنطلقت أصواتهم بالخير للمطالبة بتحويل محافظتهم الى اقليم للتمتع بكافة الامتيازات التي يمتع بها النظام الفيدرالي في الدستور الدائم لضمان حقوق المواطنة الكاملة التي لا يوفرها النظام الاداري المركزي المتبع على اساس المحافظات، ولا شك فإن المقومات التي توفرها الفيدرالية تعتبر أرضية صلبة وأساسا قويا لادارة المحافظات والأقاليم وفق اهتمامات الدولة الحديثة.
ولهذا لابد من تسليط الضوء من جديد على الميزات التي يتسم بها هذا النظام الذي يعتبر الوجه الآخر للحكومة اللامركزية في هياكلها التنظيمية والإدارية والسياسية، وهي:
bull;دعم الديمقراطية وضمان حقوق سكان الوحدات الادارية الصغيرة.
bull;ارساء التوازن والتوافق بين المصلحة العامة والمجموعات العرقية والدينية.
bull;ضمان التوازن بين مصلحة الدولة ومصلحة الوحدات الادارية.
bull;الاستغلال الامثل للموارد المحلية (البشرية والطبيعية والمالية) لصالح التنمية المتوازنة بين المناطق المختلفة.
bull;خلق فرصة الاستغلال الامثل للموارد لغرض تلبية حاجات السكان المحليين وخلق تنمية حقيقية.
bull;زيادة القدرة والسرعة والمرونة في اتخاذ القرارات ومتابعة نتائجها.
bull;تخفيض حدة التوتر والنزاعات التي تبرز لأسباب سياسية او اقتصادية او اجتماعية او تقليدية.
bull;حل المعضلات والمشاكل المحلية.
bull;تلبية الحاجات للاقاليم والمقاطعات والوحدات الادارية الصغيرة.
bull;استمرارية وديمومة التنمية والتطور وتحقيق الرفاهية.
bull;تنشيط المحافظات والمناطق المهمشة واستثمار مواردها.
bull;زيادة مشاركة سكان المحافظة في وضع السياسات واتخاذ القرارات.
bull;التوافق والانسجام مع الوضع المحلي والداخلي والاقليمي والدولي.
bull;ابقاء تأثير المشاكل والأزمات السياسية في العاصمة الاتحادية دون بقية المناطق.
bull;الاستقلالية قي ضمان التصرف بمواردها واستحقاقاتها المالية من الخزانة الفيدرالية.
bull;ضمان الأمن والاستقرار السياسي بعيدا عن تأثيرات المحافظات والمناطق الأخرى.
bull;تشريع وسن القوانين التي تضمن حماية حقوق مواطني الاقليم حسب مصالحهم وخصوصياتهم.
bull;تشكيل برلمان وسلطة تنفيذية ورئاسة منتخبة حسب الرغبة الوطنية لمواطني الاقليم.
بعد بيان تلك المزايا الهامة التي يتسم بها النظام الفيدرالي، فإن إرساء هذا النظام الإداري السياسي المرن لإدارة المحافظات في الدولة العراقية الجديدة يعتبر ضرورة حتمية لأنه يلبي كافة مطالب السكان والأطراف التي لديها مصلحة حقيقية في البناء والاعمار والتمنية على أسس حديثة متمدنة أثبتت جدواها في تجارب شعوب وبلدان أخرى ضمن منظومة الأنظمة الديمقراطية في العالم، وتأتي أهمية ترسيخ فيدرالية المحافظات والأقاليم في نظام ادارة الدولة لكي يضمن العراق بنيانه ونهضته وثقله لاستثمار موارده الغنية لصالح شعبه مع ضمان الرفاه الاجتماعي لجميع العراقيين.
انطلاقا من هذه الرؤية في إرساء نهج جديد وحديث لإدارة المجتمعات على مستوى الدول والأقاليم والمقاطعات والولايات والبلديات، فانه يمكن القول إن الفرصة أمام العراقيين تعتبر تاريخية للقيام بتحول نوعي لتجاوز الآثار المتخلفة عن الإدارات السلبية للأنظمة السابقة دون رجعة، ولإرساء النموذج المنشود والجديد لإدارة دولة حديثة قادرة على النهوض بالعراقيين لتأمين حاضر مشرق ومستقبل زاهر للجميع، والفرصة السانحة امام مواطني محافظة صلاح الدين مهمة ومصيرية لاتخاذ القرار المناسب والحاسم لتشكيل اقليم صلاح الدين، وبغية تحقيق هذا الأمر يمكن الاستفادة بجدية من تجربة اقليم كردستان الذي حقق نموا مزدهرا في جمبع مجالات الحياة بالرغم من وجود الفساد السياسي والمالي والتجاري فيه مقارنة بالواقع المتخلف في المناطق الاخرى من العراق.
ولهذا نأمل ان تكون التجارب المريرة التي مرت بها الامة العراقية على مر عهود طوال دافعا قويا للعراقيين للوصول الى قناعة تامة بان الفيدرالية مكمل للديمقراطية وحقوق الانسان والتعددية والدستورية التي أرسوها بشجاعة وتحمل كأركان أساسية للقاعدة التي ستبنى عليها الدولة العراقية الحديثة، واقامة الأقليم الفيدرالية العراقية ومنها إعلان اقليم صلاح الدين تيمنا بإسم بطل ومنقذ الإسلام القائد العراقي الكردي في المستقبل المنظور سيكون انطلاقة جديدة وبادرة محفزة لبقية المحافظات لاعلان الفيدراليات الدستورية وبناء البلاد على أسس جديدة وحديثة في الدولة العراقية الاتحادية.
التعليقات