إيران: ثورة تصادر و اخرى تولد من جديد
هکذا يفاوض الملالي خصومهم: قاسملو نموذجا
السجال و الخلاف المتعدد الجوانب الذي دب بين المجلس الوطني للمقاومة الايرانية من جهة، وبين الحزب الديمقراطي الکوردستاني في إيران بزعامة الدکتور عبدالرحمن قاسملو، من جهة ثانية، لم يکن مجرد سجال او خلاف إعتباطي او عادي، وانما کان يحمل في طياته الکثير من المعاني و المدلولات و العبر الکبيرة، وقد کان المجلس الوطني للمقاومة الايرانية و من خلال التجربة المريرة و القاسية لمنظمة مجاهدي خلق مع النظام الديني في طهران، يسعى لثني الحزب الديمقراطي الکوردستاني و زعيمه الدکتور قاسملو من الانجراف خلف سراب و وهم رجال الدين الحاکمين في طهران و يحاول جهد إمکانه توفير الاسباب و العوامل الکافية للحيلولة دون مضي ذلك الحزب في ذلك الطريق الملغوم، وقد کانت هنالك الکثير من المحاولات التي بذلها المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بهذا الخصوص نذکر منها على سبيل المثال لا الحصر:
ـ في عام 1985quot;حيث کان الدکتور قاسملو في خضم إتصالاته مع النظام الايرانيquot;، خاطب زعيم منظمة مجاهدي خلق مسعود رجوي أمام أعضاء المجلس الوطني للمقاومة الايرانية الدکتور عبدالرحمن قاسملو کأمين عام للحزب الديمقراطي الکوردستاني في إيران بقوله:( إذا کان مشکلة هذا الحزب قلة السلاح او قلة المالquot;والذي يطرح من قبل السيد قاسملوquot;، و إذا ماکانت هذه العوامل تؤدي للإرکاع أمام الملالي، فإن المجاهدين مستعدون حتى لمقاسمة خبز ليلهم معهم، وبعنوان حسن النية فإن المجاهدين قرروا إعطاء قسما من أسلحتهم الخاصة لحزب السيد قاسملو.).
ـ لما رفض الدکتور قاسملو عرض السلاح و طلب المال عوضا عن ذلك، فإن مسعود رجوي بعث 100 ألف فرنك اليه، والذي تم تسليمه للحزب الديمقراطي الکوردستاني في إيران عن طريق ممثله في فرنسا، لکن الدکتور قاسملو و بعد أيام قام بإرجاع المبلغ، مما أثبت بجلاء ان المشکلة ليست مشکلة قلة سلاح او العوز الى المال.
ومضى الدکتور قاسملو في مساعيه بإتجاه التفاوض مع النظام الديني المتطرف في إيران و الذي کان عن طريق بعض من النواب الکورد داخل مجلس الشورى الايراني، لکن من دون أن يکون تکليف هؤلاء النواب بطريقة او صورة رسمية وانما کان بطريقة و اسلوب إيحائي و غير مباشر يخبئ خلفه الکثير من المقاصد و النوايا السيئة التي قطعا لم يکن حتى اولئك النواب على علم و دراية تامة بها، ولم يکن قاسملو يعلم بأنه يسير بقدميه نحو فخ منصوب له، وان کان هذا الفخ مکشوفا بالنسبة للعديد من أطراف المعارضة الايرانية و خصوصا بالنسبة المجلس الوطني للمقاومة الايرانية و الذي کان حزب قاسملو عضوا فيه، وفي الوقت الذي کان قاسلو مستمر في إتصالاته مع النظام عبر قنوات محددة، کان في نفس الوقت يسعى أيضا للإحتفاظ بعضويته في هذا المجلس و الاحتفاظ بالمزايا المکتسبة من وراء ذلك، غير ان المجلس الوطني للمقاومة و بعد أن قام بواجبه بإسداء النصيحة و المشورة اللازمة لقاسملو و تحذيره من مغبة الاتصال بهکذا نظام دموي متطرف استبدادي لايمکن لأحد أن يؤمن جانبه، لم يحبذ أن يرى أحد أعضائه يمارس خرقا فاضحا للمادة الاولى من النظام الداخلي للمجلس و الذيquot;يحظر التفاوض مع نظام الخمينيquot;، إلا ان المثير و الملفت للنظر، أن الدکتور قاسملو وبعد کل النصح و وجهات النظر المقدمة إليه من جانب المجلس الوطني للمقاومة، إلا انه و لکي يقطع مفاوضاته مع النظام الايراني، منح المجلس فترة ستة أشهر لإسقاط النظام، وهو کما يبدو شرط تعجيزي بعيد جدا عن الواقع، وفي نهاية المطاف، وبعد أن تقطعت الاسباب و السبل بالمجلس الوطني للمقاومة وبعد محادثات دامت لأکثر من ستة أشهر مع قيادة الحزب ولم تسفر عن أية نتيجة تذکر، لم يجدوا مناصا من طرد الحزب الديمقراطي الکوردستاني في إيران من عضويته.
واستمر قاسملو في مشواره التفاوضي مع النظام الايراني ولم تثنيه حالة الانشقاق التي حلت بحزبه بعد مؤتمره الذي عقده عام 1988، وحاول خلاله فرض قائمة محددة باسماء معينة للمکتب السياسي من اولئك الذين کانوا يؤيدون خيار التفاوض مع النظام، ويومها إنشق 15 عضوا من قيادة الحزب و اسسوا بقيادة جليل کاداني الحزب الديمقراطي الکوردستاني القيادة الثورية، لکن الدکتور قاسملو الذي وقف بوجه کل ناصحيه و محذريه من مغبة الرکون للنظام الديني المتطرف في طهران، وبعد أن نجح النظام و باسلوب ماکر و خبيث من استدارجه الى مائدة مفاوضاتquot;مشبوهةquot; في فينا عاصمة النمسا في 13/تموز يوليو/1989، حيث تم إغتياله هناك مع أثنين من رفاقه من قبل عناصر من المخابرات الايرانية و بأمر و توجيه من رئيس الجمهورية آنذاك هاشمي رفسنجاني، فقط في تلك اللحظة إنتبهت و تيقظت کل التيارات و الوجوه الايرانية المعارضة للنظام الايراني الدکتاتوري الى حقيقة أنه لايمکن الاطمئنان مطلقا الى هذا النظام و الاعتماد عليه في مسألة إجراء أي حوار او تفاوض سياسي معه من أجل نيل حقوق او إحداث ثمة تغييرات في البنية الاساسية للنظام، لقد علم الجميع و بعد أن شهدوا بأم أعينهم جريمة إغتيال سياسي في وضح النهار وقد قالت التقارير حينها بتورط الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد في تلك العملية، وبسبب من العلاقات الاقتصادية و السياسية المتينة التي کانت تربط بعضا من دول أوربا الغربية(والنمسا و المانيا في مقدمتها)، فقد تمت لفلفة القضية و التمويه عليها بشکل او بآخر، لکن من المواضح جدا أنها قضية قابلة للإثارة من جديد وهو أمر وارد في أية لحظة، وللموضوع صلة.
- آخر تحديث :
التعليقات