ما أقسى وما أفظع أن تنتحر وأنت على خطوة واحدة فقط للقاء الأم، ما أبشع وما أهول أن تنتحر وأنت على بعد خطوة واحدة كي تحتضنك أمك. تصور ياصديقي، يا أعز بني البشر، شعور أمك وهي تشاهد ك وأنت تنتحر، وأنت على بعد خطوة واحدة من أحضانها، خطوة واحدة وتكون في أحضانها، تصور يا حبيبي، يا أجمل بني البشر، كم ستكون أمك سعيدة، حبورة، مغتبطة وهي تمتلكك، وتشم رائحتك التي فقدتها منذ سنين.
بل ما أجرح وأهشم لأحساس أمك وهي تشاهدك بأم عينيها وأنت تقتل غدراُ وعمداُ أخاك الصغير وهو لايسخى بك، وهو يستعطفك، ويستغيث بأقدس ما ملكت إيمانكما، ألا تنحره أمام عيون والدته، ألا تمثل، ألا تنكل بجسده أمام ناظري والدته. بل ما أبغض وما أمقت، أن يتوسل إليك أخاك، أمام والديتكما، ألا تطعنه الآن، ألا تعدمه الآن، ويناشدك من أعمق معاني الأخوة وألأمومة أن تتريث ملياُ قليلاُ، كي يشبع هو ناظريه من والدته، كي يرتوي غليله، ولو لبرهة، من حنان والدته، كي يزدرد رضابه، لفسحة من الزمن الهارب، لئلا يموت وهو ظمآن، لئلا يموت وهو يحترق شوقاُ إلى والدته. بل ما أشجن وما أكثر إيلاماُ من أن يستجديك أخوك نقطة من الزمن الضائع كي يضمك إلى صدره، كي يملأ رئتيه من وشائج الماضي السعيد، قبل أن تطلق عليه الرصاصة، قبل أن ترديه قتيلاُ، قبل أن تصرعه كما لو إن الماضي لم يكن، كما لو شيئاُ لم يكن بينكما، كما لو إن الشمس لم تضمكما معا أبداُ، ولا القمر، ولا الليل، ولا النهار، ولا الخوف من الذئاب في البراري والوديان.
أفلا تتذكر يا صديقي، يا أغلى مني على نفسي، كم مرة أنقذك أخوك الصغير من البرد، وأعارك ثوبه كيلا يقشعر بدنك من فظاعته، كيلا تصطك أسنانك من هوله، كيلا ترتعد فرائصك وأوصالك من شدته، كي تنام أنت قرير العين، سكين النفس والروح والجسد، وهو يتلوى من جسامة البرد. أفلا تتذكر يا أبن أبي وأمي، يا أخي في الرضاعة، يا رفيقي في الصبا و الطفولة، يا أحلى ذكرى في حياتي، كم أطعمك أخاك الصغير بكلتي يديه، بكل فؤاده وجنائنه، كي تشبع وتسترخي، وترقد بسلام، وتستهيم كما تشاء، حيثما تشاء، آن تشاء، وهو يتضور جوعاُ، وتستبيح عروقه وشرايينه براثن الوجع والألم. أفلا تتذكر يا صديقي، يا معنى حياتي، يا شغف قلبي، يا أروع عشق ما زلت أعيشه، كم هتف اخاك الصغير بأسمك، كم تشهى أن تسمو، وتشامخ السماء، كم أغتبط كلما رآك وأنت تحبو وتكبر، وتصارع الأمواج. وتذكر يا أيامي المباركة، يا مستقبلي الواعد، يا صوت الطبيعة في سيمائي، يا لحن الخلود في مشاعري، أنكم، أنتم الثلاثة، أنت وأمك وأخاك من أقدس مقدسات الكون والخليقة، أنتم الثلاثة وحدة في هودج الوجود، أنتم ثلاثة في واحد، أنتم الشمس وأشعتها وحرارتها، أنتم، أنت وهي وهو، إن مات أحدكم ndash; لاسمح الله ndash; مات الجميع، مات الكل، فلا تقتل أخاك الصغير، كيلا تموت أنت، فلا تقتل أخاك الصغير كي تبقى الشمس مضيئة، كي نركض كلنا من جديد، من إنبلاج فجر جديد، في السهول والوديان كالأطفال، كالرضع، كاليتامى، ونرتع كما يرتع الخرفان، فأرجوكم، بل أتوسل إليكم، لاتذبحوا هذا المشهد، لاتمزقوا بكارة الوجدان، لاتسترخصوا دماء الأطفال، لاتبيعوا دماء الطفل الشهيد ndash; حمزة الخطيب -، ولاتقتلوا أخاكم الصغير غدرا وأنتم تعمهون.
( نتيجة تلبية الأحزاب الكردية لدعوة رئيس الجمهورية السورية، فاقد الشرعية والمشروعية، ومصيره إلى محكمة الجنايات الدولية، للقاء معه، وثلاثة نصائح لوجه الله، الأولى: عليك أن تصطف دائماُ وأبداُ مع الحق وهو الرابح، فإن لم تستطع ( الثانية ) فأنسحب من جهة الطرف الخاسر وهو الظالم، فإن باءت المحاولتان بالفشل ( الثالثة ) فلا تعادي احداُ أبداُ..
[email protected]
التعليقات