سنبرز من خلال الروايات الحديثية تداعيات الخطيئة، من خلال نماذج من أحاديث نبوية، وكذا انعكاساتها على البناء الثقافي، والبنية التصورية التي تقوم على دونية المرأة، وأفضلية الرجل.
قال الرسول عليه الصلاة والسلام (لولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر) رواه مسلم ح 5/1470 فهذا الحديث يثبت أن الخيانة في النساء هي شيء طبيعي، وذلك موروث غريزي من خلال الأم الأولى حواء والمفروض حسب الحديث أن لا تلام أية أنثى على فعل الخيانة؛ لأن ذلك هو من طبعها الذي جبلت عليه.
والسؤال المطروح ما هي خيانة حواء؟
والجواب التقليدي هو أنها زينت لآدم وشجعته على الأكل من الشجرة التي نهى الله عن الأكل منها وفي ذلك مناقضة بينة-مع النص القرآني.
أتى رسول الله النساء فوعظهن وذكرهن فقال(تصدقن فان أكثركن حطب جهنم) 1467.
رأيت النار فلم أرى كاليوم منظرا قط ورأيت أكثر أهلها النساء م3 د 9/907- البخاري 1052- ما تركت بعدي في الناس فتنة أضر على الرجال من النساء مسلم ح 9 2740/5096.
تعليق: والمفهوم من هذه النصوص هو غياب العنصر الذكوري من النار إلى الحد الأدنى؛ أي هم القلة في النار ووجود الذكور في الجنة إلى الحد الأعلى؛ أي هم الأكثرية، فالجنة للذكور، والنار للنساء والأحاديث تدين النساء بشدة وكأن صفتي الصلاح والتقى لازمتين لجنس الذكور والذين يمثلون الطهر والطهارة والنساء يمثلن النجاسة؟
عن عبد الله بن عمر قال سمعت النبي يقول: (إنما الشؤم في ثلاث: في الفرس والمرأة والدار) 2858
تعليق: من المعلوم أن الإسلام حارب فكرة التشاؤم والتطير وذلك لأنها أفكار انهزامية، لا تمت إلى الحقيقة بأي شيء وهي أفكار جاهلية بالية.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): ( استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء) البخاري.
يتبين لنا أن حواء خلقت من ضلع آدم عليه السلام، وأنها جاءت عوجا في عواطفها ومشاعرها تحاكي في ذلك صفات الضلع الأعوج الذي خلقت منه. كما أن الحديث يحمل تصورا يتمثل في أن المرأة تابع للذكر، وهذا قدرها لأنها جزء منه وضلع من أضلاعه ومتاع من متاعه خلقت له، هي معوجة جبلة وقدرا، وعليه أن يصير على اعوجاجها القدري يستمتع بها كما هي. ومن خلال ما سبق عرضه روايات حديثية منسوبة إلى الرسول (ص) وورودها في كتب الصحاح، فإنه لا يستبعد أن تكون أحاديث معاكسة لها.
أردنا أن نسوق نماذج من أحاديث تتضمن منظورا خاطئا حول المرأة: انطلاقا من الروايات الحديثية التي بين أيدينا والمتناقضة مع البيان القرآني بشأن المرأة. يبدو أنها ترتبط بسياق تاريخي وثقافي معين كانت فيه المرأة في وضعية مزرية ولا تزال هذه الوضعية ماثلة في واقعنا الحالي تظهر في التعامل والسلوك مع جنس الأنثى، وقد انعكس ذلك على الفكر والخطاب المعاصر حول المرأة، وهذا ما لاحظته الدكتورة أميمة أبو بكر حيث تقول: فلا يبدأ أي كتاب منذ القرن العشرين حول المرأة بدون هذه المقدمة التقليدية حول (الطبيعة الفطرية والنفسية الخاصة) للمرأة الناتجة عن الوظائف البيولوجية فالمنطق المتبع عادة في مثل هذه الأطروحات أن الحمل والولادة والرضاعة تفرض سمتين تنفرد بهما عن الرجل ألا وهما:
1-العاطفة الزائدة المفرطة التي تمنع أو تحد من إعمال العقل ويخلق هذا المنطق تناقضا أيضا يقع في خطاب quot;المرأة في الإسلامquot; في الوقت الراهن، عندما يتم التأكيد نظريا على حقها في التعليم والمعرفة ... مع الاحتفاظ بالرأي السائد أنها ذات طبيعة فطرية تابتة متأصلة لا تتغير. فما فائدة التعليم إذن إذا كان خصائص عدم العقلانية والعاطفة من سماتها مهما اكتسبت من تعليم وعلم؟
2-وهي أن ناموس الكون يقضي بذلك أن القوي يحكم الضعيف وبما أن الرجل و المرأة ليسا متساويين في القوة في هذا الوجود فسيطرة الرجل على المرأة وخضوعها لهذه السيادة هو قانون من قوانين الطبيعة.
إن هذه الأفكار، لا تزال نمطية تشكل منظومة ثقافية، يعتقد فيها في مجتمعاتنا العربية في أن الفطرة وحدها هي التي تحدد أعمال المرأة وليس أي ظروف أخرى تتعلق بالمؤهلات أو التعليم أو الثقافة أو الشريعة الاجتماعية ... وأشياء أخرى كثيرة.
دونية المرأة في الثقافة العربية
مازالت المرأة العربية حتى اليوم تواجه الكثير من ركام المفاهيم الخاطئة والسلبية في ذهن الرجل، والتي توارثها الرجال جيلا بعد جيل والتي منها:
quot;المرأة شر لابد منه، لايفلح قوم أسندوا أمرهم لامرأة، جنبوهن الكتابة، ما تولت إمرأة أرضا إلا خربتها، إذا أراد الله سوء بقوم جعل أمرهم إلى إمرأة، إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم، اطلعت في النار فوجدت أكثر أهلها من النساء، النساء عي وعورة، فداووا العي بالسكوت والعورة بالبيوت، النساء حبائل الشيطان، شر أخلاق الرجال الجبن والبخل، وهما خير أخلاق النساء، المرأة لاتحمد حتى تموت، تعاهدوا نسائكم بالسب، وعاودهن بالضرب، لاتطيعوا النساء على مال ولا تأمنوهن على مال ولاتذروهن يديرن العيال، إنما أموالكم أولادكم فتنة، خلقت المرأة من ضلع معوج، إنه لا يرجى الرأي والعقل عند من يروح على أنثى ويغدو على طفل، هي أصل النزاعات والخطايا، الزيادة الشديدة للنساء إحدى علامات الساعة، هي رمز النجاسة، النساء هن غالبية أهل الجحيم، أما في الجنة فهن الجانب الأساسي من الملذات التي بشر بها الصالحون، لا تدع أم صبيك تضربه فإنه أعقل منها وإن كانت أسن منه,quot; وقد وردت هذه العبارة الأخيرة في كتاب البيان والتبيين للجاحظ، وقد يتساءل القارىء هل قال الجاحظ هذا الكلام من باب الجد أم الهزل؟ ويتضح من ظاهر متن هذا القول أن النساء غير مؤهلات لتربية الصبيان.
من خلال هذا الركام من النصوص التراثية تتبين جذور المعاناة والحيف الذي طال المرأة على مر التاريخ، ولاتزال في كثير من مجتمعاتنا العربية بنات حواء محط احتقار ودونية، وهذه النظرة تعود أصولها الى اعتبارالثقافة الدينية الكتابية أن المرأة مصدر الشر، وسبب خروج البشر من الجنة، وهي مخالفة صريحة للبيان القرآني الانساني. /انتهى