يتداول السعوديون في مجالسهم المختلفة، أحاديث المجتمع المعتادة حول مختلف المستجدات على الساحة السياسية والإجتماعية والإقتصادية وغيرها. ويشتد أحياناً النقاش حينما تختلف التوجهات الفكرية والآراء المتفاوتة بينما يتناوبون في الدعوة إلى تغليب رأي سيّد المجلس منهم ويقفون عنده.


شدّني في إحدى تلك المجالس حديث أحدهم من الإسلاميين المتشددين عن جامعة quot;يوسفquot; التي تضم الكثير ممن يهتم لأمرهم وينافح من أجل قضاياهم وكأنه لا يمكنهم الحديث عن أحوالهم أو التعبير بما يريدون بينما هم ذوي علم ومعرفة على حد تعبيره.


سألته عن هذه الجامعة التي أسمع عنها للمرة الأولى فأجابني بقوله: quot;جامعة يوسف يعني الإصلاحية التي يقبعون فيها نسبة إلى نبي الله يوسف عليه السلام، حيث أُدخل السجن بذنب لم يقترفه و....إلخquot;. تركت له الحديث حتى أدرك أنه وطلاب جامعة quot;يوسفquot; على حق بحسب تعبيره.


سألته عن القاسم المشترك بين القصتين فذكر لي أن الظلم هو سيّد الموقف، بينما استطرد يؤكد أن بعضهم ظُلموا ولم يقترفون ذنباً أو خطيئة حتى أنهم يعاملون معاملة الإرهابيين، والإرهاب هو مصطلح دعا له الله في كتابه.. وبدأ يتناول الآية القرآنية: quot;واعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكمquot;. الآية.. لتخدم قضيته وطلاب جامعة quot;يوسفquot; على حد تعبيره.


ناقشنا معاً التفسير القرآني للآية وأن المقصد فيها لم يكن قتل الأبرياء من المسلمين الآمنين أو التغرير بأبناء البلد الناشئين والزج بهم في معاول الهدم والتدمير أو التعاون مع خلايا الإرهاب والمنتمين لها بداعي الوقوف إلى جانب الحق المزعوم وبالتالي الخروج عن طاعة الخالق بعصيان ولاة الأمر والخروج على منهجهم المُعلن الذي يعرفه أبناء الوطن وبايع عليه القاصي والداني منذ عقود من الزمن.


ذكرته بما آل إليه بعض الذين ينافح من أجلهم من المُفرج عنهم حينما خرجوا معاهدين على السمع والطاعة بينما حاولوا التسلل إلى خارج البلاد مؤخراً وباغتوا رجال الأمن في مركز حرس الحدود فقتلوا رجلي أمن وهمّوا بالتسلل عبر الحدود السعودية - اليمنية.. وهو الآن ينادي بالإفراج عنهم كونهم ظُلموا على حد قوله.


دعوته في آخر المطاف إلى مبدأ الوسطية والإعتدال ولكنه آثر إلا أن ينهي الحوار وكأن الوسطية والإعتدال تعني الخروج عن الملّة والنزوح خارج الهاجس الأكبر بظنه وهو quot;الإرهابquot; في سبيل الدعوة إلى الحق وإظهاره.


ذلك يقودني للحديث عن هذا الرجل وفكره الذي يعتنقه البعض حولنا فهم جزء من مجتمع بيننا يتعايشون معنا، ونتبادل السلام والتحايا العظام، ونتجاذب أطراف الحديث معهم، إلا أنهم احيناً يزايدون بإسم الدين وكأنهم هم الذين وضعوا أركانه وحددوا منهجه ونحن نغرّد بعيداً عن أهواءهم وأفكارهم التي ابتكرها بعض قادتهم في زمن مضى، وهم الآن رواد الفضائيات العربية ومواقع التواصل الإجتماعية ك(تويتر) في حين يتبعهم ملايين البشر ظناً منهم أنهم على حق وطلابهم يقبعون الآن في جامعة quot;يوسفquot; غير مأسوفاً عليهم.


* كاتب سعودي

[email protected]