بقراءة بسيطة أو معمقة للمواطن السوري، لما قاله نائب رئيس الجمهورية السيد فاروق الشرع بصدد الازمة السورية، والاقتتال الجاري ما بين قوى المعارضة والنظام السوري، ورؤية ايجابية لوجود الحل يعطي انطباع نسبي باقتراب النهاية، وبصيص أمل للشعوب السورية، هذا من طرف، أن هناك اتفاق سوري داخلي، واقليمي، ودولي لتسوية المآسي التي لحقت واصابت الشعوب السورية بجميع مكوناتها، والدولة السورية بكيانها وحضارتها وتاريخها...

ومن طرف أخر، وبرؤية واقعية أكثر قليلاً للأحداث، تبدوا المبادرة وكأنها تخفي بين سطورها، نقاط غامضة وملغومة من سياسي محنك، ذو خلفية سياسية معروفة ورقم صعب في المسرح السياسي السوري، قضى حياته في أروقتها، يتعلم ويعلم حياكة السياسة.. تصريحات هذا السياسي الكهل، يحاول الارسال عن طريقها، كما قرأتها، رسالة لمن يقرأ ما بين الأسطر، وإنذار ببداية حرب جديدة بسلاح جديد وطرق تختلف عن ما سبقتها، وخلط لأوراق دول مجاورة وأخرى اقليمية ودولية، كانت تعول على انهيار النظام السوري وسقوطه منذ بداية الأزمة، ووضع هذه الدول مباشرة في خضم الحرب الجارية في سوريا، ونقل الصراع إليها بشكل من الأشكال، على الأقل كما قرأتها أنا في أقواله وتخوفاته، وتعتبر وجهة نظر فردية، إلا إذا كان هناك أحد القراء أو المتابعين للوضع السوري يشاركني هذا الرأي..

هل ستكون مبادرة الشرع نقطة التحول المفصلية في الصراع السوري؟..
أم هو إنذار للمعارضة السياسية من بداية حرب من نوع جديد سيشّن ضد المعارضة العسكرية في الداخل السوري واتساع الدائرة لتشمل ما هو ابعد من الحدود السورية، وتنبيه للقوى الإقليمية والدولية أن هذه الخطوة، quot; هي الأخيرة quot;، فإما العمل على التسوية، أو الذهاب إلى حرب فرضت وستفرض على سوريا والسوريين، والمنطقة بكاملها..

إن الوضع الحالي، بوصول القتال إلى دمشق، وإلى مناطق معينة في العاصمة، لا يطمئن المواطن السوري، ولا المتابع لهذه القضية، ممن يريد الخير لسوريا، وحتى لمن يريد تدميرها، واتساع دائرة الحرب الداخلية، لتشمل دمشق، ستزيد من الأمور تعقيداً ودماراً وقتلاً، وهي ليست إلا اعادة لما جرى في حلب دون نتيجة، غير الدمار والقتل وسيلان الدماء التي شقت شوارع مدينتي..
ومن زاوية اخرى، بدء حرب دمشق من مناطق تواجد إخواننا الفلسطينيين، هي محاولة لخلط الاوراق، وجر هذه الفئة المتجانسة والمندمجة مع الشعوب السورية إلى حرب فلسطينية سورية، ذخيرتها سياسية فاسدة وقذرة، وضحيتها الفلسطينيين والسوريين..

لذلك أرجوا من الأخوة الفلسطينيين العقلاء عدم الانجرار إلى ما قد رتب من طرف ما، لإقحامهم في هذا الصراع الجاري، لتصعيد الوضع، على غرار ما حصل في بيروت إبان الحرب الأهلية، وإنهاء اللحمة السورية الفلسطينية، وهذا ما يسعون إليه، وعدم الانحياز لأي طرف من أطراف النزاع، وأتمنى أن يحافظوا على مناطقهم من الداخل، وعدم الخروج للقتال خارجها، مع الحفاظ على حقهم بحماية أنفسهم من أي هجوم محتمل ضدهم، وضد إخوانهم السوريين في هذه المناطق..

عودة للمبادرة، والتسوية التي سميت بالتاريخية، المطروحة اليوم من قبل نائب رئيس الجمهورية، فالحوار غير ممكن لأطراف معينة من المعارضة، مع النظام، وترفضه رفضاً باتاً، وليست هناك تسوية مع هذا النظام، كما قالت المعارضة.. إذاً، الأطراف كلها تفضل الحل العسكري.. وليس هناك حسم لأي طرف كما صرح الشرع، وكما يراه السوريون اليوم، أما المعارضة تؤمن بأن هناك حسم، وهذه هي الأيام الأخيرة لهذا النظام؟.. ولكن، متى؟.. وكيف؟.. ومن الضحية إن استمر الوضع هكذا؟..
وهل تملك المعارضة اليوم مبادرة أخرى، أو حلاً آخر، غير الحل العسكري؟..

مع الأسف أن الأمور في سوريا لا تبدوا في افضل حالاتها اليوم، ولكن التخوف مما هو قادم، وما يخطط في الخفاء، على الأقل، على الشعب السوري في الداخل..
quot; إن المخفي أعظم quot;
والخوف من تدمير سوريا بالكامل، إلا إذا كانت اطراف النزاع تريدها هكذا..

بروكسل..
[email protected]