يتفادى العديد من الإعلاميين المشهورين، الدخول في أهم وجه للخلاف ما بين الأنظمة المنتخبة ديمقراطيا بعد ما أسموه بالربيع العربي. وبين المعارضة.. الأسباب عديدة أهمها أن يتزايد رصيدهم من الشهرة الشعبية.. حتى وإن جاءت على حساب مصلحة الإنسان البسيط.. ثم الخوف من التعرض لتحليل هذا الخلاف.. وما يتبع ذلك من تخوين وتكفير.. خاصة وفي تحليل حجرة العثرة الكبيرة فية وهي مواد الدساتير العربية..
في مجتمعات عربية تسود فيها شرائح طبقة الكادحين والمعدومين.. الذين أهملتهم النظم الإستبدادية السابقة.. وإستثمرت فيهم الأحزاب الإسلامية بتأمين الحد الأدني من الحاجات الصحية وسد جوعهم.. وفجأة خرجت هذه الجموع من بين أنقاضها، التي لم يكن يتوقع كثرة تعدادها الفريق الآخر.. وبالتأكيد أوصلت هذه الجموع الأحزاب المتأسلمة للسلطة..
وتشبثت هذه الأحزاب بالسلطة.. وأيدتها الجموع الشعبية الغفيرة عرفانا لما قدمته لها من خدمات.. وأيضا لأنها مثلت في نظرهم ضحية إستبداد الأنظمة السابقة..
القاسم المشترك الأعظم بين هذه الأحزاب المتأسلمة التي وصلت للسلطة في تونس، ومصر وليبيا.. وربما سوريا قريبا.. أنها rsquo;تصر على أن :

quot;الإسلام دين الدولة quot;..
فإذا بدأنا بان الإسلام دين الدولة.. وإعترفنا بأن معتنقي الديانه الإسلامية فعلا هم الأغلبية.. وهو ما يذكرني بحديثي مع إنسانة عزيزة. حين أجابتني.. ما دمنا الأغلبية فمن حقنا الحكم ووضع دساتيرنا بما يتناسب مع رغباتنا.. ومن لا يعجبه ذلك فهو حر... بمعنى أن المواطن الآخر الذي rsquo;عدم من حقة في المواطنه بإستطاعته الهجرة إن لم يعجبة نظامنا حيث أننا الأغلبية. ونسيت بأن أهم ركائز الديمقراطية هي المساواة بين الجميع.. وليس معنى الأغلبية ان تجور على الأقلية..

إضافة إلى أننا وإن سلمنا بأن الإسلام دين الدولة.. ونحن نعرف بان الإسلام يعترف فقط باليهودية والمسيحية.. ترى ماذا سنفعل بالمواطنين من الأديان الأخرى الموجودة بيننا والتي لها كامل الحق في الواطنة والمساواة..

أي إسلام هذه الذي سنعمل به.. الإسلام السني.. أم الإسلام الشيعي.. بعدها نواجه معضلة أخرى فأي فقه في الإسلام ستتبع هذه الدولة الإسلامية.. فقة الشافعي. أم الحنبلي. أم المالكي.. أم ماذا ؟؟

quot;مبادىء الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريعquot;
إذا كانت المبادىء هي المصدر.. فسنكون منافقين إن لم نطبق هذه المبادىء.. والتي منها قانون العقوبات الحدية أو ما rsquo;يعرف بالحدود ؟؟؟
فالمسئولية هنا تقتضي تفسير معنى هذا التطبيق بالأخص للشريحة الفقيرة التي صوتت لهذه الجماعات... لأن أبناؤها هم من يضطرون للقيام بسرقات صغيرة لسد جوعهم. سيقولون بأن عمر بن الخطاب امر بعدم العمل بهذا الحد في عام المجاعة.. ولكن عمر بن الخطاب هو نفسه الذي أقر بتمييز الذمي عن المسلم...
ثم ماذا سنفعل بالمرأة الخاطئة.. هل سنعود للعمل بالرجم. وهو أبشع العقوبات البربرية ؟؟؟
هل سنبقي العمل بقتل الشرف ؟؟؟

إذا كانت الشريعة هي المصدر للتشريع القضائي...
لنفترض بأن خلافا على مصالح مالية إشتعل بين مسلم ومسيحي. على قطعة أرض مثلا.. فالشريعة لا تقر بمساواة المسلم مع المسيحي. والشريعة تؤكد أيضا على quot;أن ينزلوا عن ركائبهم إذا مروا بالمسلمين.. فهل سنستعمل quot;القياس quot; لإجبار المسيحي على التخلي عن قطعة أرضة أو مصلحته المادية للمسلم.. أي قضاء هذا الذي لا يقوم على العدل ليرسخ للعدالة الإجتماعية ؟؟؟

إن الإحتكام لأي من هذه المحاكم التي تصطبغ بصبغة دينية.. تقتل الديمقراطية في الصميم.. لأنها تؤكد عدم المساواة بين المواطنين.. وتلغي حيادية الدولة..

ثم تعود كل هذه الأحزاب للإصرار على أن هذه إرادة الله في تشريعه.. وتعترف بأن الله واحد في اليهودية والمسيحية والإسلام.. فإذا كان الله واحدا لماذا إختلفت تشريعاته بين هذه الديانات الثلاث ؟؟ وأي من أحكامه ستطبقها هذه الأحزاب.. الأحكام التشريعية اليهودية ؟؟ أم الأحكام في المسيحية ؟؟ ولماذا نرفض الأحكام البوذية إذن..

سيدي القارىء.. وبعد أن تنتهي من تكفيري ولعني وإنزال كل شتائمك عليّ.. أرجوك تكملة المقال..
نعم، أنا أقر بأن لا تلاقي بين الدين والدولة وأنه حماية للدين يجب فصله نهائيا عن السياسه. لضمان سيادة الدولة وليس سيادة الدين الذي يبقى سياديا في الضمير الفردي..الإلتزام بالشريعة.. إلتزام شخصي.. وفردي وعلاقة خاصة بين ضمير الإنسان والله.. وحماية له يجب عدم إخضاعه لمتغيرات المصالح السياسية.. فالسياسة تخضع للمتغيرات العصرية.. بينما الدين يجب ان لا يخضع إلا للضمير الشخصي والأخلاقي،ويبقي حرية فردية خاصة ما بين الإنسان والله.. وهناك الكثير من ألأمثلة الحياتية التي لا تتلاقي فيها المصالح الشخصية مع الضمير الأخلاقي في كثير من الأحيان...
الدساتير العربية.. يجب أن تتضمن الكثير من الإنسانيات العصرية.. وعليها بالأخذ من المواثيق العالمية لحقوق الإنسان والمرأة.. لأنسنة الإنسان العربي وربطه بالعصر الذي يعيش فيه.. العصر الذي ربط العالم كله بشاشات فضيه لا تخفى عليها خافية...وحماية لحرية التفكير والتعبير لا تتوانى عن وضع كل صغيرة وكبيرة قيد البحث والشك والنقد..كاسرة بذلك كل القيود.. وكل المسلمات... في عالم مفتوح الآفاق يقوم على العلم والمعرفة.. ولا يقوم على الأسطورة !!!

أحلام أكرم ndash; منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية