تمثل الذكرى الحادية و الأربعون لإستقلال دولة قطر عام 1971 الذي تم بتاريخ الثالث من سبتمبر/ أيلول من ذلك العام مناسبة إستثنائية ومهمة في السجل التاريخي الحديث والحافل لهذه الدولة العربية الخليجية التي إستطاعت بجهد قيادتها الوطنية ممثلة في سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والرجال الذين من حوله أن تتبوأ مكانة إقليمية ودولية و إعتبارية مهمة في عالمنا المعاصر، وهي مكانة ومنزلة تجاوزت بكثير حدود الدولة الجغرافية أو كثافتها السكانية وبما يؤكد بأن الفعل الكبير و الإنجاز الأكبر يقف خلفه رجال كبار في عزيمتهم أشداء في تحديهم و إصرارهم على تكريس النجاح و إظهار المعدن الحقيقي للإنسان العربي وقطر بقيادتها المنحدرة من بني تميم تمثل رمزا عربيا شاخصا لا جدال في أصالته و تميزه، ولرب سائل يسأل عن طبيعة الإحتفال القطري بالعيد الوطني في الثامن عشر من ديسمبر / كانون أول من كل عام بينما الإستقلال عن بريطانيا كان في 3 سبتمبر 1971؟ و الواقع إن الفرق بين التاريخين يتمثل في كون التاريخ الأول أي 18/12 هو تاريخ رمزي و تاريخي لتولي مؤسس دولة قطر الحديثة المغفور له الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني الحكم في ذلك التاريخ من عام 1878، وبصرف النظر عن التوقيتات و الدلالات الرمزية فإن لدولة قطر اليوم كما أسلفنا وجودا مؤسساتيا وعمليا فاعلا على المستويات الإقتصادية و الدبلوماسية وحتى الرياضية في العالم أجمع و أستطاعت منذ تسلم الشيخ حمد بن خليفة السلطة في 27 يونيو/ حزيران عام 1995 من أن تقتحم كل مجالات العمل الدبلوماسي و الإقتصادي و ان تخطو خطوات تطورية هائلة ومدهشة في سرعتها و تراتيبيتها و إنطلاقتها و بشكل أثار الأعجاب والحسد و البغضاء أيضا بل و التوجس من أطراف عديدة، قطر اليوم و تحت ظل السياسة المخطط لها جيدا و بكفاءة رجل الدولة و التي يرسم معالمها الأمير شخصيا و يصوغ قلادتها رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشاب الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ليست هي قطر الماضي البعيد المنكفأة على ذاتها الباحثة عن وجودها المعزولة نسبيا عن العالم، بل أن سياستها و دبلوماسيتها ذات الصدمات الكهربائية العالية قد نقلتها لآفاق السياسة الدولية بكل إقتدار و تميز وسياسة الإقتحام المخطط لها بذكاء و التي تنفذ بجراة جعل من إسم دولة قطر إسم علم شاخص لتجربة سياسية وإقتصادية وإعلامية بلغت ذروة النجاح في عالم تنافسي صعب حجزت فيه قطر لنفسها موقع الصدارة وفي ظل ظروف دولية وإقليمية بالغة الحساسية والدقة والتعقيد، لقد إختارت دولة قطر طريقا صعبا ومحفوفا بالمخاطر وتبنت سياسة ودبلوماسية مختلفة بالمرة عن كل ماهو سائد في المنطقة، وتبنت منهجا هجوميا جديدا قد صدم الجميع للوهلة الأولى ولكنه سرعان ما أثبت نجاعته و تميزه و نجاحه، وطبعا ليس سهلا على الدول الصغيرة أن تخرج من تحت مظلة التصنيفات المسبقة و نظرة الإستصغار من بعض الأطراف، إلا أن دولة قطر و بحكمة قادتها أثبتت إن الصغار هم صغار الإرادة والعزيمة وإن الكبار يكبرون بإرادتهم وطموحهم وسعيهم نحو الأفضل، وقطر قد تجاوزت الكثير مما هو مسموح للدول الصغيرة القيام به لذلك تعرضت ولا زالت تتعرض لهجمات حاقدة ولتجنيات مريضة ولحملات إتهام مجانية عائمة و مبطنة بأساطين هائلة من الحقد والمبالغة ورسم وفبركة السيناريوهات الخيالية لمؤامرات وهمية، ولكن فلسفة الحكم في قطر تتمثل في سيادة حكمة دع الخلق للخالق، ودع الخصوم يفرغون كل مافي جعبتهم من أحقاد سرعان ما تتلاشى ويذهب ريحها و الإنجازات الميدانية هي الشواهد والرد على كل الإتهامات، قطر ليست في حالة تفرغ للرد على الترهات والإتهامات العائمة فلاوقت للقطريين لمتابعة تلك السفاسف، بل أن الوقت كل الوقت للعمل المباشر وإنجاز مشاريع البناء و الإصلاح الكبرى والإستعداد الدائم لبناء الإنسان القطري و توطيد دعائم سياسة تعليمية إنفتاحية شاملة تعيد رسم الخارطة المجتمعية العامة إضافة للإستغلال الأمثل للثروات في مشاريع إستثمارية تحقق مبدأ تنوع مصادر الدخل و ترسم للدولة منهجية البقاء والبناء و الإستمرار دون التخلي عن الواجبات الوطنية والقومية و المشاركة الفاعلة في رسم عالم عربي جديد يكون خاليا من بقايا الإفرازات الفاشية العالقة لمرحلة الحرب الباردة إضافة لتعبيد الطريق لتعاون عربي وإقليمي أشمل و أكثر جدوى ضمن إطار الإنفتاح و الشفافية، في عيد قطر الوطني وعلى أعتاب مرحلة البناء الشامل تتلخص قوة ومتانة التجربة القطرية الحديثة وتتوسع معاني الإستثمار الأفضل للثروات وتترسخ مكانة دولة قطر الصغيرة بين امم الأرض، وهي مكانة متصاعدة رسمتها الإنجازات المتحققة ميدانيا والتي هي الرد على كل الناعقين و الخصوم و الحاسدين، قطر في إنتظار ورشات عمل وطنية كبرى، وقطر تحتاج لصياغة واقع سياسي جديد و مختلف وهي عملية تطورية مستمرة ستتسارع خطاها في طريق التنمية الوطنية الكبرى التي رسم معالمها وصاغ كل مفرداتها أمير البلاد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، في قطر الإنجازات تتحدث عن نفسها وذلك أمر لو تعلمون عظيم... لقد أثبت القطريون بأن للنجاح والتميز بلاد إسمها دولة قطر..! وذلك يكفي ويزيد!

[email protected]