ان بغداد تعيش هذه الايام أزمة خانقة, والرئيس العراقي جلال الطالباني يدرك ان اتفاقية أربيل الذي كان وراء وصوله الى سدة الحكم في بغداد قد يكون وراء اسقاطه ايضا , لكن لاتزال أوراق وعدة أمور متحركة قبل أن ينفض الغبار عن المشهد السياسي النهائي في العراق.

يواجه الرئيس العراقي جلال الطالباني أقوى أزمة منذ توليه الحكم بسبب الخلاف الحاصل مع رئيس اقليم كردستان حول الية تغيير رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي وتهديدات التحالف الشيعي باستقالة الطالباني وفقا لأتفاقية أربيل. فقد دعا المالكي الطالباني الى أن يكون رئيساً للجمهورية وحامياً للدستور والا يتصرف كزعيم حزبي. وقال المالكي ايضا أن quot;التحالف الشيعي الكردي هو مَن أوصل الرئيس جلال الطالباني الى رئاسة الجمهورية.

وفي القمة السياسية الأخيرة في أربيل والتي غابت عنها دولة القانون اجتمع الرئيس العراقي مع الصدر والبرزاني والنجيفي وعلاوي من أجل سحب الثقة ولكن سرعان ما اعلن الطالباني انسحابه واتهم مستشاره السابق فخري كريم واخرون بصياغة مشروع سحب الثقة دون العودة اليه وأدى بالأخير الى فشل أعمال القمة الخماسية.

لا خلاف ان الرئيس الطالباني االذي عاد مؤخرا من احدى المشافي العلاجية بالمانيا قد حاول أن يعيد الفرقاء الى طاولة الحوار وهو بحكم تجربته السياسية الغنية متمسك بوحدة العراق بكل قومياته وطوائفه.
ولكن بعد اتهام مستشاره السابق له بأنه لا يقوم بدوره كحامي للدستور ورسالة نائبه السابق طارق الهاشمي له فالسؤال الذي يطرح نفسه هل يتعرض الرئيس طالباني لضغوط ايرانية بعدما صوت له التحالف الشيعي وبدعم من ايران ورفض من الادارة الامريكية أم هو خائف على نفسه لئلا يواجه نفس المصير الذي واجهه نائبه طارق الهاشمي؟

في كل مرة عندما يتخندق حليفه البرزاني في مواجهة رئيس الوزراء نوري المالكي ، ويشحذون اسنانهم لجولة عراك جديدة، يحاول الرئيس الطالباني اعطاء الدليل تلو الاخر، على انه مؤمن بمستقبل العراق وتعافيه، مؤكدا ان القضية الأساسية فوق كل اعتبار،وهو ينأى بنفسه وبحزبه عن لعبة المغانم والخسائر اذا كانت الخسارة هي القضية الأساسية.

ويبدوا ان الرئيس العراقي يدرك بوضوح تام ان أكراد العراق لا يمكن أن يكونوا جزيرة معزولة عن محيطهم العربي، أو معادية لهذا المحيط، وهم أقوياء بقدر ما ينتمون الى قضايا العرب المصيرية،ويلتحمون معهم في الدفاع عن هذه القضايا، ويفقدون حصانتهم التاريخية والوطنية والقومية، اذا ربطوا مصيرهم أو بعض هذا المصير ببعض الدول الغربية أو المعادية في المنطقة.

في زمن المؤامرات العراقية عرف الرئيس الطالباني طوال حياته السياسية كيف يتعامل مع المتآمرين من الأصدقاء والبعيدين، الا ان المراقبين يعتقدون ان اقصاء السنة والبقاء ضمن التحالف الشيعي الكردي التابع لأيران ستجعل الأمور اكثر سوء له، باعتبار انها ستؤدي الى تقوية التيار السنى المتحالف مع البرزاني والمدعوم من تركيا وفي ظل حديث عن تشكيل جيش العراق الحر في اقليم كردستان.
لا تزال هناك عدة أمور متحركة قبل أن ينفض الغبار عن المشهد السياسي المقبل في العراق، فهل الرئيس الطالباني هو الرقم الخطأ في المعادلة السياسية العراقية؟

كاتب صحافي عراقي
[email protected]