أتفهم، وبحس وطني وسياسي عال، لهفة معظم الدول العربية وجميع الدول الغربية لإسقاط النظام السوري.
لكن، وان كان لا بد ان يسقط هذا النظام بسبب قسوته، وان كان لا بد من ضرب الوجود الإيراني وامتداده الهلالي شمالا، فالتكن وسيلتنا لذلك أخلاقية.
لعل الحروب هي الوسيلة المثلى التي اخترعها الانسان لإخضاع خصمه، فالتكن تلك الحرب اخلاقية إذا، ذلك اني استطيع القول بأن حربنا على سوريا تفتقد لبعدها الاخلاقي.
هل للحرب أخلاق؟
نعم، للحرب أخلاق. يكون ذلك عندما يتساوى الخصمان في القوة.
لكن ما يحدث في سوريا هو صراع بين طرف قوي يمثله النظام، وآخر ضعيف يمثله الشعب. حرب النظام على شعبه ليس اخلاقيا. لكن حربنا نحن عرب وغربيين لهذا النظام هو ايضا غير اخلاقي.
فنحن خصوم للنظام في دمشق، ونريد بأي وسيلة اسقاطه، لكننا نسعى لهذه الغاية من خلال دماء بريئة وضعيفة. تحريضنا لشعب أعزل على الثورة امام جيش مدجج هو أمر غير اخلاقي. لأننا نعلم أن ما سينجم عن مواجهة كهذه مجزرة لا حرية.
إن اردنا ان ننتصر على رجل هو خصم لنا، فلنواجهه هو، لا ان ندفع بأطفال وشيوخ لمحاربته نيابة عنا.
للنظام السوري مصالحه، وللنظام الايراني مصالحه، ولنا مصالحنا. وحتى يحقق كل منا مصالحه عليه ان يكون قويا بجسده وعقله، لا قويا من خلال أبرياء يسقطون امام الشاشات كي نري العالم مدى وحشية خصمنا. نحن بذلك سنكون اكثر وحشية منه.
الغرب هو أعظم مدرسة في الحروب اللا اخلاقية، لأنه يسعى الى المصلحة السياسية، بل والفردية،على حساب أبرياء يعلم يقينا انهم سيموتون بعد ان أغراهم بعذب الوعود. قُتل نصف سكان العراق، تحت شعار الحرية الزائف، من اجل انتقام شخصي. وقتل نصف افغانستان من اجل مجرد اعتقاد. حتى الروس، الذين يدافعون عن سوريا، هم يصمتون على أبرياء يقتلون فيها من اجل رئيس يفوز في الانتخابات.
النظام السوري يشن حربا للدفاع عن اسماء ومصالح شخصية ايضا. وهي حرب لا أخلاقية. لكنها ليست أقل اخلاقية مما يقوم به العالم ضد هذا النظام، ونحن معه. ان الابرياء وحدهم من يدفع الثمن. ومعرفتنا اليقينية بذلك هي الخط الفاصل بين أمننا وأخلاقنا.
قد يسأل احدهم: حسن، وكيف يمكن اسقاط نظام ديكتاتوري ان لم تكن ثورة الشعب من يسقطه؟
إن في السؤال جوابه. فالشعوب هي من تسقط انظمتها اللا ديموقراطية. وهذا حق مشروع واخلاقي ايضا. لكن شرط ان تكون مدفوعة بطاقتها الداخلية، وبإيمانها بالحرية، لا بإيمان الآخرين بمصالحهم مستغلين شعارات الحرية التي تحرك الابرياء ثم تفتك بهم.
قال أحدهم يصف ما تكون الحرب: إنها عجائز يتخاصمون، وشباب يموتون.
وهكذا هي الحرب على سوريا اليوم. لكن الموتى ما عادوا شبابا فقط بل شيوخ واطفال لا ذنب لهم، سوى اننا ندفع بهم للوقوف كأبطال وأحرار امام جنازر لا ترحم لنصورهم كضحايا نظام يجب ان يسقط.
أين الاخلاق في ذلك؟
- آخر تحديث :
التعليقات