أول ما سمعت بقرارات الملك عبد الله بالسماح للمرأة السعودية بالمشاركة في انتخابات المجالس البلدية والشورى، حتى وجدتها فرصة نادرة لرد جزء ضئيل من فضل والدتي علي، إذ سأكون أول ناخب لها. وسأجمع لها كل اصوات اصدقائي واصدقائهم.
فقد كانت والدتي اطال الله عمرها اكثر قدرة على معالجة الكثير من المعاملات الحكومية التي فشلت انا فيها، وفشل فيها ثلاثة رجال معي رغم انها تخطت السبعين من عمرها.
كانت لنا معاملة في محكمة مكة المكرمة عن قضية إرث وأرض، استطاعت الوالدة بما لديها من مثابرة وقدرة اقناع، بل وقراءة في قانون المعاملات ان تأتي بنتجية افضل من كل جهد بذلته.
لي عمة لعبت دورا مماثلا في معاملات حكومية تتعلق بزوجها المتوفي. ومع انها تخطت السبعين ايضا فما زالت حتى اللحظة تهتم بشؤون الحي الذي تسكنه في جدة. إذ لديها قائمة بأرقام واسماء المسؤولين عن شؤون النظافة في البلدية. ولم تكن لتتردد لحظة في متابعة أحدهم هاتفيا من الثامنة صباحا وحتى نهاية دوام العمل، بل وبعده ايضا، وتواصل في اليوم التالي والذي يلي الى أن تأتي طواقم نظافة كاملة فتغسل الحي بكامله. ويقيني انها لو شغلت منصب أمين عام بلدية جدة لكانت هذه المدينة الشبه مدينة أنظف مما هي عليه.... بكثير.
لست أقول ذلك مستهزءا او ساخرا، بل أقول صادقا، ان المرأة السعودية، ورغم ما تتعرض له من تهميش وضغوط في مجتمع ذكوري بمطلقه، قد استطاعت ان تحقق ما عجز عنه كثير من هؤلاء الذكور.
تخيلوا لو كان هناك حضر على قيادة الرجل للسيارة في السعودية، فهل كان يجرؤ أي منا على القيادة؟
كانت السعودية تعاني من ارتفاع حوادث المرور. لم يتم علاج المشكلة إلا بعد وضع نظام quot;ساهرquot; للمراقبة. وهو نظام يعتمد على توزيع كميات لا بأس بها من اجهزة الرادار الثابت والمتحرك في كل مكان، حتى في الممر المؤدي الى مطبخ البيت. وقد امتثل الجميع خوفا من هذا الجهاز الصغير. خاف جميع الرجال من مجردة مخالفة مادية. في حين تجرأت اكثر من فتاة وامرأة سعودية على قيادة السيارة رغم ان العقوبة ليست مخالفة سرعة فقط، بل وحبس وجلد.
لقد اثبتت المرأة، في وجهة نظري المتواضعة، أنها اكثر جرأة وتحملا للمسؤولية من كثير من رجالنا.
لست ادعو المرأة السعودية الى التمرد، وإن كان لا ضير في ذلك، لكني أقول ان فرصتها اليوم لن تتكرر في الغد. فليس هناك سوى ملك عبد الله واحد. وقد انتظر المجتمع السعودي كثيرا كي يأتي رجل مثله يدفع بالمرأة لتواصل هي ما بدأه هو.
على المرأة ان تعي حقوقها وتطالب بها، والأهم أن تستغل كل فرصة منحت لها، فقد لا تسنح مثل تلك الفرصة ولا ربعها بعد حين.
[email protected]