لايبدو أن قضية نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ستحسم بتلك السهولة التي کان يرجوها رئيس الوزراء العراقي نوري المالکي، إذ أنها و مع مرور الزمن تزداد صعوبة و تعقيدا و تکاد أن تصبح أزمة سياسية عويصة لايمکن حلها إلا بإتفاق کافة الاطراف.

إستقبال الاقليم الکردي للهاشمي، ساهم بإضافة عامل تعقيد و تأزيم جديد للعلاقات التي تربط بين الاقليم و بغداد، وعلى الرغم من أن رئيس الجمهورية جلال الطالباني کان أول من إحتضن الهاشمي و تطوع للدفاع عنه، لکن و بعد أن قام بجولته الاخيرة التي بدأ بها من قطر و تلك التصريحات التي أدلى بها من هناك، يظهر ان الطالباني بدأ يعد العدة للقيام بمناورة سياسية جديدة و ليس موقف حدي کما قد يفهم البعض، إذ ان الطالباني سعى و يسعى دائما في قضية الهاشمي أن يمسك العصا من الوسط، وعلى مايبدو فإن مناورة الطالباني هذه قد تصب في خانة الإستعداد لتخفيف عامل التأزم و عدم إيصال الامور الى مفترق اللاعودة.

موقف الاقليم الکردي من طارق الهاشمي بقدر ما جوبه بصدود و تنفر من بغداد، فإنه حظي بإستقبال و ترحيب عربي واضح ولاسيما الدول الخليجية على وجه التحديد، وان إستقباله في قطر و السعودية بصفته الرسمية تعتبر من أوجه عدة عدم إعتراف الدول الخليجية بصورة خاصة و الدول العربية بصورة عامة بمزاعم حکومة نوري المالکي ضد الهاشمي، وقد يکون هذا الموقف المتسم بالحزم رسالة ليس للمالکي وحده وانما الى النظام الايراني الذي يسعى من خلف الستارة لمخطط يهدف في نهاية الامر لإعادة توازن القوى في العراق، وهو ماأثار القلق و التوجس لدى العديد من الاطياف العراقية ولاسيما السنة و الاکراد، حيث رأوا فيه محاولة لفرض حالة جديدة من الدکتاتورية المقننة على العراق.

قضية طارق الهاشمي لم تکن منذ البداية مجرد قضية عادية و عابرة وانما کانت قضية کسر عظام و تهشيم جمجمة ان صح التعبير، وقد تبناها المالکي بعد أن إستند على دعم إيراني قوي جدا و صمت أمريکي مشبوه، ولم يکن موقف الاکراد مجرد مناورة عادية بل و موقفا حديا خصوصا وانه ومن الممکن جدا أن يکون قد سبقه شئ من التنسيق مع دول عربية معينة، وان الجولة الحالية للهاشمي تؤکد بأن هذه القضية قد صارت أزمة على مستوى المنطقة و ليس العراق لوحده وان حل و معالجة هکذا أزمة لن تکون عبر قرار محکمة او مجموعة قضاة وانما عبر الاتفاق و التشاور بين کل الاطراف التي باتت تساهم و تشارك في هذه الازمة.

[email protected]