ساذج من كان يتوقع أى نتائج مغايرة لما ظهرت فى الانتخابت المصرية (أو أى انتخابات فى هذه المنطقة ) فتلك شعوب مغلوبة على أمورها مقهورة على مصيرها، شعوب تعتقد بأن نفس المعطيات يمكن أن تفرز نتائج مغايرة لما سبق وجربناه، جربناه فى السودان (بإنتخابات أيضا )وجربناه فى الصومال وفلسطين ولبنان وأصبح واقعا مريرا، ونراه فى مصر وسوريا والعراق وليبيا ومالى ونيجيريا وغيرهم كثيروأصبح قادما حتميا، إنه الانفصال والتقسيم والتشظى وهو المنتج النهائى الحتمى لمعطيات التفرقة والفرز والتعالى والتمييز بين البشر على أسس عنصرية بغيضة، سيناريو يقوده متعصبون ومتطرفون ومدلسون وحولوا شعوب كانت سمات السماحة والسلام محفورة نحت بارز على الوجوه وكانت قيم العدل والمساواه والعيش المشترك نحت غائر فى الضمائر، نعم بدلوا هذه السمات وهذه القيم إلى النقيض حولوها إلى عنف ودم وتعصب وبغض وجهامة وتحولت شعوب كانت وديانها وسهولها تطفح الخير طفحا إلى شعوب تمد يدها إلى الجهات الأربع مستجديه الغلة العطنة التى تعافها الدواب فى بلادها، كما حولوا (بوسائلهم الخبيثة) أعراق عاشت واختلطت وتقاسمت اللقمة معا لقرون طويلة حولوهم الى فرقاء أعداء شهروا السلاح فى وجوه بعضهم، وسقط الالاف ضحايا لالشيئ إلا لإرضاء شهوة التسلط والزعامة المتسربلة بعباءة الدين.

وبعد كل ما جرى ويجرى لازال هناك من يدعى ويصر على أنه يمكن استنباط نتائج مغايرة لنفس المعطيات لكن هذه المرة بأسلوب جديد ومبتكر وهو دسترة وتقنين مظاهر ديمقراطية زائفة وترجمتها إلى قوانين يتم فيها فرض العقائد والثقافات بالقهر بمقولة مراوغة وهى (تطبيق شرع الله ) والله منه براء، فهل شرع الله أن يساق الناس إلى صناديق الاقتراع كالقطعان وهل شرع الله هوالذى ذبح السودان وفتت لبنان وقسم الصومال والعراق وعزل إيران وفتح شهية كل الاعراق فى المنطقة لتقرير مصيرها وسيتم تطبيق نفس السيناريو إن عاجلا أو آجلا. ومن المؤسف أننا فى مصر لاننظر حولنا كى نتعظ من دروس التاريخ، حين تم تأليب أعراق على أعراق بدعاوى باطلة ألبسوها ثياب كهنوتية، وها النتيجة على الساحة بحار من الدماء والتخلف والفقر والبداوة، علاوة على شبح التقسيم الذى يتراقص أمام الجميع.

هذا هو السيناريو الذى يسعى إليه المتطرفون فى مصر، هو نفس سيناريو السودان الذى أسسه الترابى ويقوده البشير، متبادلين الادوار ببراعة (وبانتخابات أيضا)، بهدف واحد وهو الحصول على إمارة بأى ثمن،إمارة يرتدون فيها العمائم ويلوحون بالعصى والسيوف، ويقطعون فيها عراقيب أرجل الجوعى الذين يتجرأون على بساتين أسيادهم فى (بحرى)،إمارة تجلد فيها النساء فى باحات المساجد بتهمة ارتداء البنطلون، ولايهم بعد ذلك أن يتشظى السودان كله جنوبا وغربا وشرقا، أو يذهب إلى الجحيم، ما دام الكل نال مراده، إمارة عمائم فى الشمال للشيخ البشير ومريديه، وولاية قبعات فى الجنوب للخواجة سالفا وتابعيه والبقية آتية لامحاله.

إن من تسبب فى تشظى السودان والعراق ولبنان والصومال وفلسطين، هم أنفسهم الساعين بنفس الاسلوب لتلحق مصر وسوريا بالركب، ركب الخراب والعنف والمخيمات حتى تظل المنطقة قابعة فى مستنقع الفقر والتخلف إلى الأبد، وتحويلها إلى مزرعة إرهاب يتم فيه استجلاب كل العناصر التى تثير القلق فى اوربا وامريكا وتركيزهم فى قلب الامة العربية لتنفيذ مخطط مدروس بعناية وهو تحويل المنطقة لبؤرة ارهاب لخلق الاسباب اللازمة لتعيد اسرائيل احتلال سيناء وتشجيع الاعراق على المطالبة بتقرير المصير ويتدخل الناتو وباقى السيناريو المعروف.

إن شهوة المتطرفون للحكم طغت على كل اعتبار وهاكم النتائج فى مصر انشقت الأمه إلى نصفين نصف يحكم ونصف يتم قهره ولن تظل مرحلة الانفصام قائمة بل سيعقبها مرحلة الانفصال وهى الناتج الحتمى لمعطيات سبق وجربنا نتائجها المؤكدة.

أن مفتاح انهيار أى بلد هو تأليب الاعراق بعضها على بعض، وهو مفتاح سحرى مجرب ومضمون النتائج، وهم لا يعدموا وسيلة فى كل مرة فلديهم الكثير من تلك الوسائل التى سبق واستخدموها وكانت نتائجتها مذهلة، وها رؤوس الكبارى تحتل الفضائيات التى تبث السموم على مدار الساعة لتحريض المصريين بعضهم على بعض، المصريون الذين عاشوا معا الف عام متناغمين متشاركين متعاونين، عرب وقبط وبدو ونوبيين وامازيج وأرمن ويهود، وكانت لوحة رائعة من الفسيفساء تتجلى فيها عظمة الخالق فى أعراق كلهم خلق إلهى مكرم بنوا حضارة سادت على كل أمم الدنيا، أما اليوم فها سحب سوداء تبدو فى الافق أنتجها مجتمع مشقوق، تعليم مشقوق واقتصاد مشقوق وثقافة مشقوقة وإعلام مشقوق والطامة الكبرى قضاء مشقوق، مجتمع سمح لكل صنوف المتطرفين ان يحتلوا أبواقه ويهيمنوا على الشارع ويرهبوا البشر، ويرهبوا كل من يؤمن بوحدة هذا الوطن وحتمية العيش المشترك للجميع على أرضه، نعم حتمية العيش المشترك لأن الجميع ملاك أصليين لا يستطيع كائن أن يشكك فى صكوك ملكيتهم لهذه الارض.أما عن هؤلاء المتهوسين بإمارة يحكمها ملالى الفضائيات، ويعرضون على شاشاتها بث حى لمشاهد الجلد والرجم وتقطيع أطراف الفقراء الجوعى المطحونين، أما عن هؤلاء فقريبا سيفيق المصريون وغيرهم من سباتهم الذى طال ويكتشفون الحقيقة المرة المؤامرة الدنيئة التى تحاك لهم لتقطيع أوصال وطنهم ونرجو ألا يفيقوا بعد فوات الأوان.