سألت نفسي ألف سؤال لأعثر عن دافع واحد عساه يبرر، لو من بعيد، قبول شخصية دولية مخضرمة، معروفة بميلها الايجابي والموضوعي للثورة السورية، مثل الدبلوماسي الاخضر الابراهيمي لمهمة هو يدركها أكثر من غيره إنها فارغة المضمون والمحتوى!

سألت نفسي ياترى كيف يقرأ هذا السياسي الاحداث الاخيرة في لبنان، أفلا يرى إن النظام السوري يصنع شخصيات على مقاسه ووفق مخططه ولتنفيذ أغراضه الخاصة حتى لو أشتعلت لبنان حريقاً في كل مدنه!

ألا يرى هذا الدبلوماسي إن النظام السوري يخطط لإشعال حرب طائفية من خلال زرع متفجرات لدى كافة الطوائف في لبنان، وليزعم فيما بعد إنها من أعمال القاعدة والتنظيمات السلفية!

ألم يسمع ما قاله الدكتور سمير جعجع في هذا اليوم ولقد أصاب كبد الحقيقة quot; اليوم أدرك الشعب اللبناني من هو القاعدة والتنظيمات المسلحة quot;.

ثم سألت نفسي ألا يعلم هذا السياسي من قتل كمال جنبلاط، وريمون إدة، ورفيق الحريري، وجبران التويني، وجورج حاوي، والقائمة طويلة، ناهيكم عن محاولات الاغتيال!

وأستطردت في التساؤل وسألت نفسي هذا السؤال، هل من المعقول أن يقبل هذا السيد هذه المهمةدون أن يسأل زميله وصديقه كوفي أنان عن حجم المأساة وجسامة الصعوبة في إيجاد رقعة مساحتها متر مربع واحد يستند إليها في تفعيل مهمته في الساحة السورية السياسية والدبلوماسية!

سألت نفسي السؤال التالي، يا ترى بماذا أجابه الامين العام السابق للأمم المتحدة، كوفي أنان، ألم يقل له لو إن ثمة بارقة أمل بدت على مسافة بعيدة من موقعه بمدى مليار كيلومتر وعلى هيئة ضبابية قاتمة حالكة السواد، لما ترك المهمة!

ألم يسأل هذا الدبلوماسي نفسه وهو الذي عارك الحياة بمهام صعبة متعددة على مدى عقود من الزمن، بماذا يتفارق عن سلفه، وبماذا يمتاز عنه، وعلى فرض إن ثمة quot; هذا الشيء quot; الذي يفاضل ما بين الاثنين، فهل ياترى سوف يصيخ بشار الاسد السمع لهذا الشيء، أم نظامه، أم ملالي طهران وقم، أم الخامنئي، أم روسيا والصين، أم حتى حزب الله، أو حتى نوري المالكي!

ألم يسأل هذا السياسي نفسه إن لافائدة ولا مرتجى من السياسة ولا من الدبلوماسية في العثور على بصيص quot; قشة واهية quot; من الضوء في هذه المحنة السورية، وذلك ليس لإن الاوضاع قد حفرت في الاعماق جرحاً لن يندملولن يلتئم بالمطلق، إنما لإن تلك الجهات السبعة لن تتنازل قيد إنملة عن مشروع مرصود له منذ عقود، ومحاك بأدق أسرار القوى الفاعلة في السياسة التحتية للكرة الارضية، ولذلك لاجهة من تلك الجهات سوف تتراجع، لإن لو تراجعت واحدة منها فقط لأستفاق العالم على سطوع شمس جديدة.

ثم سألت نفسي هذا السؤال، ياترى ألا يشاهد هذا الدبلوماسي إن الحرب الضروس الدائره الآن هي ما بين نظام لايريد ترك السلطة مطلقاً وبين شعب بكل فئاته وطوائفه وشرائحه وأفراده! إذ لو كانت تلك الحرب ما بين فئتين، النظام وفئة خاصة أو شرائح معينة أو تيار ما على سبيل المثال، لقلنا ربما تفيد الدبلوماسية في إيجاد حل ما ينقذ الشعب السوري من هذه الكارثة اللاطبيعية اللاإنسانية التي فاقت في حدودها وحدتها كل ما يلج في نطاق تصور أو خيال بشري.

والغريب إن هذا السياسي المخضرم لم يسأل نفسه عن السبب الفعلي في تمسك كل من إيران وروسيا والصين بهذا النظام! لإنه لو سأل نفسه، ولو لحظة واحدة بسيطة، لأمتنع عن القبول بهذه المهمة، لماذا ياترى؟ لندقق في الشأن الروسي فقط، فلكي تتشبث روسيا بالنظام السوري لامندوحة من أن يوجد شيء ما لدى هذا النظام يقدمه لها ويعجز الشعب السوري عن تقديمه لها، هذا هو الشرط الاول، والشرط الثاني هوعدم قدرة روسيا في الاستغناء عن هذا الشيء،فياترى ماهو هذا الشيء الذي كلما بحثنا عنه أبتعد عنا؟

مع العلم إنه تسنى لي في البدايات، وبمبادرة من شخصية سياسية أمريكيةوبترتيب من شخصيات بريطانية، أن أطرح السؤال التالي على شخصية سياسية روسية : ما الذي تريده روسيا من الثورة السورية؟

فكان الجواب مقتضباً وجيزاً، quot;روسيا لن تتخلى عن بشار ولا عن النظام quot;.

وطالما إن روسيا ( والصين وطهران وحزب الله ونوري المالكي ) لن تتخلى عن النظام السوري، وطالما إن الاوضاع قد آلت إلى هدم وتحطيم كل طاقات وقدرات ( الدولة السورية )، أفلا يحق لنا التساؤل عن أمر خطير وهو كيف يمكن لهذا النظام بعد هذا التحطيم الكامل أن تقدم ذاك الشيء المجهول المستحيل لروسيا!!

أفلا يعني ذلك إنه ينبغي البحث عن شرط ثالث يتضمن في ذاته الاسس التالية :

الاساس الاول : هو الحفاظ على النظام ولو على صورة هيكل.

الاساس الثاني : لايمكن ان يتعلق الامر بمفهوم الحق أو الموقف الصائب، أو الحفاظ على أمن وأستقرار المنطقةكما تدعي روسيا والصين.

الاساس الثالث : وجود أمر خطير لدى طرف آخر، طرف ثان ما عدا النظام السوري.

الاساس الرابع : لايمكن أن يكون هذا الامر الخطير في حدود المصالح المعهودة، ولا في إطار العلاقات الدولية الطبيعية ولا حتى في مجال الاستثنائية أو الشاذة منها.

الآن لو أحدجنا النظر في هذه الاسس الاربعة، أفلا يتسنى لنا أن ندرك مسوغات وأسباب الحيثيات التالية :

الحيثية الاولى : يقول السيد نوري المالكي quot; لن يسقط النظام في سوريا، ولماذا يسقط quot; وهو نفسه قد أقر قبل عدة أشهر من الثورة إن النظام السوري هو الممول الاساسي للسيارات المفخخة والتفجيرات الانتحارية في دولة العراق. وليت الامر توقف عند هذا الحد فإنه قد مول النظام السوري بخمسة مليار وثمانمائة وخمسين مليوندولار لسد العجز في الميزانية السورية. ولن نتحدث عن زيارة وليد المعلم له قبل فترة طالباً منه بيع البترول السوري بأبخس الاسعار!

الحيثية الثانية : يا ترى من يدفع ثمن الفيتو الروسي والصيني لثلاثة مرات! هل النظام السوري قادر على التسديد وهو بأمس الحاجة إلى من ينقذه من مأزقه! هل يستطيع مرفاً طرطوس أن يقوم بهذه المهة؟ وكيف؟ وهل سيبقى مستقبلاً لهذا المرفاً! إذن ينبغي البحث عند طهران، أفلا نستنتج من ذلك إن إيران هي التي تقوم بترتيب كل هذه المعطيات!

الحيثية الثالثة : لقد ألقى حسن نصر الله في هذا اليوم خطاباً بمناسبة يوم القدس وأكد إن طهران هي الدولة الاولى في محاربة ( إسرائيل )، وإنها قالت قبل أيام إن إسرائيل ما هي إلا ورم سرطاني سوف يزول ويجتث! فياترى هل إزالة هذا الورم السرطاني سيتم عن طريق تدمير كل مقومات الدولة في سوريا، تدمير مدن بكاملها، تحطيم الجيش السوري نفسه، ذبح الشعب بالسكين! ياترى من يقاوم إسرائيل يستخدم كل هذه الاسلحة الفتاكة ضد شعبه! أليست سوريا بحاجة إلى خمسين سنة لإستعادة جزء من عافيتها في مرحلة ما بعد بشار! ثم أليست إسرائيل هي الدولة الوحيدة ( شراكة مع إيران )المستفيدة من النظام السوري! ياترى من كان يحمي الحدود الاسرائيلية! ياترى من أنشأ تنظيم أحمد جبريل، وهل كان ذلك ولم يزل لضرب إسرائيل أم لتحطيم الوضع الفلسطيني!

بعد كل هذا، أليس من حقنا أن نسأل السيد الاخضر الابراهيمي هل فكرت ميلاً فيما ستقوله لبشار! وهل بمقدورك أن تقول لبشار إما رحيلك أو رحيل الشعب السوري، وإنه لم يعد ممكناً أي حل آخر!

ثم أليس واضحاً إن بشار لم يعد يملك حتى قرار التنحي عن السلطة لإنها بيد السيد خامنئي الذي لن يقرر ذلك أبداً، إذ لاتهمه إبادة الشعب السوري ولا تحطيم طاقات سوريا.

وأخيراً لم يبق أمام السيد الابراهيمي، مثل سلفه، إلا أن يعد المجازر القادمة، وكل ما نرجوا منه ألا يخطىء في العد!!